المشي .. إكسير الحياة / د. مزاحم مبارك مال الله

توصل العلماء والأطباء من خلال البحوث والدراسات وعلى مدى عشرات السنين وفي مختلف انحاء العالم، الى قناعة تامة وبصورة علمية مطلقة، الى ان ممارسة المشي (وفق الاسس والضوابط العلمية الصحية)، هي سر من اسرار ديمومة الحياة، لذلك فهم يوصون بها ويرشدون الناس الى ممارستها، حيث يبلغ خلال المشي حرق السعرات الحرارية حدوده القصوى كونه نشاطا مستمرا وهو مرتبط بالحياة اليومية ويمكن ممارسته في اي وقت وفي اي مكان.
ان رياضة المشي هي الوحيدة الخالية من اية خطورة بالنسبة للبدينين وغير البدينين، المرضى والأصحّاء، وفي نفس الوقت فهي افضل رياضة تقي من سرعة الشيخوخة، حيث تبقي وظائف الجسم الرئيسية عاملة، الدورة الدموية والجهاز التنفسي والهيكل العظمي والجهاز العضلي اضافة الى الصحة العقلية، والمشي لا ينقص الوزن فقط او انه صحي لأجهزة الجسم كلها بل انه يطيل العمر ويتيح العيش في صحة افضل.
ويُعدُ المشي رياضة سهلة وبسيطة وفاعلة في تحسين قوة وقدرة الجسم، فهو ليس بركض ولا هو بالسير البطيء او المريح، ولكنه نوع من انواع الحركة، تتداخل فيها وظائف مختلف اجهزة الجسم (الهيكل العظمي، العضلي، الدوران، العصبي)، وبالتالي فان المشي يعني من الناحية العملية تحفيز ونتاج عمل كل اجهزة الجسم. الاّ ان مسؤولية تلك الأجهزة لإنتاج المشي تختلف بنسبة بسيطة بين جهاز وآخر ولعل المفاصل والعضلات تقع عليهما المسؤولية الاساسية.
أ‌) العضلات الرئيسية في المشي هي تلك التي يُطلق عليها (حمالات الأثقال) وتحرق العدد الأكبر من السعرات الحرارية وتشمل:
أولاً ـ العضلتين رباعيتي الرؤوس الموجودتين في مقدّمة الفخذين وتتكفلان برفع الفخذين الى الاعلى وتدفعان الفخذ والرجل الى الامام.
ثانياً ـ العضلات الموجودة في الجهة الخلفية من الفخذين والتي تحرك الرجلين الى الوراء.
ثالثاً ـ عضلات الردفين وهي عضلات ضخمة، مهمتها إكمال الحركة الخلفية للخطوة.
رابعاً ـ عضلات البطن عبر تقلصها في كل خطوة الى الامام.
خامساً ـ عضلات الساقين، وهي اصغر وأنحف من سواها لكنها من أكثر العضلات تحملاً للعبء في الخطوات.
ب‌) اما العضلات الثانوية فتشمل:
اولاً ـ عضلات الحوض التي تشكل محيط الحوض عندما يكون الجسم منتصبا.
ثانياً ـ العضلات الامامية المتناظرة امام عضلات الساقين، ومهامها رفع القدم الى أعلى كي لا تنبسط على الارض عندما تقوم بالخطوة.
ثالثاً ـ عضلات الذراعين والكتفين وتسهم بنسبة اقل في عملية المشي.
ولأجل بلوغ ما نصبو اليه من رياضة المشي فعلينا اتباع الضوابط الصحيحة في ممارسة هذه الرياضة وهي:
1. أن تكون الخطى واسعة مع تحريك الذراعين وباتجاه معاكس لحركة القدمين.
2. ان يلامس مشط القدم الأرض قبل الأصابع والكعب.
3. أن يكون المشي بصفة منتظمة وبشكل يومي (الافضل خمس مرات في الأسبوع) وتتم زيادة مدته تدريجياً.
4. محاولة شفط البطن الى الداخل قليلاً مع انتصاب العمود الفقري (دون انحناء).
5. عدم التوقف في الفترة المخصصة لممارسة هذه الرياضة الاّ عند الإحساس بعدم القدرة على التواصل خصوصاً الذين يعانون بعض المشاكل الصحية والمسنين تحديداً.
6. ان تكون المعدة فارغة.
7. يُفضل ممارستها في وقت الفجر او بعد الاكل بثلاث ساعات.
هناك كثيرون، يفضلون ممارسة هذه الرياضة على الحزام الكهربائي وهذا يتطلب:
1. رفع الرأس والنظر الى امام وعدم الانحناء.
2. انزال الكاحل اولاً وعند رفع القدم يجب رفع طرفها.
3. زيادة سرعة الجهاز يجب ان تكون تدريجياً.
فوائد المشي:
تتحقق اهداف المشي من خلال السرعة في أدائه وليس في مدته.
1. إنقاص الوزن من خلال حرق السعرات الحرارية، مبدئياً فالمشي لمسافة 1,5 كم سيحرق 100 كالوري (الكالوري هي وحدة السعرات الحرارية).
2. التخلص من التوتر والتقليل من الغضب والاكتئاب وتعزيز مستويات الثقة بالنفس ويساعد على افراز هورمون الشعور بالسعادة، فقد اشارت الابحاث العلمية الى ان عملية الشهيق والزفير والتي تكون بوتيرة اسرع من المعتاد، تسهم في الاسترخاء وتهدئة الاعصاب والتخفيف من الضغط النفسي.
3. يجدد النشاط ، ويحسّن الصحة الجنسية.
4. يرفع القدرات العقلية كالتركيز والاستيعاب وتنشيط الذاكرة بنوعيها القريبة والبعيدة.
5. يقوي عضلة القلب وينشط الدورة الدموية ويساعد على ضغط دم متوازن.
6. يزيد مساحة التنفس بوتيرة منتظمة من الاوكسجين ما يساعد على التخلص من فضلات خلايا العضلات.
7. يفيد في التخلص من الارق.
8. يحارب الانفلونزا والرشح والزكام.
9. يقوي العضلات والعظام والمفاصل من خلال الاستفادة القصوى من وظائف تلك الأنسجة فالمشي نصف ساعة لمدة خمسة أيام في الأسبوع ينعش العضلات، ويخفف من الالام والأوجاع كما انه يشد عضلات البطن، والردفين والفخذين.
10. يقلل من احتمالية الاصابة بالإمراض الخبيثة وهشاشة العظام ومن السمنة التي تسبب العديد من الامراض الاخرى كداء السكري من النوع الثاني.
11. يقلل من كمية الكوليسترول الضار ويزيد من كميته المفيدة.
12. يمنح البشرة نظارتها.
13. يفسح المجال امام الذات للاختلاء والتفكير واتخاذ القرارات الشخصية المناسبة.
ان المشي لا يكلف الإنسان اي مبلغ من اجل استعادة نشاطه وحيويته من اجل الحصول على الفوائد اعلاه وكل ما يتطلبه الامر هو الارادة والقرار والمطاولة. لقد أصبحت ممارسة هذه الرياضة المفيدة والمهمة ثقافة على مستوى مختلف الشعوب وان اشاعتها بين الناس وزيادة اعداد ممارسيها، دليل نمو ثقافة وتطور وعي ذلك المجتمع.