المنبرالحر

من حكومة المشاركة الوطنية ﺇلى حكومة شراكة الأقوياء .. العراق إلى أين ؟/ خضر عواد الخزاعي

يبدو أن الطبقة السياسية الحاكمة قد حسمت أمرها بما تراه مناسباً لحكم العراق فبعد أكثر من عشر سنوات وثلاث دورات أنتخابية لتشكيل الحكومات الوطنية حيث كانت الأنتخابات الأولى في 15 ديسمبر 2005 والتي سبقها ألأقتراع ألأول لأنتخاب الجمعية الوطنية المؤقته في 30 يناير 2005 وبعده التصويت على الدستور العراقي الدائم الذي تم في 15 أكتوبر 2005 ما زالت هذه القوى تدور بنفس الدائرة المغلقة بعد أن فشلت في تقديم مشروع وطني حقيقي ينطلق من نظرة منفتحة للواقع العراقي بعيداً عن التخندق الطائفي والقومي فبعد فشل مشروعها السابق تقاسم السلطة ( حكومة الشراكة الوطنية ) والذي أتفق الجميع على فشله وأنه كان المقدمة السيئة لما آلت ﺇليه الأوضاع السياسية والأمنية والخدمية في العراق خصوصاً من الأطراف التي روجت لهذا المشروع وسعت ﺇلى ترسيخه خلال السنوات الثمان المنصرمة داخل الائتلاف الوطني الشيعي تعود من جديد لتقديم نسخة أخرى معدلة من المشروع تحت تسمية ( شراكة الأقوياء ) والتي بدأ الترويج لها من داخل المؤسسة الأعلامية للائتلاف الوطني ومن المجلس الأسلامي الأعلى بالخصوص وفقاً لتصريحات قيادين في المجلس الأعلى وما صدر من بيان للمجلس بعد لقاء المالكي مع السيد عمار الحكيم عقب ظهور نتائج الأنتخابات والتي أظهرت فيه النتائج تفوق أئتلاف دولة القانون ب(95 ) مقعدا من مجموع 325 مقعدا بالأضافة ﺇلى تحالفاتها مع باقي الكتل المقربة من برنامجه ليصل لعدد إلى ( 120) مقعدا فماهي ملامح ( شراكة الأقوياء ) التي يروجون لها بديلاً عن حكومة الاغلبية السياسية ؟ لنقرأ هذا التصريح الموجز للقيادي في المجلس الأعلى السيد علي شبر في تصريح لجريدة الرأي العام (أن كتلة المواطن تمتلك رؤية تتضمن اعادة بناء وتقوية التحالف الوطني واعادة تنظيمه بما يتناسب ومتطلبات المرحلة وتغير الثوب الذي يرتديه التحالف السابق لتغييرالواقع العراقي , ونريد ان ننفتح مع الاطراف الاخرى ان نبني العراق بشراكة الاقوياء ومشاركة جميع ابناء الشعب العراقي ) وفي تصريح للقيادي عزيز كاظم للمركز الخبري لشبكة الاعلام العراقي قال (إن الكتلة تتجه نحو تأسيس حكومة شراكة الاقوياء، التي ستنبثق من التحالف الوطني .... والآن توجد حركة في هذا الاتجاه، وهنالك تفاهمات مع التحالف الكردستاني والكتل من المكون السني ) من هذه القراءة الموجزة يبدو أن شكل حكومة ( شراكة الأقوياء ) ليست ﺇلا أمتداداً لحكومة (الشراكة الوطنية ) سيئة الصيت فهي حكومة بلا معارضة تضبط أخطائها وتقوم سياساتها كما هو الحال في النظم الديمقراطية العالمية وهي حكومة جامعة ليس لمكوناته السياسية بقدر ماهي ضامنة لمشاركة المكونات على الأساس الأثني والقومي فهل تكفي هذه الخلطة المتنوعة طائفياً وقومياً لتصنع حكومة قوية قادرة على قيادة البلاد وحل مشاكله المستعصية الأمنية والخدمية والسياسية وأين هم الأقوياء الذين سيكون بمقدورهم التآلف وتشكيل حكومة وطنية تلبي حاجات الوطن والمواطن في هذا الضرف العصيب الذي يمر به العراق من تهديد مباشر لأمنه الوطني وأستهداف لبنيته التحتية وما يتعرض له من مجازر يومية .
