مدارات

جوهر حل المسألة الزراعية.. الاصلاح الزراعي الجذري (2-2)

حمدي فؤاد العاني
في مجال التنمية الزراعية اشارت مقررات مؤتمر الحزب الثالث الى ان تحقيق الثورة الزراعية ينبغي ان يقترن بالاستخدام الكامل للقوى البشرية المنتجة، رجالا، ونساءا، والاستفادة القصوى من الموارد المائية، ورفع انتاجية العمل بادخال منجزات الثورة العلمية والتكنولوجية.
وبغية تحقيق تنمية شاملة وسريعة في الزراعة يعمل حزبنا من أجل:
1- اتخاذ التدابير للاسراع بتنفيذ المشاريع الزراعية ومشاريع الخزن والري والبزل الكبرى واستصلاح الاراضي لضمان الاستخدام العقلاني للثروة المائية، وفق موازنة مائية علمية وحفظ المياه وصيانتها من التلوث، ونشر المضخات الحكومية والتعاونية لضخ المياه.
2- تشخيص الاراضي الصالحة للتكثيف الزراعي واعادة تنظيم شبكات الارواء وفق الاساليب العلمية الحديثة.
3- ضمان مكننة الزراعة عن طريق قيام الدولة بنشر محطات الالات والمكائن الزراعية وتوفير وسائط النقل الضرورية وورش التصليح والاستهلاك.
4- كهربة الريف في حقلي الانتاج والاستهلاك.
5- تعميم استخدام الاسمدة والمخصبات والمبيدات الكيمياوية ومكافحة الآفات الزراعية والادغال.
6- الاهتمام بالثروة الحيوانية والسمكية وتحسين اجناسها على اختلاف انواعها، والاهتمام بالمراعي الطبيعية والاصطناعية وتوفير وتطوير الخدمات البيطرية.
7- الاهتمام بصيانة الغابات وتطويرها وتوسيع مساحتها.
8- توسيع وتطوير المعاهد الزراعية والتعاونية وتنظيم الدورات الزراعية المختلفة والتوسع في استخدام التطبيقات الحديثة في الزراعة وتربية الماشية والصناعات الريفية.
9- العمل على تطوير وتحسين انتاج المحاصيل الزراعية الاساسية وخاصة الحنطة والرز والذرة الصفراء والقطن والبذور الزيتية والبنجر وقصب السكر والفواكه والخضر والبطاطا.
10- تطوير زراعة التبغ في كردستان، ووضع حد عادل لتوزيع اراضي التبغ فيها بما يتفق ومصلحة الفلاح وتحسين انواع التبوغ وتطوير تصنيعها ومراعاة الدقة في تصنيعها.
11- الاهتمام بتصنيع المنتجات الزراعية النباتية والحيوانية وتشجيع التعاونيات الزراعية على اقامة المشروعات الصناعية الصغيرة التي تتولى تطوير الصناعات الريفية.
12- انشاء الجمعيات التعاونية التسويقية لتنظيم تسويق المنتجات الزراعية باسعار تضمن مصلحة المنتج والمستهلك على السواء، وان تتولى توفير ما يحتاجه الفلاحون من سلف وسلع.
13- تجميع الفلاحين في قرى حديثة قريبة من مزارعهم تتوفر فيها المساكن الصحية والخدمات الضرورية، على ان توفر لكل عائلة فلاحية قطعة ارض ملحقة بها من اجل انشاء بستان صغير خاص بها.
14- تشجيع البدو على الاستيطان حول السدود والخزانات والابار الجوفية والارتوازية في البراري في مجمعات تنشأ لهذا الغرض وبدعم من الدولة مزودة بالخدمات الضرورية وبالماء الصالح للشرب والمستلزمات الضرورية الاخرى.
15- توسيع الاستفادة من تجارب البلدان الاشتراكية، المتطورة في مجال بناء وتنظيم وتطوير الزراعة والري والمزارع التعاونية الانتاجية والمزارع الحكومية النموذجية.

