شهداء الحزب

شهيد من نرجس.. الشهيد أبو لينا (سعيد خليل) / ئاشتي

الشهيد الذي كلما حاولت أن أكتب عنه، تأخذني على جنحها غيمة بيضاء من ذكريات، تطوف بي في سماء صبرا ببيروت، وتأخذني إلى حقول البيرة في بقاع لبنان، ثم تعود بي مسرعة (ولربما أسرع من زخة الرصاص التي اخترقت صدره) إلى الشريط الحدودي في (گلي كوماته) حين كنا نداري شحة الحياة بالغناء والابتسام، وهذه الحالة تعودنا عليها يوم كنا في المقاومة الفلسطينية حيث سكنا في قرية البيرة، أيقنت الآن من أن للشهيد صفات لا يملكها غيره، كل الذين استشهدوا من مجموعتنا يحملون شذى هذه الصفات، عباس ابو سباسيبا، أبو كريم، أبو إيمان، أبو هديل، أبو ازدهار ديالى، أبو يوسف، هل خذلتني الذاكرة ونسيت أخريين؟ ربما ولكنني لم أنسَ (أبو لينا أبو عيون الزرگ) عشنا تلك الفترة وكأننا شخص في مجموعة، ينزل كل أربعة منا إلى بيروت في إجازة، ويأتوننا بتفاصيل الحياة هناك، ربما كان أكثرنا مكوثا هو الرفيق أبو لينا بفعل العارض المرضي الذي عانى منه، ولكن بعد أن تحسنت حالته عاد إلى السرية وهو يحمل الفرح والحب في مسامات جسده.
التقينا جميعا في كردستان، توزعنا على ثلاث سرايا في كلي كوماته، كان أبو لينا في فصيل المقر، لا يبعد عن سريتنا أكثر من ثلاث دقائق، كانت الفكاهة من أجل خلق ابتسامة على الشفاه في ظل الجدب القائم تبدو مهمة الجميع، والدور الأكبر فيها للشهيد أبو كريم وأبو روزا، كان أبو لينا يساهم في انتشار أية بادرة للفكاهة، تسع كانت السنوات، انتقلنا خلالها إلى مواقع وأماكن مختلفة ولكننا كنا حين نلتقي كأننا ما افترقنا هذه السنة أو تلك الأشهر، دارت بنا السنوات، وإذا بنا نلتقي ثانية في( گلي مراني) لقاؤنا لم يدم طويلا فقد بدأت الأنفال، وليس لنا غير نتعاضد أكثر لكي نتجاوز تلك الأزمة، تجولنا فوق قمم جبل (گارا) كان الحصار العسكري يطوقنا، وبعد أكثر من 14 يوما، تم اتخاذ قرار بتشكيل المجاميع العشرية، كان أبو لينا ضمن المجموعة الثانية التي عليها التحرك إلى دشت الموصل، أَسَرَ لي قبل أن يتحركون مساء من أنه ينوي النزول إلى الداخل، لهذا تم منحه مبلغا من المال ووثائق ثبوتية، ربما كانت هذه الرغبة تحاصر الجميع، ما الذي نفعله في مناطق بلا بشر؟ أبو لينا كان يحلم بمدينته الديوانية، لهذا كان متحمسا للذهاب مع هذه المجموعة التي أستشهد فيها الرفيق ابو أيار( فؤاد يلدا)، هل بكى عليه كثيرا؟ هل حزن وأكتئب؟ هل تسرب اليأس إلى روحه؟ ربما نعم، وربما كره الحياة لهذا ترك بندقية الحزب وحقيبته والمبلغ الذي استلمه وذهب ليلتحق بموكب(أبو أيار) كان ذلك يوم 13 سبتمبر 1988
تلويحه أنصارية
إلى لينا وزينة
كان أبوكما لا يحلم بغير جنة تضمكما في حدائقها
لهذا يفكر بكما كثيرا
أنا على ثقة من بقناعته من أن رفاقه لم ولن يتخلون عنكما
لهذا أنتما في قلوب جميع الأنصار وأرواحهم.