المنبرالحر

الغشاشون يتصدرون المشهد ..! / علي فهد ياسين

لعل العنوان الأبرز لأداء السياسيين الذين تصدروا المشهد العراقي بعد سقوط النظام الدكتاتوري السابق هو الصراع على المناصب وتقاسم الغنائم الشخصية والحزبية ، خلافاً للأدعاءات والخطب والأدبيات التي تزخر بها برامجهم الحزبية وأنشطتهم الشخصية عبر وسائل الأعلام المملوكة أو الساندة لهم ، الممولة أصلاً من المال العام أو أموال الجهات الخارجية الداعمة لتحقيق أهدافها على الساحة العراقية.
هذا الصراع المتصاعد بضراوة الآن ، لم يستند في بداياته ولافي استمراره على أُسس نظيفة تعتمد الصدق مع المواطن ليكون مشاركاً فاعلاً في اعادة بناء وطن دمرته الحروب العبثية للدكتاتورية السابقة ، بقدر ما كان الأعتماد على الغش منهجاً عاماً في أنشطة السياسيين وبطاناتهم الأعلامية والأقتصادية التي أسسوها للتغطية على أدائهم الهزيل ونتائجه الكارثية في جميع المجالات ، وصولاً الى مانحن عليه الآن من فوضى عامة تعيدنا لمشهد سقوط النظام السابق وتداعياته .
لقد أدى العراقيون أدوارهم المطلوبة في دعم السياسيين ، بمستويات تفوق ما كان يحلم به هؤلاء ، ودفعوا أثماناً باهظة من دماء أعز أبنائهم ، ناهيك عن ضياع أحلامهم في الحياة الكريمة التي كانوا موعودين بها في برامج الأحزاب التي تصدرت المشهد السياسي وفي خطب زعمائها قبل سقوط النظام وبعده ، وما كان جنيهم سوى المزيد من الآلام والمصائب التي جرتها عليهم الصراعات الفئوية والحزبية التي أدارها ولازال يديرها زعماؤهم المنتخبون وجهاتهم الساندة ، وكل هذا الخراب جاء تأسيساً ونتائج على فقدان الصدق والمكاشفة التي غيبهما القادة واستبدلوهما بالغش السياسي الذي دمر الجميع ، حتى وصلنا الى مستوى المواجهات المسلحة التي تقودها الأطراف السياسية ضد بعضها بأذرع مليشياتها المحلية أو باستدعاء قوى مسلحة خارجية تشكل الآن عصابات داعش أفظع مثالاً عليها .
هؤلاء القادة الذين منحهم الشعب العراقي ثقةً لا يستحقونها ، هؤلاء القادة الذين كانوا يتبجحون بمعارضتهم للدكتاتورية الفردية التي سقت العراقيين العلقم، لازالوا يصدرون بياناتهم ويملئون ساعات البث الاعلامي بخطبهم الرنانة ويبعثون برسائلهم المفتوحة للشعب ليلاً ونهاراً ، هؤلاء لازالوا مصرين بعد كل هذا القتل وهذه الدماء ، على أن كل واحد منهم هو القائد الملهم وكل رفاقه في المسيرة هم الخطاؤون ، وكأن الشعب نائم على مصائبهم وصراعاتهم التي افقدته الصواب خلال العشرة أعوام التي لم يقدموا فيها سوى الفوضى .
يحق للعراقيين أن يوصموا كل من خذلهم لمصلحته ومصالح الجهات الداعمة له على حساب العراق ، بأنه غشاش هو وفريقه المتقدم وبطانته الساندة وحزبه الداعم ، وهؤلاء جميعاً يستحقون أن يطلق عليهم العراقيون صفة الغشاشين ، وإذا كانوا الآن يتصدرون المشهد العراقي ، فأن للعراقيين الصادقين غداً مشهداً آخر يتصدرونه ، يعيدون به بناء الوطن ويحاسبون به جوقة الغشاشين .