المؤتمر الرابع للحزب.. احوال الفلاحين

تقرير اللجنة المركزية للمؤتمر الوطني الرابع الذي يشرح فيه احوال الفلاحين والمأساة التي يمرون فيها، فيقول التقرير:
- يتحمل الفلاحون وخصوصا الفقراء منهم والمتوسطون قسطا كبيرا من كوارث الحرب ومنهم من يدفعون بدمائهم ثمن قادسية صدام حسين، وتتعرض عوائلهم الى الجوع والتشرد، بعد ان يصبح من العسير عليها وهي تفقد معيلها بين الاسر والقتل زراعة اراضيها، وبالتالي يعجز حتى عن تسديد ديونها الى الجمعيات التعاونية والمرابين، مما يضعها تحت طائلة الملاحقة من قبل الدوائر الزراعية والمرابين والتهديد بقطع سلف المصرف الزراعي والتعاونية عنها، وكذلك حرمانها من التقاوى والبذور والأسمدة واخضاع ممتلكاتها الشخصية الى الحجز والبيع وتسديدا للديون، ?غم نفاق اجهزة الحكم حول تأجيل تسديد ديون الفلاح الاسير، التي اشار اليها قرار (مجلس قيادة الثورة) اواسط عام 1984.
لقد دفع هذا الوضع المأساوي وما سببته الحرب الكارثية من تفاقم في حالة الفلاحين الاقتصادية الآلاف من اسر الفلاحين الى مغادرة اراضيها والنزول الى جوار المدن الكبيرة، مما زاد من تدهور الانتاج الزراعي وخراب الزراعة بشكل مريع وتكتمل الصورة المأساوية للفلاحين، حينما تقرن تلك الاوضاع باحوال الفلاحين في كردستان، حيث تتعرض عشرات القرى الى التهجير القسري من قبل قوات النظام ومرتزقته الجحوش والى القصف الهمجي بالمدفعية والطائرات وخاصة في المناطق المحررة تطبيقاً لسياسة الارض المحروقة الاجرامية.

مؤتمر الديمقراطية والتجديد عام 1993

عقد الحزب مؤتمره الخامس "مؤتمر الديمقراطية والتجديد" عام 1993 وقد توصل المؤتمر الى الآتي بشأن المسألة الزراعية:
- تطوير القوى المنتجة في الريف عن طريق تشجيع الاستثمارات الصغبرة والمتوسطة الخاصة، والمختلطة والحكومية الكبيرة وحماية العمال الزراعيين عن طريق التشريع والتنظيم النقابي وغيره، ودعم نزعات التعاون بين المنتجين الصغار والمتوسطين لتطوير انتاجهم.
- الاهتمام بالثروة المائية والأمن الغذائي وشبكات الري والبزل وتأمين مصادر المياه، وحفظ حقوقنا الوطنية في مياه دجلة والفرات.
- الاهتمام بالثروة الحيوانية ومشاريعها وتحسينها واحياء الاهوار كبحيرات طبيعية ومصدر هام للثروة السمكية الى جانب المشاريع الأخرى.
- إعادة اعمار الريف العراقي وتشجيع وتحفيز الفلاحين على العودة الى اراضيهم وتعويضهم وتقديم المساعدات والمنح والقروض ودعم النشاط الانتاجي واشاعة الاساليب العلمية الحديثة، وتسريع التنمية الزراعية، وبناء المرافق الحضارية في الريف بما في ذلك بناء القرى العصرية الحديثة، وبما يؤمن تقليص الفجوة بين المدينة والريف.
- تخفيض الحد الاقصى لملكية الارض بقانون، وبما يتوافق مع مصالح الجمهرة الواسعة من المنتجين الزراعيين.
- مكافحة التصحر ومعالجة ملوحة التربة واستصلاح بساتين النخيل وغيرها.
