المرأة العراقية بين مآسي الماضي ومعاناة الحاضر وتطلعات لغد افضل*

يحتفل العالم في الثامن من آذار من كل عام بيوم المرأة العالمي. هذا اليوم الذي نقف فيه إجلالا للمرأة، صانعة الاجيال وشريكة الرجل في بناء المجتمع، والاحتفاء بيومها الاغر في احتفالية قد تغيب عنها مظاهر البهجة والفرح في ظل ماتعيشه في ظل انتهاكات فظة لكرامتها وحقوقها المشروعة . يمر الثامن من آذار هذا العام، كما مر في الاعوام السابقة، وسط تصاعد الخوف والقلق حيال ما يواجهه العراق من مخاطر المرحلة وتحدياتها المخيفة على الامن الوطني والسلم الاهلي والتعايش المشترك في ظل ضعف سلطة الدولة وفشل مؤسساتها وتفشي ظاهرة الفساد السياسي والمالي والاجتماعي وغياب الرقابة وقانون ردع ومحاسبة المقصرين بسبب نظام المحاصصة الطائفية والحزبية والفئوية سيئة الصيت التي انتهجها الحكام الجدد بعد 2003 , حتى وصل الامر الى سيطرة عصابات الارهاب الداعشي على ثلث العراق ووصولها الى مشارف بغداد وما رافق ذلك من انتهاكات وجرائم بحق الشعب العراقي بكافة قومياته ومذاهبة واديانه واعراقه. وكان للمرأة العراقية القسط الاكبر في تحمل هذه الانتهاكات والجرائم البشعة. وما يؤسف له ان دائرة الانتهاكات والمعاناة التي تواجهها المرأة في تصاعد مضطرد ومتواصل في ظل اتساع دائرة الفوضى في العراق والمستقبل المجهول الذي يكتنفه مصيرالدولة ومؤسساتها.
واذا كانت المرأة العراقية قد عانت منذ ثمانينات القرن الماضي من مختلف انواع الظلم والقهر والتعسف والانتهاكات والمصاعب في ظل ماسببته الحروب العبثية التي شنها النظام البائد والحصار الدولي على الشعب العراقي وما خلفه من مشاكل ومعاناة للاسرة العراقية، فقد تحملت المراة العراقية الصابرة اعباء ذلك بكل تجلياته. لكن ما تعانيه المرأة العراقية اليوم يفوق في بشاعته وحجمه كل تلك المعاناة والانتهاكات، وهي المرأة ذات التاريخ المشرف، والمشاركة الفاعلة في حركة تطور وبناء المجتمع العراقي .
لقد ساهمت المرأة العراقية، ومنذ تاسيس الدولة العراقية في عشرينات القرن الماضي، جنبا الى جنب شريكها الرجل في بناء الدولة العراقية، وكانت رائدة في نهضتها الفكرية وعطائها للمجتمع في جميع الميادين الثقافية والسياسية والاجتماعية والفكرية، ومن الرائدات في نشرحركة النهضة النسوية من خلال تاسيس المنظمات والجمعيات النسوية ومشاركتها الرجل في تاسيس حركة المجتمع المدني في العراق. وقد استفادت المرأة العربية من خبرات وتجارب المرأة العراقية المتميزة ما اثر ايجابا في اتساع وتنامي حراكها المدني وزيادة وعيها وتأثيرها في المجتمعات العربية التي تعيش فيها بصورة عامة.
اننا في الجمعية العراقية لحقوق الانسان في كندا، في الوقت الذي نبارك للمرأة العراقية يومها العالمي ونتضامن معها وهي تواصل عطائها وتعزز نضالها من اجل بناء عراق تسودة العدالة الاجتماعية والمساواة واحترام حقوق الانسان وضمان حريتها وحقوقها الانسانية المشروعة، نطالب السلطات العراقية الثلاث الى العمل سريعا على وضع رؤية اصلاحية وطنية في اطار عملية الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي الشامل في البلاد, تضمن الاستفادة من طاقات وخبرات وامكانيات المرأة في عملية صنع القرار واتاحة جميع الفرص لها للمساهمة في مؤسسات الدولة العراقية على اساس مبدأ المساواة والعدالة الاجتماعية وتامين الموارد والمستلزمات الضرورية في تطوير خطة إستراتيجية وطنية لايقاف العنف والاضطهاد ضدها، تحت اية مسميات كانت او ذرائع واهية، وتجريم جميع الممارسات التي تنتهك حقوقها وتسيئ الى كرامتها، واطلاق حملات التوعية والتثقيف وتنظيم المهرجانات لتكريمها والاشادة بدورها الرائد في بناء المجتمع وترسيخ مبادئ احترام حقوق الانسان .
تحية للمرأة العراقية الصابرة والصامدة والمناضلة، والتضامن الكامل معها من اجل نيل حقوقها وكرامتها في عراق يسوده الامن والامان والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الانسان.
* بيان الجمعية العراقية الكندية لحقوق الانسان في يوم المرأة العالمي
تورنتو في الثامن من آذار (مارس) 2016