الاختلاط في مدارسنا.. تجربة إنسانية رائدة / حسين علي ناصر


وجدت المدرسة منذ تأسيسها في عراقنا الحبيب، بيتاً يضم اطفالاً صغارا، هم عماد وجودنا، اناثاً وذكورا، ينهلون من معين العلم و المعرفة، لمستقبل واعد، وينتظرهم مجتمع يرحب بما تعلموه لفائدتهم وفائدة وطنهم.
لا يمكن للحياة ان تستمر وتزدهر من دونهم، لذلك تسعى الدول المتقدمة والمتطورة إلى إسعادهم وتنمية مواهبهم، فمقياس تقدم الأمم والمجتمعات هو اهتمامها بأبنائها لذلك نرى مدارسنا تضم ذكوراً واناثاً وهم يتعلمون ليحققوا النجاح.
ان التربية المنزلية السليمة والمتنورة تجعل الطفل متلائما ومنسجما مع المحيط الجديد الذي سيدخله عندما يلتقي بأقرانه الصغار ويعتبرهم اخوة له، ومن خلال غرس السلوك الجيد والتوجيه السليم للعائلة، سيساعده على التأقلم والإطمئنان للأخرين.
الأساليب التربوية الناجحة التي تتبعها المدرسة تترك أثراً فعالاً في نفس الطفل، ولا يشعر بغربة حين يجلس مع زميله في الصف لممارسة الألعاب والدراسة والمشاركة في الأنشطة المدرسية ويعيشون جواً من الحب والاحترام وتكوين صداقات وزمالة، هكذا عاشت الإجيال السابقة في العراق.
وفي ظل الرعاية من قبل معلمي ومعلمات المدرسة، يجب العمل على تقويم سلوك ابنائهم التلاميذ، رغم ان كل تجربة تربوية ربما تمر ببعض الإخفاقات، ومن الممكن إصلاحها عن طريق اتباع النهج والسلوك التربوي الناضج والحضاري وبذلك نجعل من مدارسنا مكاناً ينعم فيها أولادنا بالاستقرار النفسي والعاطفي، بعيداً عن استعمال الأساليب غير المتحضرة، والتي لا تنسجم مع تطور المجتمع، فحين حدوث بعض المشاكل في محيط المدرسة، يجب إتباع الأسلوب المناسب في التعامل مع الطفل، لتجنب جعله عنصراً متمرداً وعدائياً وبالتالي تفتر رغبتهِ بالدراسة.
وللنشاط المدرسي دورٍ مهم وفعال في حياة التلاميذ ونأخذ نموذجاً تربوياً واحداً في السفرات المدرسية التي تقوي وتنمي وتعمق العلاقات الأجتماعية مع الأخرين بعيداً عن الجو الدراسي الذي عادة ما يغلب عليهِ الطابع الجدي والنظام الصارم ولا يعطي الحرية للتلميذ، فيجد في السفرات المدرسية طقساً جديداً في ممارسة حريته بأسلوب صحيح تحت اشراف مربيهم، وعندما تخبر ادارة المدرسة تلاميذها بوجود سفرة مدرسية يفرحون ويقبلون عليها برغبة وحب، يقوم معلمو المدرسة بتنظيم قوائم بأسماء التلاميذ وركوبهم في حافلات خاصة.
في إحدى السفرات المدرسية، التي يجب ان تترك اثراً ايجابياً في ذاكرة التلميذ، واثناء ركوب التلاميذ، رفضت إحدى الطالبات جلوس زميل لها في المقعد الذي بجانبها، قلت لها ان "هذا اخوكِ مثلما هو في البيت ونحن عائلة واحدة"، ردت بان "بابا لا يقبل ان يجلس معي ولد".
هذه احدى الحالات التي تجعل من العلاقات الأنسانية حالة مؤلمة ، يجب على الأباء تعليم بناتهم وابناءهم الثقة بالنفس، والتعامل مع الأخر بود واحترام، لان هذه العقد من الجنس الاخر ستنمو وتتواصل الى الدراسة الثانوية والجامعية، فكيف ستتعامل معهم اذا كانت هذه النظرة للعيش مع الاخرين.