المنبرالحر

رتق الفتق مهمة شاقة !/ احسان جواد كاظم

على ضوء ما تكشف من حقائق بعد التصويت على قانون التقاعد الموحد وفقرتيه الجائرتين 37 و 38 بالتحديد وردود الفعل الشعبية الغاضبة واستجابة المرجعية لهذه الردود, جاءت تباعاً مواقف وقرارات قيادات الاحزاب المتنفذة والكتل التابعة لها بالادانة والتنديد بتصويت ممثيلها البرلمانيين بنعم على القانون بما يحمله من افخاخ, لأنقاذ ما يمكن انقاذه. وبعد ما اثاره رئيس كتلة الاحرار البرلمانية التابعة للتيار الصدري بهاء الاعرجي من لغط من نشر اسماء الموافقين, كذّبها البعض مدعياً عدم حضورهم للجلسة أصلاً لتمتعهم بأجازات او نفي البعض الآخر التصويت بنعم.
وكانت النائبة عالية نصيف التي اعتذرت الى الشعب العراقي بسبب تصويتها بنعم على القانون قد اشارت الى قيام البعض منهم الاعتصام في كافتريا البرلمان منتظرين بلهفة نتائج تنفيذ الآخرين العمل الوسخ نيابة عنهم والتنصل عن مسؤولية التصويت ورميه على كاهل الآخرين, فيما لو طرأ طارئْ وهو ما حصل. كما انه ليس من المستبعد, قيام بعض الحاضرين بالتصويت بدلاً من زملائهم الغير متواجدين, بضغط الزر لتمرير القانون, وخلط الاوراق بنفس الوقت. وليكون الكل في الهوا سوا, وهذه عملية تزوير يعاقب عليها القانون وعمل غير اخلاقي بحق ابناء شعبنا.
ومع كل ذلك, يريدون ان يقنعوننا ان لبُسة ما قد أضلتهم, وجعلتهم يصوتون بغير ما يرغبون, مع انهم يلعبون هذه اللعبة للمرة الألف, فالأمر أوضح من ان يُستراب به.

ثم توالت المواقف على مستوى عرّابي الكتل البرلمانية, بقلب السيد مقتدى الصدر ظهر المجن على اعضاء تياره كما على حلفائه من الاحزاب الدينية والسياسية الاخرى, بأنسحابه من العمل السياسي وحل تياره وسحب ممثليه من الوزارة ومجلس النواب, في خطوة دراماتيكية حيرّت الكثير من المراقبين . ثم تهديد السيد عمار الحكيم رئيس كتلة المواطن البرلمانية التابعة للمجلس الاعلى بطرد كل من يثبت تصويته بنعم على القانون, بينما رفض ائتلاف رئيس الوزراء نوري المالكي دولة القانون, على لسان قياديه وليد الحلي اتخاذ اية اجراءات عقابية ضد نوابهم المصوتين بنعم بدعوى ان ذلك " مخالفة ومصادرة صريحة لحقوق النواب "( يقصد الديمقراطية - من عندنا ) ( أوان/ 17 شباط/ 2014 ).
أما التحالف الكردستاني والنواب الاكراد الآخرون الذين لم ينبسوا ببنت شفة, ولم يحاولوا التنصل من تصويت ممثليهم على القانون بأي شكل من الاشكال, لابل عدّ عضو التحالف الكردستاني محمود عثمان في تصريح له ل" شفق نيوز" / 15 شباط الجاري : " ما يجري حالياً مبالغة وضجة مفتعلة و تعتيماً على الفساد الحكومي الاداري والمالي والتدخل المستمر من قبل دول الجوار في الشأن العراقي قبيل الانتخابات النيابية من أجل التسقيط السياسي بين المرشحين للانتخابات ".
ألم يكن حشر فقرتي المنافع الاسطورية لأثرياء المنطقة الخضراء بهذه الصورة المريبة في ثنايا قانون تنتظره شريحة واسعة من العراقيين الفقراء لأنصافها بعد عنت والتصويت عليه, فساداً لايضاهيه فساد وقلة أخلاق ؟
ولم يجانب عضو التحالف الوطني جمعة العطواني الحقيقة عندما زعم : " ان تسقيط المؤسسة البرلمانية لايصب في مصلحة أحد من الاحزاب السياسية او حتى الحكومة لأنه يمثل نتاج للحراك السياسي والمجتمعي لتلك الاحزاب" ( كنوز ميديا/15 شباط الجاري ).
الا ان من يحاول تسقيط المؤسسة البرلمانية وكل مظاهر الحياة الديمقراطية هي ذاتها احزاب السلطة المتقاتلة على نهب المال العام ومصادرة حقوق المواطن وسوء الاداء واختلاق الأزمات والتهرب من المسؤولية الوطنية.
ليس منهم من هو طاهر الذيل, رهف الشعور, يتحسس بآلام شعبه.

ان توجيه السهام نحو البرلمانيين المصوتين بنعم على هذا القانون هو ابتسار للأزمة المستفحلة والتي لحقت جميع مفاصل النظام السياسي والمجتمعي, فما هم الا ترس صغير في ماكنة الفساد التي تنخر المجتمع. واذا كان من بد لمحاربتها فالأولى التوجه الى الغاء نهج المحاصصة الطائفي- العرقي النهبوي بأعتباره الحاضنة الخصبة لكل مظاهر التخلف والجريمة والأستبداد.
وتبدو الفرصة مؤاتية اكثر من اي وقت مضى لأجراء التغييرالديمقراطي المنشود بشكل حضاري سلمي, فالانتخابات على الابواب, وسمعة احزاب الفساد والجريمة في أسفل سافلين, وبتظافر جهود كل القوى الحية التواقة الى البناء والتطور لأخذ زمام المبادرة, ففتقهم اكبر من ان يرتقوه حتى بحبل جنفاص.