المنبرالحر

ما ضاع حق وراءه مطالب / مرتضى عبد الحميد

ما يعانيه العراق شعباً ووطناً، يشيب له الطفل الرضيع، فأينما أدرت وجهك وجدت جدراناً صماء، لا سبيل إلى اجتيازها، أو اختراقها، إلا إذا اجتمع العراقيون على اختلاف أديانهم وطوائفهم وقومياتهم وأحزابهم على كلمة سواء، يوحدون بها رؤاهم، ويحددون أهدافهم. لكن تحقيق هذا الحلم في الظرف العصيب الراهن يوازي طلب المطر في عز الصيف، لان غالبية أبناء شعبنا، ورغم مصلحتهم الحقيقية في بناء نظام ديمقراطي اتحادي يستند إلى مبدأ المواطنة، ما زالوا يرسفون في أغلال الطائفية، والخنادق المتقابلة، وبالتالي تتطاير شظايا ما تبقى من وعيهم، في أتون الشحن الطائفي والقومي والعشائري.
من أعاجيب السياسة عندنا، أن لا شيء مهما كانت خطورته، يجعل المتنفذين يتفقون على ما فيه مصلحة شعبهم ووطنهم. فكل واحد منهم يغني على ليلاه، ولا احد يغني على ليلى العراق، رغم الادعاء خلاف ذلك، ورغم المزايدات السياسية البارعين فيها، وهي الميدان الوحيد الذي تفوقوا فيه.
إن كابوس «داعش» وما تقوم به من إعمال بربرية لا مثيل لها على مر التاريخ، والخلافات في كيفية التصدي لها، تضع العراق كله على مشارف حرب أهلية طائفية بشرنا بها احد نواب رئيس الجمهورية! كما أن شبح التقسيم تعلو راياته هذه الأيام، بالإضافة إلى أن أسعار النفط انخفضت بشكل مريع، وبسببها تفتقت عبقرية القائمين على الشأن الاقتصادي عن حلول تستهدف الإجهاز على دخول الكادحين الشحيحة اصلاً، دون أن تجرأ على المساس بدخول الحواسم، وسارقي قوت الشعب.
وهنا لا نتحدث عن الكهرباء، والصحة، والتعليم، والإسكان، والنفايات التي تملأ شوارعنا وساحاتنا العامة. كما لا نتحدث عن الفساد المنتشر كالسرطان في جسد المجتمع وفي المؤسسات الرسمية كبيرها وصغيرها، ولا عن ملايين الأرامل واليتامى والمعوقين، ولا عن غيرها من المصائب والويلات.
بيد أن كل هذه الكوارث، وهي غيض من فيض كما يقولون، لم تحرك لدى المسؤولين ساكناً وكأنهم يعيشون في واد آخر، أو هم غير معنيين بما يدور في العراق، وبما يعانيه شعبه، ومن انتخبهم وأوصلهم إلى مواقعهم الحالية. فهذه الكتلة تعلق عضويتها في مجلسي الوزراء والنواب، وتطالب بتنفيذ أجندتها دون قيد أو شرط، والأخرى تحتج على تعيين امرأة أكاديمية يقال أنها مستقلة، بدلاً عن الأستاذ «عبعوب» اميناً للعاصمة، لان هذا المنصب من حصتها ولا يمكن أن يذهب إلى غيرها؟
أما لعبة الابتزاز وعض الأصابع، بين الإقليم والمركز، وبين مختلف الكتل المتنفذة، فتحولت إلى مسرحية بائسة، ومملة، يتولاها مخرج فاشل بأمتياز.
إن هؤلاء العابثين بمصير الشعب والوطن، لا تنفع معهم الاهابات أو المناشدات، بل حتى التوسلات، لأنهم استمرأوا السحت الحرام، وسهولة اغتصاب أموال الشعب والدوس على حقوقه.
والعلاج الوحيد لكل هذه الأمراض المستعصية، هو التحرك الجماهيري، والضغط عليهم بكل ما نستطيع.. و»ما ضاع حق وراءه مطالب».