المنبرالحر

العراق: بين التضليل والتجهيل..!!؟ / باقر الفضلي

بحلول آذار من هذا العام، تكون قد مرت إثنا عشر عاماً على غزو العراق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، ومع كل ما قيل ويقال حول دوافع وأسباب هذا الغزو، فإن الأمر لا يخرج في جميع الأحوال عن كون الحدث، كان عدواناً سافراً من قبل دولة تميزت بكونها من الدول التي وضعت نفسها في مصاف الدول الخمس الكبرى في العالم بعد نهاية الحرب العالمية الثانية/1945، ممن أنيط بها، مهمة حماية الأمن والسلم الدوليين، وضمان تطبيق ميثاق الأمم المتحدة؛ عدواناً على دولة عضو في هيئة الأمم المتحدة، لها من الحقوق وعليها من الواجبات، ما لجميع دول العالم الأعضاء في تلك الهيئة، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، وللذاكرة نشير بأن الحدث المذكور، لم يك الأول في نوعه، أو كونه سابقة جديدة في حياة الولايات المتحدة الأمريكية..!؟
ومع كل ما إستتبع ذلك العدوان، من تشكيل لمؤسسات الدولة؛ من برلمان وسلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية، ومن صياغة لدستور دائم، وتشريع لقوانين مختلفة، فإن أمراً بالغ الأهمية قد تم تكريسه على الصعيد الإجتماعي، حيث إقترن ذلك العدوان، بتفكيك وحدة وتجانس الشعب العراقي، ونشر بذور الفرقة والإنقسام، بين مختلف مكونات الشعب العراقي، من خلال بناء المؤسسات الجديدة بعد الإحتلال، على أسس من التفريق الطائفي والإثني، مما ساعد على خلق الممهدات الأولية لتقسيم البلاد وفق تلك الأسس، بل وتحضيرها لأمر مثل هذا، وذلك من خلال ما يسمى بمبدأ " المحاصصة "، الذي بات وكأنه الهدف الذي تسعى اليه جميع المكونات، من إثنية وطائفية، أو أنه القدر الذي إنتظرته عقوداً من السنين؛ فتحالف البعض من طلاتعها مع من يدعى ب "المحرر"، متناسية كل ما له علاقة بكارثة " الإحتلال"، فإستمرأت النتيجة، وسعدت بها، وظلت رهينة لها، لما وجدت فيها من سحر ما يسمى ب " العملية السياسية " ، التي تجاوزت إيراداتها السنوية، مبالغ خيالية، جاوزت إيرادات الكثير من دول المنطقة..!؟
ولديمومة وضع كهذا، حيث يمكن التحكم به بسهولة، جرى شل وتدمير القاعدة الهيكلية للإقتصاد الوطني العراقي، على مختلف الأصعدة الصناعية، والزراعية، وتحويل الإقتصاد الوطني الى إقتصاد ريعي، يعتمد في أكثر من سبعين في المائة من تمويله على إنتاج وبيع النفط، ناهيك عن إرتفاع نسب البطالة، والبطالة المقنعة، وإتساع نطاق الفساد بشكل ملفت للأنظار، لدرجة باتت الموازنة السنوية رغم حجم الإيرادات الكبيرة للميزانية، تعاني من العجز، بالمقارنة مع المصروفات المقررة..!؟؟
أما على الصعيد السياسي، وما لحقه من وضع أمني، فقد ظل العراق يراوح في خندق الصراع الداخلي بين ما جرى التعارف عليه بما يدعى ب " المكونات " ، لدرجة بلغ فيها الإستقطاب السياسي " الطائفي" حدوداً ما بعدها غير "الهاوية"، وأصبح من المسلمات البدهية، أن رسم كل مكون من هذه المكونات خطوطه الحمراء، فجرى إستبدال المباديء العامة، والمتعارف عليها للتنافس الديمقراطي، في تسنم مقاليد السلطة، بأحكام التوزيع المبني على أسس من "المحاصصة التوافقية" بين تلك "المكونات"، وإن تم ذلك وفق إطر شكلية للمباديء الديمقراطية...!؟
ولم ينته الأمر عند تلك الحدود؛ فما صنعته أخيراً لعبة " الورقة الداعشية "، من وضع جديد على الصعيدين السياسي والإجتماعي، وما أفرزته من تداعيات كارثية على الصعيدين الأمني والسياسي، قد عمق كثيراً من حالة الإستقطاب السياسي الطائفي الداخلي، ليمتد بعيداً ساحباً الى دائرة تأثيره، دولاً وكيانات دينية، كانت بعيدة عن تلك اللعبة الطائفية، ومنها دولة مصر على سبيل المثال، ممثلة بالمرجعية الدينية في الأزهر الشريف وهلم جرا..!؟(1)
أما على الصعيد الإعلامي، فإن الأمر نفسه بات يتردد صداه على مواقع إنترنيتيه، مثل ccn وال bbc ورويتر roiter وغيرها من المواقع العربية الخليجية، مثل العربية والجزيرة ومن شاكلتهما، في توظيفها للأخبار، وما يجري من أحداث على الساحة العراقية، بنفس الطريقة والإخراج الذي يوحي، وكأن ما يدور هناك ، ما هو إلا إحتراب طائفي؛ فقد لعب ولا يزال مثل هذا الإعلام، دوراً مرسوماً بدقة، وغاية هدفه، تأجيج مثل ذلك الإحتراب، من خلال شحنه الأطراف طائفياً وبذر بذور الشقاق بين الطوائف، في محاولة ربط وتحليل وقائع الأحداث من زاوية الإفتراضات الطائفية والمذهبية، حتى لو إقتضى الأمر إختلاق الأحداث نفسها، بما يعزز تلك الإفتراضات..!!؟؟
فليس عبثاً القول، بأن إثني عشر عاماً من تأريخ الفوضى، وإفتقاد الأمن، وإستشراء الفساد بكل صوره وأشكاله، ظل يقف دائما، كنتائج خلف ما قد تم رسمه وخطط له، لأن ينتهي العراق الى دولة ضعيفة منقسمة الى شيع وطوائف، ومشغولة بمشاكل قد فرضت عليها، لينتهي بها المطاف الى الإحتراب الطائفي الداخلي، الأمر الذي لم تخفه مقاصد إحتلال أمريكا للعراق في عام/2003، أو ما كانت قد أضمرته رياح الربيع العربي التي إجتاحت ربوع المنطقة، وهو أمر لم يعد بخاف، حتى بالنسبة لمن واكب العملية السياسية منذ بداياتها الأولى، أو كان من أقطابها الرئيسة..!؟(2)