ادب وفن

إياد الآلوسي: أعمالي هي وجهة نظري في الحياة / شهد مولود الرفاعي

الفنان أياد الآلوسي من أبرز الفنانين الرواد في محافظة صلاح الدين واستطاع أن يقدم عبر مسيرة فنية طويلة تجاربه الفنية المتنوعة التي حظيت باهتمام النقاد والجمهور لما تتميز به من قدرات فنية وطاقة جمالية استطاع فيها أن ينقل بفرشاته المبدعة كل مواطن الجمال في مدينته الوادعة تكريت: نهرها الخالد دجلة وشطآنها ومعالمها الآثارية وقلعتها الشامخة بعمقها التاريخي والحضاري وأزقتها القديمة.. لهذا وجدنا من الضروري أن نلتقي بالآلوسي لنتحدث عن مساهماته المهمة في إثراء المشهد الفني.

هل يمكن أن توضح، من أين تنبع منطلقاتك الفكرية والجمالية في تجسيد لوحاتك وأعمالك الفنية؟

إن عمق تأريخ العراق ومدينتي تكريت بكل ما تستنطقه من موروث حضاري متأصل، إضافة إلى ما أدخره من مرجعيات معرفية تزودت بها من خلال اطلاعي على العديد من التجارب الإنسانية المطروحة كقصص وروايات ودراسات، جعلتني أوظفها في مشغلي الفني الخاص من أجل إنتاج مواضيع تنتمي إلى ذلك الرصيد المعرفي النابض، واسمحي لي أن أقول بفخر إنني عندما أغمس فرشاتي تتكون اللوحة وعندما أضع كتلة الطين تتولد فكرة العمل الفني "الستيج" أو نموذج لأكثر أعمالي.

إذا كان الإبداع يعكس وجهة نظر صاحبه فهل عبرت عنك أعمالك؟ وكيف تبدأ تنفيذ الفكرة أم أنها تأتي تلقائية؟

نعم أعمالي هي وجهة نظري في الحياة, وعلى الرغم من إنني لم استنفذ ما في جعبتي، الا أن قسما كبيرا من لوحاتي وأعمالي تعبر عن شخصيتي المسالمة والمحبة لكل الناس؛ وأكثر الأعمال تأتي تلقائية بمجرد أن اجلس للعمل.

تكريت وذكرياتها ودجلتها "شطاطيها" وأزقتها وقلعتها وبيوتها المتلاصقة والطفولة الجميلة.. هل كانت تمثل لأياد الآلوسي إنطلاقة وبداية لمسيرة فنية حافلة بالمنجزات أم ماذا ..؟

أول معرض لي في بغداد/ جمعية التشكيليين/ المنصور كان المعرض الشخصي الأول في عام 1974 وكنت قد قدمت 64 لوحه جلها عن تكريت حتى ان بعض الفنانين كتبوا عن هذا المعرض "لقد جسدت تكريت كما جسد السياب مدينته جيكور في أشعاره". لقد عشت طفولة جميلة مع مجموعة رائعة من الأصدقاء والأقارب وقد كنت محظوظا لأنني وجدت اهتماما من لدن والدي ومن أساتذتي في الابتدائية والمتوسطة والثانوية وصولا إلى أكاديمية الفنون الجميلة. إنها أجمل أيام عمري كنت أحصل على بعض الجوائز لأعمالي وبدأت في بيع لوحاتي مبكرا.

ترتبط بعلاقة وثيقة مع الخط العربي فكيف تستفيد منه في ممارساتك الفنية؟

الخط العربي أو الحرف العربي هو هوية الفنان المسلم وقد كان الخط العربي ولازال هو الهم والمجال الأعظم للوحاتي وأعمالي في السيراميك وقد نفذت من خلال أعمال السيراميك الكثير من الخطوط والزخارف لمساجد وجوامع وبيوت وعندما توقف فرني عن العمل بسبب الكهرباء توجهت لأعمال الرسم على الزجاج. كما حاولت إدخال الحرف العربي في أعمال الزيت والمائية. ولي أعمال خطية كثيرة.

عندما يكون الحديث عن الجمال يكون للمرأة النصيب الأكبر فهل في لوحاتكم ما يبيّن ذلك؟ وما الرموز التي تعبرّون بها عن هذا الجمال؟

قال لي أحد الأصدقاء يوما: "إن للمرأة نصيب هائل في لوحاتك وأعمالك" فأجبته: وهل هناك معنى للحياة بدون إمرأة فهي الأم والأخت والصديقة والزوجة والابنة. وعند العراقيين القدامى كانت إحدى الآلهه "إلهة الخصب" وفي صدر الإسلام كانت المساندة للرجل في الفتوحات الإسلامية، وفي عصرنا هذا أصبحت نصف المجتمع. أما في أعمالي ؛ فقد صورتها في "الملايات" وصورتها جميلة في مواضيع تراثية أخرى كـ "الشطاطي"، بل وحتى وهي تؤدي واجبات هي مجبرة عليها صورة لمواضع الجمال التي انعم الله عليها وهي جزء من مفاتن الرجل فيها.

