المنبرالحر

بعدكم ... ما عاد الوطنُ حراً ولا الشعب سعيد / خالد حمزة الحمداني

منذ تأسيس الدولة العراقية و بنظامها الملكي مروراً بالحكم الجمهوري إلى يومنا الحاضر نشأت أحزاب وحركات سياسية كثيرة في العراق كل منها يحمل أيديولوجيات مختلفة تتصارع فيما بينها منها من ذهب كالزبد جفاءً مع أول رياح تغيير هبت على ارض العراق ومنها ما نفع الناس فمكث في الأرض ... صامداً ومناضلاً يصارع شتى أنواع الديكتاتوريات والأفكار الظلامية المتحجرة التي أرادت أن تجعل من الشعب مطيتاً تركب عليه للوصول إلى أهدافها الآنية والأنانية .
ومن هذه الأحزاب التي مكثت في وجدان وضمير أبناء الشعب العراقي ... الحزب الشيوعي العراقي الحزب الوحيد في تاريخ العراق الحديث الذي كان همه بناء المجتمع ... مجتمع عراقي مثقف واعي مدرك لما يدور حوله من صراعات فكرية وسياسية .. مجتمع يسير جنباً الى جنب مع الدول المتحضرة.
كان من الأحزاب القليلة التي تركت اثراً طيباً في ذاكرة الشعب بإنجازاته العظيمة و بصمات واضحة في تاريخ هذا الوطن .. وبشتى الميادين وبكافة المجالات الفكرية والثقافية والعلمية .. وأخص بالذكر كوادره التعليمية التي يشار لها اليوم بالبنان لإخلاصهم وتفانيهم في العمل ..... الإخلاص الذي تفتقر لهُ مؤسسات الدولة بوقتنا الحاضر في العراق الخاضع لحكم الأحزاب الإسلامية .!! الأمر الذي جعل منهم مضرباً للأمثال فإذا أراد احداً أن يصف شخصاً ما بالنزاهة فيقولون عنه انه ( شيوعي ).!! وهو بحد ذاته مدعاة للفخر ... وكل ذلك يعود لضم الحزب في صفوفه ومنذ نشأته خيّرة وصفوة أبناء هذا الشعب وكفاءاته المثقفة من علماء وفنانين وشعراء وكُتّاب وأدباء وموسيقيين لازالت انجازاتهم العظيمة شاخصة وراسخة في ذاكرتنا وذائقتنا ليومنا هذا .
ولاعتباره خطراً على مشاريعهم في تجهيل الشعب وتدمير الوطن تحالف الظلاميون من رجال الدين المتأسلمين والبعثيين آنذاك وقادوا ضده هجمة شرسة لمحو انجازاته وطمسها كون الطبقة الوسطى المثقفة العاملة المؤثرة والحاملة على عاتقها تسيير أمور الدولة كانت بيد الشيوعيين .. بغية استبدالها بكوادر عاملة جديدة تدين بالولاء لحزب البعث .. استمر هذا الحلف المشؤوم بمحاربة الحزب الشيوعي العراقي فكرياً وعقائدياً للتنكيل به واضطهاد أفراده والزج بهم في غياهب السجون وإخضاع ما يمكن إخضاعه منهم وبشتى الوسائل وتشريد ما يمكن تشريده إلى بلدان المهجر ... لتخلوا لهم الساحة ليبدأ بعدها عهداً اسوداً يسوده الانحطاط ليس على المستوى الفكري للمجتمع فقط وإنما انعكس بلاءه على كل مجالات الحياة للشعب العراقي وهو ما نراه اليوم واضحاً للعيان من انجازات هذا الحلف المتخلف في وقتنا الحاضر.
وبالرغم من كل ما مورس ضده من تشريد وتهجير استطاع هذا الحزب العظيم بشهدائه وأبنائه البررة الذين ساهموا بشكل فعال بوضع الأسس المتينة لبناء دولة وطن حر ينعم فيه كل أبنائه بالعز والكرامة .. سواسية لا يفرق بينهم احداً على أساس عرقهم او دينهم او مذهبهم او حتى قوميتهم .
فلو منحه خفافيش الجهل الظلام الفرصة الحقيقية لما وصلنا إلى حالة البؤس والتخلف التي نعيشها اليوم لقد كانت حقبة السبعينيات من القرن الماضي هي الشاهد على انجازات هذا الحزب وكما يُطلق عليها العراقيون بالفترة الذهبية التي يتوق جميع العراقيين للعودة إليها الحقبة التي كان فيها الوطن حرٌ والشعب سعيد