المنبرالحر

في معنى حكومة انقاذ ! / د. مهند البراك

فيما تتزايد خلافات الكتل المتنفذة الحاكمة من جهة، وتتزايد المطالبات الشعبية بمحاسبة من تسبب في استفحال منظمة داعش الإرهابية و احتلالها لغالبية الارض و المدن في محافظات الانبار وصلاح الدين والموصل واطراف من كركوك، فإنها اخذت تتمحور على مطلب اساسي وهو الانتصار على داعش وتحقيق الأمن بحكومة قوية بدون رئيس الوزراء المؤقت القائم، لأنه هو السبب الأساسي الذي ادىّ الى بلوغ الأخطاء والتقصيرات باتّباعه السياسة الطائفية (التحاصصية) بشكلها الضيّق المتحيّز، التي تسببت بأضرار بليغة بالمكوّن السنيّ، في وقت اساءت فيه للمكوّن الشيعي ودفعت المكوّن الكردي الى معارضته بشدة والى سعيه لإعلان دولته بعيداً عن الفوضى والارهاب، السياسة التي ادّت الى استفحال المخاطر وبلوغها هذه النتيجة والى تهديد البلاد وبالتالي تهديد المنطقة باسرها بالإنقسام والتشظيّ والتقاتل الطائفي.
و فيما تتركز المطالب على تحقيق الملحّ والعاجل لمواجهة ما مرّ اعلاه، ترى اوسع الأوساط الأهمية القصوى لأصلاح العملية السياسية على اساس دستوري .. والغاء نظام المحاصصة الطائفي العرقي واعتماد مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين على اساس الإنتماء المتساوي للوطن، لكل ابناء اطيافه القومية والدينية و الطائفية والفكرية، وان يكون الإختيار لمواقع الدولة على اساس الكفاءة والنزاهة.. وعلى اجراء التغييرات الدستورية الضرورية لذلك، التي تقوم على تقييم تجربة السنوات الاحدى عشرة التي مرّت على اسقاط الدكتاتورية وعلى بدء العملية السياسية، وتحديد النجاحات والقصورات والأخطاء ومن المسؤول عنها لإتخاذ مايلزم .. وتقوم على تحديد ماهية التحديات الأساسية العاجلة التي تواجهها داخلياً واقليمياً ودولياً، سواء ما تواجهها الآن او تواجهها في المرحلة اللاحقة.
ان البدء بإقرار حقوق المحافظات الغربية والشمالية، والبدء بإجراءات التشكيل العاجل لحكومة من كل القوى والكتل النيابية دون المالكي هي حكومة الإنقاذ المنشودة، لإنقاذ البلد في مرحلة انتقالية تجري فيها تلك الإجراءات بصورة عاجلة لصيانة وحدة البلد وتحديث اسسها، وحمايته من الارهاب الذي تصاعد اخيراً على يد داعش و ما سميّ بـ (اخواتها) من ارهابيين و بعثيين وعسكريين صدامين سابقين، وكتعبير عن ان الحل هو سياسي اولاّ بكسب المكوّن السنيّ والشعبي العام من كل الطوائف والأديان والقوميات.. وليس عسكرياً فقط !!
و فيما يجري التحشيد والإستعداد وتجييش القوات لمحاربة داعش والهجوم عليها بهدف انهائها في العراق، والقضاء على الارهاب والجماعات الارهابية .. بالتمهيد باعادة بناء القوات المسلحة وهياكلها لتضمّ كل العراقيين دون تمييز وتوفير مستلزمات التدريب والتسليح الضروري .. واتخاذ الإجراءات الرادعة لمعاقبة الفاسدين وصيانة الدولة من الفساد .. ليصار الى عقد اجتماع لكل القوى والكتل الفاعلة، القوى التي ناضلت ضد الدكتاتورية، الكتل البرلمانية والتي داخل وخارج البرلمان، القوى والاحزاب المحركة الايجابية نحو البناء والتقدم و الرخاء، ممثلي كل الأديان والطوائف، ممثلي القضاء، ممثلي الشباب والنساء، ممثلي الصحافة والإعلام، ولا مكان فيه للارهابيين وفلول بعث صدام ومؤسساته .. لإصلاح وتقرير ماهية مسيرة العملية السياسية اللاحقة، ثم تشرف على انتخابات تشريعية لاحقة يُعمل بضوء نتائجها.
في وقت تشكّل فيه مبادرة السيد الصدر الداعية للمشاركة في تشكيل الحكومة المقبلة سريعاً وحل الأزمة الراهنة، لإيقاف تدهور الوضع الأمني في العديد من المحافظات .. بالتركيز على الحوار مع السنة المعتدلين واستثناء الصداميين والتكفيريين، و على ان حلّ المشاكل الحالية يجب أن ينطلق من معالجة أزمة المحافظات التي تعاني وتشعر بالتهميش. الأمر الذي ينسجم مع اهتمام المرجعية الدينية العليا لآية الله السيستاني بضرورة الاسراع بتشكيل الحكومة المقبلة بمشاركة الأطياف كافة .. و قد تفاعلت مع المبادرة غالبية الكتل السياسية وتناقلت الأخبار تلقيّ استجابات بشأنها من التحالف الكردستاني وائتلافي متحدون للإصلاح والوطنية، حيث تتواصل الاتصالات المشتركة لتفعيل المبادرة وتشكيل الحكومة المقبلة واختيار الرئاسات الثلاث في أقرب وقت ممكن، و بوجوه جديدة .. حكومة ينبغي لها أن تسارع إلى تحقيق المطالب المشروعة لكثير من المكونات العراقية.