وثائق وبيانات

بيان الحزب الشيوعي العراقي في الأول من أيار ... المجد كل المجد للأول من أيار، عيد العمال العالمي

في الأول من أيار من هذا العام، تحل الذكرى (131) لمأثرة عمال شيكاغو، بعد ان غدت رمزاً يجسد نضال الطبقة العاملة العالمية، وتضامنها الأممي، ومثلها الثورية في سبيل الديمقراطية والسلام والتقدم الاجتماعي.
ومثل أشقائهم في بلدان العالم الأخرى، يحتفل عمال العراق وكادحوه، بهذه المناسبة الملهمة، وهم يستذكرون بفخر واعتزاز كبيرين، تاريخهم النضالي الحافل بضروب الشجاعة والأقدام، دفاعاً عن قضية الشعب والوطن، وعن مصالحهم الطبقية، وحقوقهم السياسية والنقابية، ومن اجل ظروف عمل وحياة أفضل. ذلك التاريخ الذي سجل بأحرف من نور، مآثر وبطولات وتضحيات طبقتنا العاملة في إضرابات أصحاب الصنايع، والموانئ والسكك والسكائر، والنفط، و"كي ثري" وكاورباغي، والنسيج، والزيوت، وملحمة العمال في ساحة السباع وغيرها. كذلك إسهاماتها البارزة في ثورة الرابع عشر من تموز 1958، ولاسيما بعد الإقرار الرسمي لشرعية العمل النقابي، وأجازة اتحادها العام، وتبني الأول من أيار عيداً للطبقة العاملة العراقية.
وفي ظل الأنظمة الدكتاتورية والاستبدادية التي تعاقبت على السلطة في العراق، بعد انقلاب شباط الأسود سنة 1963، واصلت الطبقة العاملة نضالها مع أبناء شعبنا في ظروف غاية في التعقيد والصعوبة والقمع الدموي، لاسيما في حقبة النظام الديكتاتوري المقبور ونهجه المدمر.
بعد رحيل النظام الفاشي، سارع الكثير من أبناء الطبقة العاملة العراقية إلى حماية العديد من المنشآت والمرافق الإنتاجية، والمعامل والمصانع من عبث العابثين، وضعاف النفوس، وقدموا أمثلة رائعة في الحرص على أن تواصل تلك المؤسسات عملها وإنتاجها، وحفاظاً على ثروات الوطن وممتلكات الشعب.
وفي الوقت الحاضر، يكتسب نضال الطبقة العاملة، أهمية وطنية وطبقية، رغم ظروف نضالها الشاقة، وتفشي البطالة في صفوفها، وتوقف الدورة الاقتصادية، وعجلة الإنتاج، ومحاولات فرض سياسة الخصخصة على مؤسساتنا الوطنية الإنتاجية وعدم توفير الخدمات العامة، وشيوع ظاهرة العقود المؤقتة والأجور اليومية لعشرات الآلاف من العمال الذين لاضمان فيها لحياتهم ومستقبلهم، ومحاربة التنظيم النقابي ومنعه في القطاع العام، والسعي المحموم إلى فرض الوصاية والهيمنة والتسلط عليه والتدخل الحزبي الضيق في شؤونه، والأخطر من كل ذلك محاولات شق صفوف الطبقة العاملة طائفياً وقومياً، لإضعاف دورها في الدفاع عن مصالحها الجذرية، وفي إعادة بناء العراق الديمقراطي المزدهر.
بيد أن طبقتنا العاملة العراقية، وبما تمتلكه من وعي سياسي وطبقي، وخبرة غنية في مجال العمل النقابي، تدرك بوضوح، أن النجاح في تأمين حقوق أبنائها وحرياتهم الديمقراطية والنقابية، وبناء التنظيم النقابي في القطاع العام وحماية الصناعة الوطنية في قطاعات العمل العام والخاص والمختلط، ومنع خصخصة القطاع العام، وتوفير الخدمات العامة، والدفاع عن حقوق ومكتسبات المرأة العاملة وضرورة مساواتها في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والنقابية كافة، وحل مشكلة البطالة، وإصدار قانون عادل للتقاعد والضمان الاجتماعي، ومكافحة الفساد المالي والإداري، وشمول العاطلين عن العمل بالرعاية الاجتماعية وغيرها من القضايا الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي يعانيها عمال وعموم شعبنا العراقي، لايمكن تحقيقها في ظل الأزمة الخانقة التي يعيشها بلدنا، بسبب المحاصصة الطائفية الاثنية اساساً، والتي تعمل القوى المتنفذة على تأبيدها، وقمع المعارضين لها.
إن الحل الأمثل لهذه الأزمة المركبة، إنما يمكن في تغيير موازين القوى السياسية والاجتماعية لصالح القوى المدنية والديمقراطية، التي تناضل من اجل الإصلاح والتغيير، وتخوض حراكاً جماهيرياً يتسع يوماً بعد آخر، منذ أكثر من عشرين شهراً، وهو يطالب بنبذ الطائفية السياسية، ومكافحة الفساد المالي والإداري دون هوادة، والقضاء التام على الإرهاب والإرهابيين، وتوفير الخدمات الضرورية للمجتمع من ماء وكهرباء وصحة وتعليم وسكن لائق، وضمان حقوق العمال والفلاحين وسائر كادحي شعبنا. وتأمين العيش الرغيد لهم، وحماية الحريات العامة والشخصية من الانتهاكات والتطاول عليها، فضلاً عن النضال من اجل قانون انتخابي عادل، ومفوضية انتخابات مستقلة حقاً، وبالتالي بناء دولة المواطنة، دولة جميع العراقيين دون تمييز.
إن الحزب الشيوعي العراقي، وهو يهنئ طبقتنا العاملة بعيدها الأممي، يؤكد مجدداً تضامنه ودعمه الكامل لمطالبها المشروعة، ومطالب حركتها النقابية في التطبيق الفعلي لقانون العمل الجديد رقم 37 لسنة ٢٠١٥، واصدار تشريعات خاصة بالتنظيم النقابي والمهني.
كما يدعو الحزب الى إصدار التشريعات الخاصة بتمثيل العمال في مجالس إدارة المشاريع والمؤسسات الاقتصادية، والحكومية منها على وجه الخصوص، بما يؤمن مشاركة التنظيمات النقابية العمالية في رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية.
ويدعم الحزب الجهود الراهنة لتوحيد الحركة النقابية وانهاء حالة الانقسام في صفوفها، ويثق ثقة تامة بأن طبقتنا العاملة العراقية صاحبة الأمجاد النضالية والتضحيات الجسيمة ستبقى في الطليعة بين قوى شعبنا الحية، المناضلة من اجل الغد الأفضل للعراق وشعبه، وستسهم بفاعلية اكبر وإصرار أقوى في الحراك الجماهيري المفضي لا محالة إلى اقامة الدولة المدنية الديمقراطية تحت راية العدالة الاجتماعية.
عاش الأول من أيار مناراً هادياً لكل السائرين على طريق بناء مستقبل أفضل للبشرية جمعاء.
عاشت الطبقة العاملة العراقية والخلود لشهدائها، وشهداء شعبنا الأبطال.
أواخر نيسان 2017