ادب وفن

هويات متعددة لنشاطات يوسف أبو الفوز / الدكتور ماركو يونتونين- ترجمة مصطفى شاهباز

إذا كان الشخص صحفيا، كاتبا وناشطا سياسيا في نفس الوقت فستكون له عدة هويات يشتهر بها، كما أنه سيكون معروفاً من قبل جماهير مختلفة في توجهاتها. يوسف أبو الفوز هو بالتأكيد واحد من هذه الشخصيات العامة متعددة المواهب.
ففي أسبوع واحد يمكن أن يشارك في مؤتمر في أربيل في اقليم كردستان، والاسبوع اللاحق قد يكون مسافراً، لتغطية نشاط أدبي، إلى لندن أو نيويورك أو شيكاغو. وبالاضافة الى نشاطاته الدولية المعروفة على نطاق واسع، لديه أيضا سمعة محلية كبيرة في فنلندا. يمكن أن نسمي أيضا هذا الجانب من هوية يوسف بأنه "يوسف الفنلندي".
لقد كان لي شرف معرفة يوسف الفنلندي منذ ما يقرب من عقدين من الزمن. وكشاب مغرم بالأدب العربي والدراسات الاستشراقية وكنت قد أكملت للتو أكبر ترجمة لي من العربية لرواية "الخبز الحافي" للكاتب المغربي "محمد شكري" الكاتب الشعبي المعروف من مدينة طنجة في المغرب. حيث حظيت بفرصة عظيمة للقاء الكاتب عدة مرات في المغرب وأنه من المستحيل أن أوضح في بضع كلمات مدى أهمية ذلك بالنسبة لي في العمل مع المؤلف.
أدركت أن وراء الكاتب تختبئ الذات الحقيقية للشخص الذي يكتب، وهنالك أهمية قصوى للمترجم في أن يفهم "القصة التي وراء القصة". أعني قصة الحياة الفردية للمؤلف التي تشكل بطبيعة الحال الأدبيات التي ينتجها هذا المؤلف. قالت صديقة لي ذات يوم من العام 1999، تعمل الآن كأستاذة للأنثروبولوجيا في فنلندا، إنها سمعت عن مؤلف مثير جداً للاهتمام، وهو يشبه شكري بلغته التصويرية المفصلة والتي تحكي تجارب ومعاناة اللاجئين العراقيين في طريقهم إلى الغرب.
لقد أثار هذا الأمر اهتمامي على الفور وطلبت لقاءه. حيث قدم نفسه حينها بأنه يوسف هدّاد، لكن بالنسبة لي والآلاف الأخرين ونسبة لاسمه الأدبي فإنه يوسف أبو الفوز. وكانت تجاربه في الحروب والدمار الذي حصل في العراق أمرا مدهشا، لكن قصصه القصيرة كانت تربط بين بغداد وهلسنكي وموسكو، ذكريات من الحاضر والماضي لأصدقاء فقدهم وأنواع مختلفة من الأشخاص الذين التقى بهم في فنلندا.
بدأنا العمل سوية في أول كتبه "طائر الدهشة" 1999 أدركت بأنني لم اشارك في ترجمة أدبية فقط. عند ترجمتي كتابه، فقد علمني يوسف دروسا أساسية في تاريخ العراق ومجتمعه، وأخبرني بالآلاف من القصص حول حياته الشخصية والاخرين . من هذه الخبرات التي اكتسبتها بدأت العمل بشكل وثيق أكثر حول أسئلة تتعلق بالتاريخ الاجتماعي للعراق وتجارب العراقيين المغتربين.
شكرا لك يا يوسف على هذه التجربة المذهلة! من خلال عملنا سوية والذي تحول إلى صداقة وثيقة، تعلمت مقدار نشاط يوسف الفنلندي في مختلف قطاعات الحياة الاجتماعية والثقافية في فنلندا. هو يشارك في المناسبات الأدبية، يكتب بصورة مستمرة في الصحافة العراقية حول المجتمع الفنلندي، يشارك في النقاشات حول التعددية الثقافية، حقوق الإنسان والهجرة عدا عشرات النشاطات الأخرى. واحدة من أكثر الذكريات السعيدة المشتركة مع يوسف هي زيارتنا خلال سنة 2009 كردستان العراق.
حيث قام يوسف بنفسه بتنظيم زيارة لتسعة فنانين وكتاب فنلنديين إلى أربيل حيث حللنا ضيوفاً على وزارة الثقافة في اقليم كردستان. الفرصة العظيمة كانت أن يوسف الفنلندي بعلاقاته الواسعة في فنلندا جمع أهم الفنانين الفنلنديين في هذه الزيارة، كما أنه وبفضل يوسف العراقي كانت كل الأبواب مفتوحة في وجوهنا في كردستان من المعاهد العلمية إلى اتحاد الكتاب والوزارات المختلفة.
باختصار فإن يوسف هدّاد، يوسف أبو الفوز، يوسف العراقي، يوسف الفنلندي ويوسف الكاتب العالمي يشكل جسرا حقيقيا بين ثقافات ومجتمعات مختلفة. ربما لم يحدث قط في التاريخ المعاصر أن احتجنا إلى مثل هذه الشخصيات كما نحتاجها اليوم!