- حماية المياه والاهوار من التلوث بالنفايات الكيمياوية ومياه المجاري.

المؤتمر السادس وما بعده

هذا وكانت الوثيقة البرنامجية الصادرة عن المؤتمر السادس المنعقد في 26/ 7/ 1997 بصدد المسألة الزراعية هي نفس وثيقة المؤتمر الخامس وبدون تغيير، كما اقر المؤتمر السابع الوثيقة نفسها. اما رؤية الحزب للاجراءات المطلوب اتخاذها في المسألة الزراعية العراقية، كما وردت في برنامج الحزب الذي اقره المؤتمر الوطني الثامن المنعقد من 10/ 5 ولغاية 13/ 5/ 2009، لكي يحقق هذا القطاع الهام أهدافه ويضمن الامن الغذائي فتلخصت بالآتي:
1- تشجيع الفلاحين على الاهتمام باراضيهم وزيادة انتاجيتها كما ونوعاً، من خلال اتباع الاساليب الزراعية العلمية الحديثة، واستعمال المكننة المتطورة والبذور والاسمدة الكيمياوية والمبيدات وغيرها.
2- معالجة مسألة هجرة الفلاحين، مسبباتها ومخلفاتها وتحفيز الفلاحين الذين سبق أن هاجروا أو هجروا، على العودة الى اراضيهم وتعويضهم، وتقديم المنح أو القروض لهم.
3- تفعيل دور الجمعيات الفلاحية القائمة، وحث الفلاحين على الانخراط بها وتشكيل المزيد منها.
4- دعم الحركة التعاونية وتشجيع عملها على أسس ديمقراطية في مجالات الانتاج والتوزيع والتسويق.
5- حل القضايا العالقة والمتعلقة بتوزيع وتمليك وأستئجار اراضي الاصلاح الزراعي واعادة النظر في القوانين بما يضمن مصالح صغار الفلاحين.
6- توفير التمويل بشروط ميسرة للفلاحين، وبشكل خاص، لصغارهم، وتعزيز دور المصرف الزراعي، وفتح فروع له في الاقضية ودعم الفلاحين، وتزويدهم بشروط ميسرة بالبذور والأسمدة، والاهتمام بمكافحة الحشرات والامراض والأفات الزراعية، وتحديث أساليب ووسائل الارشاد الزراعي.
7- تطوير القوى المنتجة في الريف، عن طريق تشجيع الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة والخاصة والمختلطة والحكومية وحماية العمال الزراعيين، عن طريق التشريع والتنظيم النقابي والضمان الاجتماعي والصحي.
8- ضمان اسعار عادلة للمنتجات الزراعية وتشجيع تصنيع وتصدير الفائض منه.
9- الاهتمام بقطاع الثروة الحيوانية والسمكية، عبر دعم وتشجيع الفلاحين والمرابين من خلال تحسين العروق والاصول الجيدة وتوفير الادوية واللقاحات البيطرية والاعلاف المدعومة، هذا أضافة الى اعادة تشغيل المشاريع الحكومية في مجال الانتاج الحيواني والنباتي والثروة السمكية.
10- تشجيع البحوث المختلفة التي تساهم في تطوير الانتاج الزراعي في مختلف المجالات، سواء بايجاد البذور المحسنة أم ايجاد السلالات المقاومة للامراض المختلفة أو المقاومة للظروف البيئية.
11- الاهتمام بالاراضي الزراعية وحمايتها من زحف المدن غير المبرمج والاهتمام بالمحميات والمراعي الطبيعية.
12- مكافحة التصحر ومعالجة ملوحة التربة، واستصلاح الاراضي الزراعية وبساتين النخيل والغابات والعناية بالبستنة والاهتمام بشبكات الري والبزل.
