ادب وفن

نرد لجلال بعض دين في رقابنا / عبد المنعم الاعسم

ها قد دفناك عزيزنا جلال.. ولم يمض وقت طويل.. سبعة شهور فقط على يوم واريناك فيه التراب حتى عُدنا الى استذكارك ربما خوفا من ان ننساك وقد ابتلينا بمحذور النسيان.
ننسى الدروس العظيمة، وننسى الجمال المسكون فينا والاسماء الباسقة..
ننسى جلادينا، والذين ساقونا ويسوقوننا الى المهانات والاستقالة من الخارطة.
معذرة جلال.. نحن مستعجلون في استذكارك.. ولنا بعض الحق فان على ابوابنا اهوال.. ولم يتبق لدينا من قطع الغيار لنستأنف وجدنا الا القليل. كما لم يبق من شركائك في العفة ولعبة التأمل واجتراح المواقف الا افراد يداهمهم الغبار وتحاصرهم الردّة.
جلال العزيز.. يعتقد الكثيرون بان طبعك مجبول من الرضى والقبول والطمأنينة وتجنب المخاشنة.. ولم يبصروا الغليان الدفين في هذا الطبع.. حتى اسمك جلال.. المهيب، المتصالح، يضم في ثناياه الـ (لا) الرافضة.
والذين اقتربوا منك مسهم غليانك، ولفحتهم وقدةُ شكواك وثورتك، وعرفوا كيف يمكن لصاحب الرأي ان يختار الوقت والمكان لاعلان رأيه المسؤول دون ان يحسب للسوقِ حسابَهُ. والحال، فاننا، في هذه اللحظات، نرد لك بعض الدين في رقابنا.. نتذكرك ونحاول انْ نُبقي جذوة الحصيلة النيرة لمشوارك حيّة في وجداننا.
لتبقى انت حيا في ما تركته لنا في السلوك والكتابة من بصمات، ليس مِنةً منا عليك.. فأنت المتفضل، واشهد انك تستحق ان نرفعك على رؤوسنا..