المنبرالحر

بدمائهم قاتل الشيوعيون داعش / جاسم الحلفي

لم يتردد الشيوعيون العراقيون وأنصارهم في الوقوف مع شعبهم في معركته ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، فيما كان حزبهم الشيوعي العراقي يحذر من مخاطر تنامي التواجد الإرهابي في محافظات العراق الغربية. ونبهت تصريحات قادة الحزب قبل 10 حزيران 2014 الى مخاطر فرض الإرهاب سلطته على مواطني الموصل بطرق شتى، منها فرض الاتاوات، وتعطيل حياة المدينة، ومنع الحركة فيها بعد السابعة مساء. مشيرة الى استمرار تهريب النفط بالتواطؤ مع بعض من يفترض بهم حماية المحافظة.
ولم تتوقف متابعة الحزب وتحذيراته في شأن الموصل، ولم يكف عن تقديم المذكرات الصريحة والواضحة التي تبين بالملموس مخاطر تمدد تنظيم (داعش) وفرض هيمنته وسطوته على المواطنين، إلى ان وقع المحذور الذي كان متوقعا، عندما استباح (داعش) الموصل وفرض سيطرته عليها. عندها اصدر الحزب توجيهات ملزمة إلى منظماته الحزبية بدعم الجيش والقوات المسلحة، وتعزيز روح المقاومة والصمود. وانطلق الحزب في ذلك من قناعته ان المؤسسات الأمنية والعسكرية، هي التي تقع عليها مسؤولية التصدي للإرهاب، وذلك في ضوء برنامج الحزب الذي يدعو إلى اقامة دولة ال مؤسسات الدستورية، التي لا بديل فيها عن بناء المؤسسات على أساس الوطنية والمهنية والكفاءة والخبرة.
كذلك دعا الحزب اعضاءه ومناصريه إلى توخي الحذر والتحلي باليقظة والانتباه إزاء ما يتعرض له الوطن والشعب من مخاطر وتحديات كبيرة، من طرف الإرهابيين القتلة ومن يقف وراءهم، وضرورة حشد كل الطاقات والإمكانيات المتوفرة، وهي كثيرة جداً، لإلحاق الهزيمة بهم والقضاء على شرورهم.
كما دعا الى تشكيل اللجان الشعبية، وتنظيم المبادرت الطوعية لحماية ارواح المواطنين وتسهيل حياتهم على أسس مدروسة وبعيدا عن الارتجالية، وتفعيل الحراك المدني في نشاط واسع لدعم الجهد الوطني المقاوم، وحفز الجماهير الواسعة على الوقوف ضد الإرهاب، ومؤازرة النازحين والتخفيف من معاناتهم.
وساند الحزب مشروع الحشد الشعبي برؤية وطنية، بعيدا عن الانغلاق الطائفي، مشددا على ان تكون تشكيلاته ساندة للجيش والقوات الأمنية للدولة، وعلى حصر السلاح بيد الدولة.
معلوم ان الحزب لم يحتفظ، بعد قرار دمج المليشيات غداة التغيير عام 2003، وكالتزام منه بالإسهام في بناء دولة مؤسسات عصرية، بمنظمته المسلحة ( حركة الأنصار) المعروفة بإقدامها، وبتجربتها الغنية التي اكتسبتها ابان مقارعتها النظام الدكتاتوري الفاشي، في القتال وتنفيذ المهمات حتى داخل المدن وخلف خطوط العدو. لكن الشيوعيين في غمرة القتال الذي اندلع صيف السنة الماضية في بعشيقة وبحزاني وسنجار ومناطق اخرى لوقف زحف (داعش) ومقاتلتها، بادروا الى تشكيل قوات انصار جديدة وخاضوا القتال ببسالتهم المعهودة، بل ولم يغادروا مدينة ا?قوش مثلا، التي نزح منها اهاليها خشية زحف (داعش)، ثم عادوا اليها بعد اسبوعين من ذلك.
كما تطوع عدد غير قليل من الشيوعيين ومناصريهم في الحشد الشعبي ضمن تشكيلات عمليات بغداد، وخاضوا القتال في الكرمة وغيرها، واستشهد في المعارك مع (داعش) عديد منهم، اذكر منهم الشهيد سلام عبيد من صلاح الدين، و رائد علي جبار من بغداد، و ميثم نجيب شلش الذي استشهد بتاريخ 26 ايار الماضي في منطقة الكرمة - قاطع الانبهار، والشهيد صفاء كندير حيال حميدة الساعدي الذي استشهد بتاريخ 27 ايار في منطقة سيد غريب - قاطع صلاح، والشهيد حسن ياسين شعبان في منطقة الدجيل، والشهيد عباس طلاب عبد السادة الفتلاوي الذي استشهد في الرمادي في اذار الماضي، والشهيد صباح عبودي حمزة العلياوي الذي فقدناه في صلاح الدين في أيار الماضي، والشهيد مضر عبد الرزاق تريب في معركة تحرير مصفاة بيجي اواخر أيار الماضي، والشهيد حسين محمد دارا في منطقة البو عجيل، والشهيد خضر عباس إسماعيل يوم 28آب 2014 في سليمان بيك قرب كركوك، والشهيد زين العابدين شكور إبراهيم يوم 6/11/2014. هذا الى جانب مشاركة اعضاء واصدقاء الحزب الشيوعي الكردستاني ضمن قوات البيشمركة في المعارك على اكثر من محور.
لا شك في ان اسهام الحزب الشيوعي العراقي في معركة الشعب ضد الإرهاب، هو جزء من واجبه الوطني الذي ظل يؤديه بنكران ذات، دون تطلع الى منافع حزبية او سعي الى توظيف دعائي. لكن اسهامه الأكبر هو ما قدمه ويقدمه من رؤية سياسية واضحة تقوم على كون المعركة ضد الإرهاب ذات إبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية وفكرية وثقافية، وتتطلب حزمة من الإجراءات، وليس من الصحيح قصرها على الجانب العسكري، رغم ما لهذا الجانب من أهمية استثنائية في المعركة، التي لا ريب في ان شعبنا سينتصر فيها.