وأخيراً توج المؤتمر التاسع مواقف الحزب بخصوص المسألة الزراعية في العراق فأكد على:
1- العمل على اعادة النظر بقانونين الزراعة والاصلاح الزراعي، ووضع مصالح صغار الفلاحين في صدارة الاهتمامات ومكافحة المساعي لاعادة العلاقات شبه الاقطاعية أو الخصخصة الشاملة في القطاع الزراعي.
2- تمليك الاراضي التي وزعت على الفلاحين، وفقاً للقانون رقم 30 لسنة 1958، والقانون رقم 117 لسنة 1970، وتشريع قانون جديد لايجار الاراضي الزراعية.
3- تشجيع الفلاحين على الاهتمام باراضيهم، وزيادة انتاجها، كما نوعاً واستعمال المكننة المتطورة، والبذور عالية الرتب، والاسمدة الكيمياوية، والمبيدات وغيرها، باستخدام الاساليب العلمية في الزراعة والري.
4- معالجة مشكلة هجرة الفلاحين وبحث اسبابها وأثارها، وتحفيز الفلاحين على العودة الى اراضيهم، وتعويضهم وتقديم المنح والقروض لهم.
5- تفعيل دور الجمعيات الفلاحية التعاونية القائمة، وحث الفلاحين على الانخراط فيها، ودعم الحركة التعاونية، وتشجيع عملها على أسس ديمقراطية في مجالات الانتاج والتوزيع والتسويق، والعمل على تشكيل جمعيات فلاحية تخصصية في مجال الانتاج النباتي والحيواني والجمعيات التعاونية التخصصية في مجال المكننة والنقل والخزن العادي والمبرد.
6- توفير التمويل بشروط ميسرة للفلاحين، وبشكل خاص لصغارهم وتعزيز دور المصرف الزراعي التعاوني، واستكمال فتح فروع له في الاقضية والنواحي، ودعم الفلاحين وتزويدهم بشروط ميسرة بالبذور، والأسمدة، والاهتمام بمكافحة الحشرات والامراض والآفات الزراعية، وتحديث أساليب ووسائل الارشاد الزراعي.
7- تطوير (المبادرة الزراعية) الحكومية وزيادة المبالغ المخصصة لها، ووضع شروط وضوابط اقراض ميسرة، مع ضرورة اهمية المتابعة والمراقبة للمشاريع التي تنفذ، بالاعتماد على ما تقدمه المبادرة، والعمل على دمجها مع السياسة الزراعية للدولة.
8- تطوير القوى المنتجة في الريف، عن طريق تشجيع الاستثمارات المحلية (الصغيرة والمتوسطة، الخاصة والمختلطة والحكومية) والاجنبية، لاسيما في تفعيل وبناء مشاريع زراعية- صناعية متكاملة، وهذا يتطلب تسهيل اجراءات الاستثمار، لاسيما في الاراضي غير المستصلحة والصحراوية.
9- حماية العمال الزراعيين، عن طريق التشريع والتنظيم النقابيين والضمان الاجتماعي والصحي.
10- حماية المنتج الزراعي والحيواني المحلي عبر ضمان أسعار عادلة للمنتجات الزراعية، وتشجيع تصنيع وتصدير الفائض منه ودعم مستلزمات الانتاج الزراعي، وفرض أو زيادة الرسوم الكمركية على المنتجات المستوردة المنافسة، وترشيد عمليات الاستيراد.
11- الاهتمام بقطاع الثروة الحيوانية والسمكية عبر دعم وتشجيع الفلاحين والمربين، من خلال تحسين العروق والاصول الجيدة، وتوفير الادوية واللقاحات البيطرية والاعلاف المدعومة. هذا اضافة الى اعادة تشغيل المشاريع العاطلة او المعطلة في مجال الانتاج الحيواني والنباتي والثروة السمكية والاهتمام بمراكز النشئ الريفي والمراة الريفية.
12- تحديث أساليب ووسائل الارشاد الزراعي، وادخال التعليم الزراعي في المدارس المتوسطة والثانوية، بالمناطق الريفية، وتفعيل دور (معهد التدريب والتأهيل) في وزارة الزراعة.
