منذ اليوم الاول لسقوط النظام الدكتاتوري عام 2003 ولغاية الان قسمت مناصب الدولة المهمة بين الكتل السياسية ( الكبيرة ) وبقيت هذه المناصب حكرا لشخصيات هذه الكتل، لا يمكن اشغالها وان بقيت فارغة لفترات طويلة. وقد وصل الامر ان مجرد الاشارة الى هذه المناصب والنطق بها من قبل الوطنيين المخلصين يعتبر كفرا قد يجلب غضب السادة اصحاب المناصب. وربما يحصل ( للمنافسين ) ما لم تحمد عقباه من قبل هؤلاء السياسيين الذين هبطوا علينا بأمر ( رباني) وهم يضعون انفسهم فوق القانون وفوق الدستور ولا يد فوق ايديهم..
منذ عشر سنوات يصادف العراقي ما لم يصادفه كائن اخر في هذا الكون ، فقد خرب بلده وسرق ماله وهُدر دمه وهو يعيش الآن في ابأس مدن العالم، يحاصره الموت والامراض واللعنات. يحق له ان يرفل بالموت المجاني لكن لا يحق له ان يسأل لماذا يعيش في مدن غارقة بالجهل والامية والفساد وطمرتها مياه الامطار وقبح سلوك الكثير من السياسيين.. التقصير والاهمال واللامبالاة ديدن معظم مسؤولي المناصب الرفيعة في الحكومة العراقية. وحين تشير باصبعك لماذا لا يتم تغيير هذا المسؤول بشخص اخر يتصف بالمهنية والعلمية وبالشعور الوطني في خدمة بلده، يقال لك ان هذا المنصب هو من ملك الكتلة الفلانية (طابو ابدي) ولا يمكن تغييره وخارج السياقات الديمقراطية. وان تم التفكير باستبداله فيجب ان يخلفه زميل له من نفس الكتلة، حتى وان كان اميأ لا يجيد القراءة والكتابة وتحوم حوله شبهات الفساد من قمة راسه حتى اخمص قدميه. وحين تحاول ان تجادل اكثر يقال لك بان هذه الكتل قد توافقت على تقسيم المناصب منذ الساعة الاولى وبمباركة الاحتلال الامريكي وليس هناك من قوة في هذا العالم قادرة على ان تغير معادلة المحاصصة هذه والتي ابتلينا بها منذ نهاية النظام المباد ولحد هذه اللحظة ..
لقد تقاسم الطائفيون والعرقيون في غفلة من الشعب العراقي هذه المناصب وتقاتلوا في ما بينهم في الحصول على ادسم الوظائف الراقية، وكل كيان او حزب طائفيا كان ام عرقيا، لم يكن هدفه في الاستحواذ على هذا المنصب او ذاك خدمة الشعب العراقي بل كان، وضمن حسابات الربح والخسارة ، يعرف كم يدر عليه من اموال فاسدة تديم هيمنته على الجماهير المغلوبة على امرها، وتملأ ارصدة قادته في البنوك العالمية. فالجميع يسرق والجميع يضع رأسه في الرمال ، لا ارى احدا ولا احد يراني.
وقد وصل الامر ان سرقت مليارت الدولارات عبر مشاريع فاشلة ووهمية بانت في اختبارات بسيطة لم تكن آخرها موجة المطر التي هطلت على العراق والتي ازاحت القناع عن تخرصاتهم واحابيلهم وفضحت مقدار السرقات للمال العام في تنفيذ مشاريع اصبحت مدار تندر وسخرية من قبل المواطنين.
لكن رغم هذا فهؤلاء الطائفيون لا يستحون ولا رغبة لديهم بالتنازل عن أي منصب وهم يعلمون بانهم بعيدون عن طائلة القانون ولم يقدم احد منهم الى العدالة حتى يشعر المواطن باننا حقا في دولة يطلقون عليها دولة قانون..انهم ماضون في غيهم وهم يعدون العدة الان لانتخابات مجلس النواب الجديد، فالمناصب القديمة بيدهم حتى يوم القيامة وعيونهم على المناصب الاخرى. فالخراب في نظرهم يجب ان يكون شاملا وليس على جرعات..