ادب وفن

الطبيب والفنان المبدع.. كتاب جديد للتكمجي (2-2) / إبراهيم السواعير

البعد الواحد

يذكر التكمجي أن قتيبة كان متعدد الاهتمامات، ومنها اهتمامه بالحرف العربي ونشأته وتطوره وأهميته الفنية، وهو ما شكل إحدى نشاطاته الإبداعية، نظرياً بكتاباته العميقة حول هذا الفن وعملياً باستخدام هذا الأسلوب في عدد من لوحاته. لذلك فقد انضم إلى جماعة "البعد الواحد" وأسهم في معارضهم وكتاباتهم، إذ ينقل التكمجي عن الفنان شاكر حسن آل سعيد قوله بأن قتيبة من الفنانين القلائل الذين ربطوا إنجازهم بالتنظير.

الإنسان والجدار

يشرح التكمجي أن لوحات معرض قتيبة "الإنسان والجدار" إنما تعبر عن قسوة الظلم والعبودية والإرهاب ضد الإنسان، في كل مكان، وخاصة في العراق في ذلك الوقت. فهي صور بتعابير مؤلمة وحزينة، حيث إنسان بين جدارين لا يقدر على إنقاذ نفسه، وحائط يميل على إنسان يحاول التملص من ثقله وخطره، وإنسان مكوّر حول نفسه لا يشبه الإنسان فهو فاقد لإنسانيته وشخصيته وحريته، وهو ما وجده التكمجي تعبيراً في ظل دكتاتورية وبربرية وهمجية ذلك العهد.

فنان التصوير والبوستر

يشرح التكمجي ولع قتيبة بتصوير المناظر الطبيعية والشجر والأغصان والعمارات والفراشات والتماثيل، ويذكر التكمجي أن سلايدات كان قتيبة يعرضها له ولأصدقائه بواسطة آلة عرض أوتوماتيكية "رأيناها لأول مرة"!. ويذكر أن قتيبة كان يصور قطرات الماء من أعلى إلى أسفل بعد تسليط الضوء عليها، مثلما صوّر الزجاج الأمامي لسيارة ابنته "متكسراً" بعد تعرضها لحادث سير، وكان مع لهفته على ابنته متلهفاً جداً لالتقاط منظر الزجاج للتو. يقول التكمجي إن قتيبة صور عين الفنانة ليلى العطار "المشهورة بسعة عينيها" ورسم رسماً زيتياً حولها، بمعنى أنه دمج بين التصوير والرسم. هذا عدا ولعه بالمتاحف وما تحتويه من نوادر تصبح صوراً مهمة لديه. هذه الصور والأعمال الفنية المختزنة في ذهن قتيبة كان كثير منها من تركيا ومن أهوار العراق بدعوة من عبدالرزاق زبير "في رحلة زامله فيها التكمجي وزوجته باسمة البحراني وزوجة قتيبة د.سميرة بابان ود.رافد صبحي أديب وزوجته كريستيل ود. مهدي مرتضى وزوجته باسمة الظاهر".
يذكر الدكتور التكمجي أن محاضرات قيمة لقتيبة حول تطور الفن العراقي منها محاضرته ببيروت في سبعينات القرن الماضي وعرضه 200 سلايد في هذا الموضوع. بالمقابل يشرح التكمجي عن فن البوسترات عند قتيبة وخبرته فيه، من ملصق إعلاني تجاري وفني منذ ولادته 1966 وتطوره على يد الفنانين الانطباعيين إلى إعلام آيديولوجي، واستخدامه بعد الثورة السوفييتية كلغة جماهيرية، حيث 1919 تعتبر سنة ميلاد الملصق السياسي، ومثل هذا التطور في كثير من دول أوروبا كما نقل التكمجي عن قتيبة من واقع محاضرات شهدها له. وفي ذلك يشير التكمجي إلى مقالات وأبحاث د.قتيبة التي تضمنها هذا الكتاب، فهي دروس معمقة أكاديمية تصلح بامتياز لأن تدرّس.
ــــــــــــــــــــــــ
عن جريدة الرأي الأردنية