13- تشجيع البحوث التي تساهم في تطوير الانتاج الزراعي في المجالات المختلفة، سواء بايجاد البذور المحسنة ام ايجاد السلالات المقاومة للظروف البيئية، وتطوير الاستثمار في مجال البحوث وزيادة التخصصيات الداعمة له.
14- معالجة التدني في انتاجية الارض، والتركيز على التوسع العمودي، في الانتاج الزراعي، واستصلاح الاراضي مع تكثيف الاستثمار الحكومي في مشاريع استصلاح الاراضي بأسلوب المشروع المتكامل، لا بأسلوب المقاولات المتعددة.
15- الاهتمام بالاراضي الزراعية، وحمايتها من زحف المدن غير المبرمج والاهتمام بالمحميات والمراعي الطبيعية وتفعيل القوانين والتعليمات التي تحد من تحويل الاراضي الزراعية الى اراض سكنية وتجارية.
16- تشجيع استثمار المياه الجوفية، وادامة الابار القائمة والعناية بمشكلة السقي، وادخال منظومات الري الحديثة فيها، والاهتمام بالبوادي باعتبارها مشاريع المستقبل.
17- مكافحة التصحر، ومعالجة ملوحة التربة، واستصلاح الاراضي الزراعية، وتطوير مناطق الغابات الطبيعية والاصطناعية وبساتين النخيل والعناية بالبستنة واشاعة الزراعة المحمية وتطورها.
18- الغاء قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 182 لسنة 2000 والعمل على تثبيت حقوق المغارسين والفلاحين العاملين في البساتين ورفع الحيف عنهم.
19- تخصيص الاستثمارات المناسبة لاقامة البنى التحتية وبناء المرافق الحديثة والقرى العصرية في الريف، والاهتمام بالتنمية البشرية المتكاملة ومكافحة التخلف والامية في الريف.

اللجنة الاولى في 1945

وحصيلة ما ذكر آنفاً، اي من مقررات المؤتمر الاول عام 1945، مروراً بكل المؤتمرات الوطنية وانتهاءاً بالمؤتمر الوطني التاسع، تبين: أن اللبنة الاولى لوجهة نظر الحزب في المسألة الزراعية في العراق، كانت قرارات المؤتمر الاول عام 1945، وتعمقت هذه القرارات من خلال المسيرة النضالية له، وعلى ضوء التطورات التي مرت على العراق، والتطورات التي حدثت في الريف، خلال فترة النظام الملكي، الداعم للاقطاعيين والملاكين الكبار، والذين استحوذوا على مساحات كبيرة من الرقعة الزراعية، وحرمان ملايين الفلاحين من اراضيهم، والتنكيل بهم وتجو?عهم، وتشريدهم، وحرمانهم، من حق الحياة الأمنة. ولم يتوقف نضال الحزب خلال الفترة الملكية، بل استمر في نضاله، وحدد مواقفه بعد ثورة 14 تموز المجيدة، وابدى ملاحظاته وتحفظاته على قانون الاصلاح الزراعي الاول ومطالبته باصلاح زراعي جذري، لفرض توزيع الاراضي على الفلاحين ومحاكمة الاقطاعيين والملاكين، ومصادرة ممتلكاتهم وابعاد تأثيرهم عن الريف، وضمان حرية الفلاحين في تكوين جمعياتهم الفلاحية والتعاونية. كل هذه المواقف تشير الى جدية برنامج الحزب في انهاء مشكلة الارض وعائديتها. ولكن هذا لم يحصل بسبب مواقف البرجوازية الوطن?ة المدعومة من قبل القوى اليمينية والرجعية. والذي حصل هو تحديد الملكية الزراعية المروية والديمية، رغم احتكار الاقطاعيين والملاكين بما تبقى.
