المنبرالحر

دعماً للرئيس المؤمن / قيس قاسم العجرش

الإفراج عن المخطوفين ليس من عادة «داعش» أبداً. ومنذ متى يفرج الإرهاب عن رهائنه بهذه السهولة؟ مع ذلك أفرج تنظيم «داعش» عن الرعايا الأتراك الذين ظل يحتجزهم منذ 25 يوماً تقريباً في الموصل.
يفتح هذا الإفراج أعيننا على نمط تركي من التعامل مع الفصائل المسلحة التي ترعرعت في المأساة السورية ونمت أعناقها هناك، ثم انتقلت الى العراق بانسيابٍ لتكون ابشع تنظيمات الإرهاب على وجه الأرض حالياً.
المصدر الأول لهذه الصورة هو انتقاد المعارضة التركية لما تسميه «تـورّط اردوغان» في دعم خلايا غير مسيطر عليها، وبالتالي مساهمته المباشرة في خلق تنظيم «داعش» وغيره.
اردوغان اليوم يرشّح نفسه لرئاسة تركيا، وهو يواجه إنتقاداتٍ شديدة من المعارضة لدعمه الإرهاب ودعمه التطرف قبل ذلك. طبعاً أردوغان ومكتبه أكثر ذكاء من ان يتورّطوا في دعم الإرهاب مباشرة، إلا انه في النهاية فتح الباب بطريقة نظيفة (أمام معارضيه) للدعم القطري، ولغيره مما ساهم آخر المطاف في خلق «داعش».
إرهابيو»داعش» بدورهم يدركون جداً أهمية الدعم التركي لهم، وأهمية أن يكون اردوغان موجوداً في مركز صنع القرار، رئيساً للجمهورية أم رئيساً للوزراء. ومن هنا قرروا مقاومة رغبتهم الطاغية في قطع رؤوس المحتجزين الأتراك، وأفرجوا عنهم في عملية لا تفسّر إلا بكونها (دعما وانقاذا) لموقف أردوغان الداخلي، وهو على اعتاب الترشيح للاحتفاظ بلقب الرئيس المؤمن!
لنتصور ان الرعايا الأتراك كانوا قد قتلوا بطريقة أو بأخرى في الموصل، فمن سيكون المُلام على ذلك؟ بالتأكيد سيوجه اللوم الى داعش، لكن من سمح لداعش أن تتنمر؟ يعني بعبارة اخرى سيلام أردوغان، وكان يمكن لذلك ان تمسي ضربة قاصمة له في عشية الإنتخابات.
هكذا انقذ ماء وجه أردوغان في اللحظة الاخيرة بالإفراج عن الرعايا الاتراك، وبصورة او بأخرى سيحتفل «الرئيس المؤمن» بهذه العملية على أنها باكورة نجاحاته الإقليمية.
أخطر الاشياء ان تلعب الحكومات بالآلات البشرية الجارحة و الخطرة، وتتصور في ذات الوقت انها مالكة لزمام الأمور. وفي الحقيقة لا يوجد للأمور أصلا أي زمام، كي يتمكّن الراعي من السيطرة عليها، فاللحظة التي ينتهي فيها دور التوجيه هي لحظة خلق المليشيا الإرهابية ذاتها.
قبل اردوغان لعب كثيرون هذا الدور وانتهى بهم الحال الى كارثة، كما انتهى الى إيجاد تنظيم دولي إرهابي. وقبل اردوغان اعتقدت الولايات المتحدة انها بدعمها المجاهدين الأفغان ستتمكن من خلق بعبع يناطح روسيا اينما ظهرت. والنتيجة هي انها خلقت طالبان وافغانستان التي تفرخ إرهابيين من كل انحاء العالم.
المهم عندنا ان الصحافة التركية المعارضة تتكلم عن مسؤولية اردوغان في ما يخصنا نحن العراقيين ايضا. فهل سمعتم من اي مسؤول عراقي حديثا قانونياً في هذا الشأن؟..ام إن الوقت لم يحن بعد؟