التيار الديمقراطي يحذر من التردد في معالجة ثغرات هياكل الحكومة

طريق الشعب

حذر التيار الديمقراطي العراقي، يوم أمس، من استمرار حالات التلكؤ والتردد في معالجة الثغرات وبؤر الفساد والضعف وانعدام الكفاءة في هياكل الحكومة، والإصرار على اعتماد قواعد المحاصصة الطائفية الاثنية سيئة الصيت.
وفيما جدد دعوته لتصحيح بناء السلم الأهلي في البلاد عبر مصالحة برنامجية حقيقية، أكد ضرورة تحقيق أوسع اصطفاف سياسي وطني وديمقراطي ممكن في المجتمع، لمواجهة الأزمة.
جاء ذلك في بيان صادر عن المكتب التنفيذي للتيار تلقت "طريق الشعب" نسخة منه يوم أمس، وجاء فيه:
تابعت قوى وشخصيات وجماهير التيار الديمقراطي العراقي تطورات الأوضاع في بلادنا منذ اجتياح الجماعات الإرهابية المتمثلة بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وحلفائه لمناطق وبلدات في غرب وشمال العراق، والتهديدات التي تعرضت لها العاصمة وبعض مدن الوسط والشرق، وعبّرت، بمختلف الأشكال، عن مشاركتها في الحملة الوطنية، وتعبئة الإمكانيات في مواجهة الأعمال الإجرامية للإرهابيين، وبخاصة ما نجم عنها من نزوح جماعي للسكان وما عاناه النازحون من أوضاع متردية، وسوء خدمات، وحماية، وإنقاذ، ومن تجاهل وفساد وتلاعب مشين في أموال الدعم.
وإذ يشيد التيار الديمقراطي بالانتصارات التي حققتها القوات المسلحة والحشد الشعبي ضد عصابات داعش، وأوقفت تمددها في أكثر من محور، وأبعدت تهديداتها للعاصمة، وفككت الكثير من تشكيلاتها وخلاياها.. فالتيار الديمقراطي يرى بأن الكثير من الانجازات كان سيتحقق على الأرض، وسيقلل من الخسائر البشرية الكبيرة، ومن إهدار الثروات وضياعها، لو أحسن بناء تعبئة وطنية متوازنة وإبعاد الفاسدين والمهزومين والطائفيين والفاشلين عن ماكينة المعركة، والاهم، لو أعيد بناء هياكل القوات العسكرية والأمنية على أسس الولاء للوطن والشعب، بما يجنب?التدخل الخارجي ويضع المشاركة الدولية في حرب الإرهاب في موضع عدم المساس بالسيادة الوطنية، ويحول دون تدخلها في الترتيبات السياسية للدولة.
ان التيار الديمقراطي يحذر من استمرار حالات التلكؤ والتردد في معالجة الثغرات وبؤر الفساد والضعف وانعدام الكفاءة في هياكل الحكومة، والاصرار على اعتماد قواعد المحاصصة الطائفية والاثنية سيئة الصيت في اختيار وتعيين الملاكات الرئيسية للدولة ذات الصلة باخطر الملفات السياسية والامنية والاقتصادية والادارية، ويجري تعطيل متعمد، أو اهمال مبرمج، للكفاءات والخبرات العلمية الوطنية والمستقلة، الامر الذي اصبح نهجا خطيرا ومدعوما من الاطراف صاحبة المصلحة الفئوية بالمحاصصة، على الرغم من التصريحات الاعلامية، الاستهلاكية، ضد المحاصصة، من هذا الطرف، أو ذاك، وكل ذلك يغلق مسارات تصويب العملية السياسية ويجعلها، كما في السابق، عرضة للتوترات والشلل والانهيار.
