المنبرالحر

مؤشرات غير مشجعة.. على جبهة داعش / عبدالمنعم الاعسم

من المثير للغرابة ان حركة الاعتراض على مشروع داعش الكهفي الاجرامي لا تزال دون فروض المواجهة وأدنى متطلبات وقف هذا المشروع عند حدّه، وإنقاذ ضحاياه، وفي المقدمة منهم السكان المدنيين الازيديين إذ يتعرضون الى ابشع عمليات التنكيل التي يمكن ان يقترفها غزاة وحوش ومنفلتون، فضلا عما يهدد النسيج الوطني كله.
اقول، من الغرابة، لأن الفرضية المعروفة عن ردود الافعال تشير، في تجارب وأحوال كثيرة، الى ان الظاهرات الشاذة والغاشمة في التاريخ تواجه مقاومات ضارية تعبر فيها الامم عن تمسكها الغريزي في موجبات الحياة الآمنة، ورفض وصفة الانكفاء الى حكم الغابة، كما تشير الى ان تهديدات القطعان الضالة للسلم الاهلي وخيار التعايش والتعددية يوحد انصار هذا الخيار في موقف يسد الطريق على الغزاة، او في الاقل يعرقل زحفهم.
والغرابة في ما يحدث لدينا تتمثل (اولا) في إنشغال الطبقة السياسية في ترتيبات تقاسم السلطة الجديدة، بعد انسحاب رئيس الوزراء المنتهية ولايته عن معادلات الحكم، وفي النأي عن البحث في تحشيد القوى لدفع خطر الارهاب الذي يهدد البلاد ومستقبل هذه السلطة.
و(ثانيا) في استمرار كتل ومحاور سياسية في التعويل على معادلة داعش ومحاولات استثمار افرازاتها الامنية والسياسية على الارض، وغياب قياسات النتائج والمكاسب في حال تم تكريس التمرد الارهابي المسلح في وجود يطول في الزمن ويتمدد في الجغرافيا.
و(ثالثا) في اقتصار الحملة الامنية والعسكرية على معارك وجيوب محدودة يفتعلها العدو نفسه ويحدد توقيتاتها وارضيتها، وغياب الخطط الامنية والعسكرية الاستراتيجية لتغيير مسار المواجهة الى عملية تحرير شاملة، تستفيد من الثغرات والفجوات ومكامن الضعف في المشروع الارهابي على الارض.
و(رابعا) في اضطراب احتياجات التعبئة الوطنية المنهجية والاعلام الاحترافي العلمي وعُقم الخطاب الاعلامي القائم على المبالغات في تحقيق الانتصارات والاهابات العاطفية والطائفية والفئوية، وفي التشويش المتعمد على المعلومات عما يجري في المناطق والبلدات التي فرضت عليها عصابات داعش سلطتها الظلامية، وانتشار الروايات والتقارير المتضاربة والملفقة وعن مصادر غامضة.
و(خامسا) في ضعف استجابة الفعاليات الدينية والثقافية والمجتمعية لفروض العمل الوطني الجمعي لكبح هذا الخطر وإشعار الضحايا من اتباع الديانات والاقليات والطوائف بانهم موضع تعاطف جدي ومشاركة وجدانية وعملية في محنتهم.
المطلوب اعادة هيكلة العقيدة السائدة، والمعتمدة، في مواجهة مشروع الردة الذي ينفذه داعش، وتحويلها من ردود افعال و"هوسات" وشعارات وشراء مشايخ وخطابات مثيرة للغثيان الى افعال نوعية موحدة توظف الوقت والجغرافيا والطاقات والارادات في معركة فاصلة تدحر بداعش وتلقي بمشروعه الى المزبلة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ينشر المقال اسبوعيا بالتزامن مع الزميلة (الاتحاد)