لقد سار المؤتمران الثاني والثالث على هذا المنوال، وكان لقرارات المؤتمر الثاني دور هام في التأثير على تشريع القانون الثاني للاصلاح الزراعي رقم 117/ لسنة 1970، والاستيلاء على اراض أخرى، وانتزاعها من الاقطاعيين والملاكين وتوزيعها على الفلاحين، واعتبر الحزب هذا القانون خطوة اكثر جذرية من القانون القديم.. ولكن لم يصل الى مفهوم الاصلاح الزراعي الجذري، الذي طالب الحزب بتنفيذه.
مقررات الحزب التي اقرها في مؤتمراته الاول والثاني والثالث، تضمنت المطالبة بالاصلاح الزراعي الجذري والذي ينهي مشكلة الارض في العراق ويقيم العدل والمساواة والحرية في ربوع الريف.
أن التجربة الزراعية التي مرت بالعراق ومنذ عام 1958 على يد البرجوازية الوطنية وقانونها، والبرجوازية الصغيرة وقانونها، اثبت التأريخ أن مصالحها الطبقية في الريف والمتناقضة مع مصالح الفلاحين المعدمين، ادت الى فشل توجهاتها في حل المسألة الزراعية، وبقيت كثير من المشاكل معلقة، ولم تتمكن حتى تأمين الأمن الغذائي، وفتحت المجال لاستيراد المواد الغذائية الاستراتجية والمواد الآخرى، رغم سعة المساحة الزراعية ووفرة المياه ولعقود من الزمن. ان المتتبع لمقررات مؤتمر الحزب الرابع يرى أن تقرير اللجنة المركزية الى المؤتمر ما?هو الا استعراض لمأساة الفلاحين، دون المطالبة باتخاذ الاجراءات المناسبة للرد على هذه المأساة التي يعاني منها الفلاحون في تلك الفترة. أما المؤتمر الخامس، فهناك أشارة الى تخفيض الحد الاقصى لملكية الارض بقانون، وبما يتوافق مع مصالح الجمهرة الواسعة من المنتجين الزراعيين، وهذه الفقرة وافق عليها المؤتمران السادس والسابع. أما المؤتمر الثامن للحزب، فاشار الى حل القضايا العالقة والمتعلقة بتوزيع وتمليك واستئجار اراضي الاصلاح الزراعي، واعادة النظر في القوانين بما يضمن مصالح صغار الفلاحين ودون الاشارة الى أصلاح زراعي جذري، كما ورد في فقرات مؤتمرات الحزب الاول والثاني والثالث. ماذا يقصد بالعالقة؟ وماذا يقصد بالمتعلقة؟ يفترض الافصاح وبالتفصيل عن القصد من هاتين العبارتين، وهي لا تبحث في جوهر المشكلة الزراعية، بل تبتعد عن فحواها.
أما المؤتمر التاسع، فأضاف الى كل هذه الاهداف الحيوية التي وردت في مقرارات مؤتمراته السابقة موضوعاً مهماً، الا وهو العمل على تسجيل القطع الزراعية الموزعة على الفلاحين بموجب قانوني 30 و 17 في دوائر الطابو، كما لم يتطرق الى المساحات الزراعية المؤجرة الى الفلاحين والمزارعين في كل المحافظات وقدرها 063 ،672 12 مليون دونم بموجب قانون 35 لسنة 1983 ولغاية 31/ 12/ 2012، ومجموع العقود 697/ 156 متعاقد. ان التوجيهات الرسمية الحالية في حل المسألة الزراعية، بشأن اصدار قانون يخص الزراعة، والمحافظة على مكاسب الفلاحين، في ا?قانونين، الاول، والثاني ومعالجة المشاكل العالقة والمتعلقة بهما، لا يمكن التعويل عليها، لان العديد من المتصدين والجالسين على دست الحكم، هم من ابناء الذين تضرروا من القانونين الزراعيين، الاول، والثاني، وعليه لا رجاء من التعكز عليها في اصدار قرارات تهم الفلاحين الكادحين.