بعد الردة السوداء عام 1963 كنت اشتغل عاملاً في البناء في الكاظمية وبأمر من الحزب شاركت مع رفاقنا والجماهير التي طالبت بحماية الثورة من المرتدين بالتوجه الى القائممقامية لفرض السيطرة عليها واطلاق سراح السجناء من سجن الشرطة ومن ثم التوجه الى مديرية الشرطة وهناك حدث تبادل اطلاق النار باتجاه الجماهير المنتفضة فسقطت احدى الرفيقات شهيدة وتمت السيطرة على مركز الشرطة والاستيلاء على السلاح وكانت هناك مواجهة شرسة بين قوات الشرطة والجماهير سقط على اثرها عدد من الشهداء وطلبوا منا التبرع لاخلاء جثث الشهداء وتزويد المقاتلين بالسلاح.
وتبرعت انا ومعي شخص آخر أسمه (علوان غركان) وقمنا باخلاء جثث الشهداء ونقل المصابين الى خلف المديرية ومن ثم نقلهم الى المستشفى وكذلك قمنا بتزويد المقاتلين بالسلاح.
وبدأت المعركة من الساعة العاشرة صباحاً حتى وقت العصر ومن رفاقنا من ساعدوا بالسيطرة على مركز الشرطة كان احدهم يملك دكاناً فجلب من داره لحافاً وسكب عليه النفط وقطعه وبدأ يرميه على بناية الشرطة مما تسبب بدخان كثيف. في الساعة الرابعة توقف اطلاق النار من قبل الشرطة , فهرعنا الى داخل البناية ووجدنا عدداً من الشرطة القتلى وصعدت الى الطابق الاعلى ووجدت شخصاً بيده مسدس ويصرخ ( دخيلكم ودخيل عبد الكريم قاسم ) وغرفته ممتلئة بالاطلاقات وبقايا الرصاص .
واتضح انه مدير الشرطة وتم تطويقه والتعامل معه بطريقة انسانية وطلب ماء فجلب له احد الرفاق وسقاه الماء وكانت ملابسه ملطخة بالدماء.
وكان هناك عريف (سعيد) لم اشاهده خلال فترة اقتحام مركز الشرطة ثم اتضح ان هناك امراة عجوز وهي جارته قد اخفته لمدة يومين ولكن بعد ايام وجيزة ظهر مع مفرزة الحرس القومي ليتصيد من الشيوعيين والوطنيين. وبعد السيطرة المطلقة على مدينة الكاظمية توجهت دبابات ترفع صور الزعيم عبد الكريم قاسم واستقبلناها بالتصفيق والهتاف ولكن ما ان استقرت في المدينة حتى نزعوا صور الزعيم وبدأوا باطلاق الرصاص على الجماهير، فعرفنا انها حيلة للايقاع بالشيوعيين والجماهير ومن المواقف التي اشهد بها هي شجاعة الرفيق سعيد متروك الذي قاوم قطعان الحرس القومي اكثر من ثلاثة ايام دون كلل وكبدهم خسائر كبيرة ولكن بعد ان امسكوه اعدموه على احد جدران المدرسة وانا كنت حاضراً في هذه العملية الدنيئة. بتاريخ 14/2/1963 داهمت اجهزة الشرطة داري واعتقلوني مع اخي صباح حسين كاظم من قبل عريف الشرطة ( سعيد) وتعرضت في حينها الى ابشع انواع التعذيب وتم توقيفي في معسكر خلف السدة، وكان في حينها موقف مدير الشرطة شريفاً حينما قال انني لا أنسى موقف الشيوعيين معي الذي انقذني من الموت وبعد التحقيق بقيت لعدة شهور معتقلاً واطلق سراحي بتاريخ 15/8/1963.