كان على القوى السياسية أن تستثمر حجم المشاركة التي حدثت في الأنتخابات والتي تجاوزت 60% من المقترعين وخصوصاً بعد حالات الأحباط واليأس التي تعرض لها هذا المواطن بسبب تعطيل القوانين والتي في مقدمتها قانون ميزانية الدولة وكذلك قيام النواب بأقرار قانون التقاعد بما تضمنه من أمتيازات غير مستحقة للنواب على حساب المواطن العادي في فقراته (38،37 ) لكن يبدو أن كل قائمة باتت تعرف حجمها وحدود مساحتها وبالتالي لايهمها لاحجم المشاركة ولا ما يحتاجه المواطن في حياته اليومية لأنها تدرك أن اللعبة السياسية في العراق هي لعبة تحالفات وليست لعبة برامج وفائزين وخاسرين وﺇلا فأين هم الأقوياء الذين سيشكلون حكومة ( شراكة الأقوياء ) مع الائتلاف الوطني بجناحيه ( التيار الصدري والمجلس الأعلى ) حسب ما معلن من النتائج التي أنتهت ﺇليها الأنتخابات التشريعية الأخيرة : ائتلاف متحدون للأصلاح بقيادة النجيفي23 مقعدا ، ائتلاف الوطنية بقيادة أياد علاوي 21 مقعدا ، الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود برزاني 19 مقعدا ، ائتلاف العربية بقيادة صالح المطلك 10 مقاعد ، مع الأشارة ﺇلا أن بعض هذه القوائم قد خسرت نسبة كبيرة من مقاعدها في الدورة الانتخابية السابقة كما حصل مع الوطنية العراقية لأياد علاوي والتيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني فأين القوة في مكون سياسي أو أثني أو قومي في حصولة على مانسبته العشرين مقعد من مجموع (325 ) مقعدا أليس فشله في الحصول على مقاعد أكثر مما حصل عليه بالدورة السابقة يعني فشل لبرنامجه الأنتخابي ومشروعه السياسي فكيف نمنحه قوة تحالفية عددية يكون فيها رقماً بين أرقام عدة ونمنحه الوزارات فقط لتمرير مشروع طالما قاد العراق ﺇلى معترك من الفشل والمحن التي مازالت تأن من أوجاعها الساحة العراقية لليوم .
يبدو أن العراق ليس مقدراً له أن يتعافى وأن يغادر المنطقة الحمراء التي وضعه فيها سياسيو تقاسم المصالح المشتركة لوقت طويل فهذه الطبقة الفوقية من السياسيين مازالت بعيدة كل البعد في رؤيتها الضيقة لحجم الأخطار المحدقة بالعراق والمستقبل المجهول الذي نسير ﺇليه وليس في نيتها تغير أتجاه البوصلة السياسية نحو الوجهة الحقيقية بعد أن أيقنت حجمها الحقيقي رغم كل فشلها الذريع وفي كل المستويات وصلت ﺇلى درجة تعطيل قوانين الدولة المهمة التي لها علاقة مباشرة مع حياة المواطن مثل قانون الميزانية لذلك فان السنوات الأربع القادمة ستكون مكملة لعدة ماسبقها من سنوات الفشل العراقي الذي سجلت أحزابه وطبقته السياسية أعلى نسبة من الفساد والمحسوبية والمشاركة في حصاد نتائج هذا الفشل والتغاضي عنه في واحدة من أسوأ الحقب الديمقراطية التي عرفها العراق في عصره الحديث والمعاصر .