وإذ تواجه البلاد أزمة اقتصادية خطيرة، وتبرز النتائج الكارثية للسياسات الاقتصادية العشوائية وقصيرة النظر السابقة، والتصرف غير الرشيد في وجوه الصرف على التعبئة ضد الارهاب واستشراء الفساد، فوق ما يتركه التراجع المفاجئ في أسعار النفط على العائدات العراقية التي تراجعت بنسبة حوالي 20 بالمائة خلال الشهرين الأخيرين، الأمر الذي يتطلب الكشف عن اوجه الانفاق التفصيلية خلال عام 2014 والتعجيل بإجراء مراجعة موضوعية وعلمية لاسباب ومعالجة هذا التدهور والتقليل من آثاره ووضع الخطط الوقائية الاقتصادية، وعدم القاء الآثار ا?ناجمة عن الازمة على حياة المواطنين والشغيلة واصحاب الدخول المحدودة والمستفيدين من مساعدات الدولة والعاطلين عن العمل، فضلا عن الحاجة الى وضع سياسة جديدة لادارة ثروة البلاد النفطية، بما يوقف الاهدار واعمال التهريب والتلاعب والاستخدام الافضل للعوائد.
وعلى الرغم مما حققته الهيئة البرلمانية من بعض الخطوات في رصد التجاوزات وملفات الفساد، والضغط باتجاه فتح الملفات الخاصة بالمخالفات التي ارتكبها ويرتكبها المسؤولون الكبار، وبخاصة في قضية النازحين، فان الضغوط التي تمارسها الكتل المتحكمة واركانها، تمعن في عرقلة المهمة الرقابية والتشريعية للبرلمان، وتمنعه من مراجعة السياسات العامة وشؤون وكوارث قواعد المحاصصة، كما تتهرب من مراجعة اوضاع الهيئات المستقلة واعادتها الى طبيعتها الدستورية كهيئات مستقلة احترافية تابعة للبرلمان.
وفي هذا السياق تتزايد الانتقادات والملاحظات الدستورية والمهنية على أوضاع السلطة القضائية وأدائها وبنيتها والقرارات الكيفية التي اتخذتها، وبات من الواجب إخضاعها للمراجعة وتأمين حمايتها من التدخلات والضغوط والإملاءات، من الحكومة والجهات السياسية المتنفذة.
في هذا الوقت، يجدد التيار الديمقراطي دعوته لتصحيح بناء السلم الاهلي في البلاد عبر مصالحة برنامجية حقيقية، تضع جانبا المحاولات السابقة للمصالحة التي غلب عليها الارتجال ومحاولات التكسب السياسي والنظرة الفئوية المحدودة، وذلك باعداد تصورات جديدة ونوعية لمصالحة مجتمعية تنهي الاستفراد بسلطة القرار وتهميش فئات سكانية، وتُحل مبدأ المشاركة والمصير المشترك ودولة المواطنة والمساواة محل التقسيمات والامتيازات الطائفية والإثنية، وتؤمن الحقوق الدستورية للقوميات واتباع الديانات والطوائف، وتضع مصدات امام التعديات على السكا? المسيحيين والايزيديين والصابئة المندائيين، والمضي قدما الى طي صفحات الاحتراب والاجتثاث السابقة ووضع قوانين حماية مجتمعية، تحرم اعتبار اي عراقي كمواطن من الدرجة الثانية.
إن تحقيق المسارات التي يدعو لها التيار الديمقراطي في مواجهة الارهاب وتعزيز اللحمة الوطنية والسير حثيثا على طريق بناء الدولة المدنية الديمقراطية تتطلب احداث انعطاف في الوعي المجتمعي نحو مبادئ وقيم المواطنة والهوية الوطنية والجامعة ونبذ التعصب والانكفاء نحو الهويات الفرعية، وتحقيق اوسع اصطفاف سياسي وطني وديمقراطي ممكن في المجتمع، وهذا ما تسعى اليه قوى وشخصيات التيار الديمقراطي من دون كلل عبر الانفتاح الواسع تجاه قوى المجتمع العراقي الحية والعمل سويا باشكال وصيغ عمل وتعاون متنوعة والسعي لأن تستقطب إلي العمل المشترك اوسع مشاركة ممكنة من سائر هذه القوى والشخصيات .