المنبرالحر

فيتريللي.. / قيس قاسم العجرش

للأسف مات عام 2004 وهو بعمر 66عاماً.حياته كانت مثلاً للتدقيق في النجاح الممكن لكنه النجاح الصعب للغاية.
هذا الممثل الأميركي من أصول إيطالية أمتع عشاق السينما في ظهوره الثانوي أينما حدث، لأنه كان ظهوراً مبدعاً ومتكاملاً بالرغم من ضآلة الدور.
عام 1990 أسند مخرج شاب الى (فيتريللي) دوراً مع النجم الصاعد حينها (تيد هاريس) في فيلم(دولة السمو) وكان هذا دوره الأول.
وخلال أربعة عشر عاماً لاحقة لم يشارك(فيتريللي)سوى في 9 أفلام كلها لاقت نجاحاً غير اعتيادي وبالذات كان دوره الثانوي ناجحاً بشكل جماهيري، الى أن جاء دوره الثانوي الرائع في فيلم «إختبر هذا» مع النجم روبرت دي نيرو، حيث ظهر بدور قاتل بارد الدم يعمل في المافيا.
رغم ظهوره بهذا المظهر لكن لا يملك المشاهد إلا أن يحب فيتريللي بوجهه المنتفخ وجسده السمين ورقبته المنحنية وهو يمارس التصفية بحقّ خصومه دون أن يبدو على تقاسيم وجهه الحنون جداً أي تأثير.
لدى فيتريللي شخصية بارعة يمكن أن يمررها خلال المشهد السينمائي وإن كان دوره مجرد ثوانٍ محدودة. المخرجون تهافتوا عليه رغم أنه كان في أواخر الخمسينيات من عمره عندما بدأ يصبح نجماً في معايير شباك التذاكر.
لم يزعج هذا البدين المرح حقيقة أن يكون نجماً في هذا العمر المتأخر بالعكس إذ تحدث مرّة الى محرر صحفي فني قائلاً:إنني اكون في غاية سعادتي عندما يذكرني النقاد بكلمتين او ثلاثة، كلمات قليلة بحق ظهور في الفيلم لم يدم أكثر من 3 دقائق هذا يعني أنني جلبت الإنتباه بشدة خلال 3 دقائق فقط. هذا ما اسميه بالنجاح.
أكدت سيرة الممثل فيتريللي أنه لا يوجد دور كبير أو دور صغير، إنما هناك ممثلون كبار وممثلون مفلسون صغار.
كما هي الحياة بالضبط تكون السينما، قليلون هم الذين يرضون بالدور الصغير لأنهم واثقون من إبداعهم و(نواياهم)على الإبداع بينما هناك من يرفض صغر الدور ظناً أن الحجم اصل التقييم.
في السياسة، نصادف عدداً غير قليل من اللاهثين وراء أدوار كبيرة رغم تواضع إمكاناتهم وفقر خيالهم وعطائهم، متصورين أن المنصب والسلطة هما ما سيلقي المهابة في قلوب الناس ويحوّلهم الى(معارف)! بعد أن كانوا نكرات يبحثون عن الذات بريش الطاووس.
النتيجة أنهم لا يحوزون من الطاووس إلا نفشة الريش والتبختر بالدفع الرباعي بينما يبقى الأداء كما هو.
مع هؤلاء يكون الهواء كثيراً والأشرعة تنتفخ به بسهولة، لكنّ رباناً واحداً فقط سيجيد الإبحار بالسفينة دون أن تغرق ...فيتريللي كان من هذه النوعية النادرة للغاية ...وعندنا أكثر ندرة من اي مكان آخر.