السقايات "الملايات" وهي من أروع لوحاتك.. ما هو سر تعلق أياد الالوسي برسمها؟

السقايات هذا العمل يطرح نفسه في كل مجتمعات العراق وقد عالجته قبل أعوام وكررت معالجته فهو يرمز إلى روح التعاون بين النساء كالأعمال الجماعية الأخرى كالأعراس والسباحة بالنهر وأعمال المنزل.

يتميز الفنان أياد الالوسي بلوحاته المتوقدة جمالا , زاهية الألوان ماهو اللون الأقرب إلى نفسك؟

كل لون له موقعه في اللوحة أو العمل الفني، فليس لي لون مميز ولكنني أحيانا أفضل اللون الشذري واللون الأخضر والبنفسجي والبرتقالي والأصفر..

يقال في حياة كل فنان مبدع امرأة تشجعه على الإبداع. يا ترى هل تعشق هذه المرأة أعمالك؟

لا ينكر ان دور المرأة في مساندة الرجل في عمله تشد من أزره في مواقف يكون الإحباط كبيرا وتعينه في مواقف يحتاج العون. أما أم أولادي فكانت نعم العون على تجاوز بعض الاحباطات, فضلا على كونها المساعد الأيمن في مراقبة الافران بعد جهد كبير في إكمال العمل وإدخاله إلى الفخر.. ولولا حبها لعملي لما سهرت الليالي في مراقبة الأفران.
ماذا أخذ منك الفن وماذا أعطاك وهل تأثرت بالمدارس الفنية، ما هي اكثر مدرسة تأثرت بها؟

أخذ الفن الكثير من حياتي .. أنظر إليها من منظار الفن. لقد تحولت حياتي من انسان يتمتع بالحياة من منظار واحد ربما اللهو في حين أن اللهو عندي تمتع بالأشياء التي حولي وقسم من المقربين يطيب لهم أن أبدي رأيي بالذي من حولهم من باب التمتع أكثر من المألوف. كنت مرة في سفرة وبدأت الشمس بالغروب وتحول كل شيء من حولنا إلى لون برتقالي، الغيوم الماء البيوت الأشجار، وهنا ناداني احدهم انظر إلى ما حولنا هذا اللون الذي تحبه. فعلا الفنان يؤثر بالآخرين ويتأثر وعين الفنان عدسة تسجل كل شيء لتظهر بعد ذلك في أعماله والطبيعة هي المعلم الاول. أما تأثري فقد تأثرت كثيرا بالمدرسة "الحديثة التعبيرية" وأسميها هكذا لأنني أحب المدرسة التعبيرية وأميل إلى الحداثة في أعمالي, وأرى هذه المدرسة قد حققت لي ما أنشده في الرسم أما أعمالي في السيراميك، ففن السيراميك هو رمزي وتعبيري، وحديث ثلاثة مدارس في آن واحد فكتلة الطين تتحول إلى أشكال تنطق بالحداثة والرمزية وعندما تفخر وتطلى بالزجاج تتحول الى كتلة أخرى تحتاج إلى من يفهمها.

كيف ترى الواقع الفني في صلاح الدين؟ وهل تعتقد بأن وجود معهد للفنون الجميلة سيساهم بدعم المواهب من الفنانين الشباب؟

إن الفنان في صلاح الدين جزء لا يتجزأ من العراق، ولأننا نعيش الآن في حالة مخاض سيء فقد إنعكس تماما على وضعه النفسي وبالتالي على رؤيته في تناول الأشياء مما يؤثر سلبا على ما ستنتجه ذائقته من أعمال مرئية وهذا ما حصل في أوربا أبان الحرب الأولى وظهور المدرسة الدادائية المعروفة بعدائها للفن وأخشى من الكم الهائل من الفنانين في المحافظة وغير المؤهلين لأي عمل فني.

رأيك وباختصار: البحر
صديق الانسان في طرح الهموم.

المرأة
قد تكون صديقة وحبيبة وأما وأختا وقد تكون العكس.

الموسيقى
غذاء ودواء

الطفولة
إفراغ طاقة

الفراشات
ألوان الحياة متحركة

كاندنسكي
هاجر من أجل فنه وتوصل إلى ما يبغيه

فان كوخ
يناسب عصرنا الآن

فائق حسن
فنان لن يتكرر وكلنا متأثرون بفنه

أمنية اياد الالوسي
أمنيتي ليس كل ما يتمناه المرء يدركه, تجري الرياح بما لا تشتهي السفن..حققت جزء من امنياتي .. لكن أتمنى أن يكون هناك متحف في تكريت للفنانين ولأعمال السلف العظيم.