المنبرالحر

كيف ينتصر العراقيون..؟ / سلام حربه

تزداد الهجمة الشرسة على العراقيين يوما بعد اخر . ومنذ عام 2003 حتى يومنا هذا لم ينعم العراقي بيوم راحة . الكل يلاحقه ويحاول ان يقتص منه :الارهابيون،الطائفيون، الفاسدون، المزورون،اصحاب الاجندات الخاصة. لكن منذ حزيران عام 2014 اخذت الامور اتجاها اخر، وصار نصف مدن العراق الان تحت احتلال داعش الارهابية وهي تسرف في تدمير العراق ونزف دماء ابنائه.
ان السياسة الطائفية الخاطئة التي اختطتها الحكومات المتعاقبة التي تشكلت بعد الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 هي التي مهدت الى استفحال ظاهرة داعش وبالتالي احتلالها للمدن العراقية واخرها مدينة الرمادي التي تشكل محافظتها الانبار ثلث مساحة العراق. وان انهيار المنظومة الامنية وعجزها عن مواجهة عصابات داعش مؤشر خطير على ان هناك خلل بنيوي في النظام السياسي العراقي. فليست المنظومة الامنية التي تشكلت وفق المحاصصة الطائفية وتوافقات القوى السياسية النافذة وحدها اصابها الخلل، بل كل مرافق الدولة اصبحت صورية وعاطلة. وهذا ما جعل بنيان العراق هشا وضعيفا وقابلا للاختراق في اية لحظة.
ان من يدفع الثمن في كل حين هو المواطن المسكين الذي لا حول له ولا قوة، والذي اصبح مهددا بوجوده ورزقه وليس له من ناصر ولا معين. علما ان اعضاء الكتل السياسية التي تدعي تمثيل طوائف المجتمع العراقي لم يدفعوا شيئا من الثمن، على العكس وقد زاد صلفهم وغيهم وسرقتهم للمال العام، ووقفوا متفرجين تجاه ما يحصل من تمدد لداعش في المدن العراقية. لا بل ان هناك من السياسيين من تبرع ان يكون ناطقا رسميا لداعش ويفخر بجرائمها وفظائعها التي تفضح ظلامية هذه القوى وبربريتها.
سينتصر العراقيون على داعش اليوم او غدا، ولكن هذا يتطلب من الشعب العراقي المزيد من اللحمة الوطنية، وان يقفوا بوجه نظام المحاصصة الطائفية التي كانت داعش احدى ثماره الفجة، وان يسقطوا الرهان المذهبي الذي تلتزمه قوى الاسلام السياسي، وان يكون النضال القادم منصبا على اقامة الدولة المدنية التي تعطي لكل ذي حق حقه، وتقوم باستنهاض الارادة الوطنية التي اجهضتها قوى الظلام واشاعت الولاء للطائفة ومن تعتبرهم رموزا لها.
نعم، الطائفيون لا يعنيهم الوطن قدر ما يهمهم تحقيق اجنداتهم المكلفين بها، ولا تعدو الدولة بالنسبة اليهم كونها وسيلة لتحقيق المآرب الشخصية والمنافع الحزبية الضيقة.
لقد انكشف زيف الطائفيين وادعاءاتهم وقصور وطنيتهم، ولم تعد سيرتهم الحقيقية ازاء الوطن والشعب خافية على أي عراقي مهما كانت ثقافته.
انها فرصة لتصحيح الاخطاء واعادة الديمقراطية الى سكتها الحقيقة من اجل بناء دولة المواطنة والمؤسسات والعدالة الاجتماعية، والوقوف بحزم ضد قوى الارهاب، وتشييد منظومة امنية وطنية بعيدا عن المحاصصة الطائفية والاثنية، واحالة المجرمين العابثين بالعراق والعراقيين الى المحاكم كي ينالوا جزاءهم العادل.
لقد انقضى اثنا عشر عاما من العثرات والازمات الخطيرة، لكن العراقي قادر على تصحيح المسار،رغم الثمن الباهض.
ويبقى العراق اقوى من كل مؤامراتهم..