المنبرالحر

سياسيو العراق والمصالحة الوطنية / سلام حربه

لماذا لم تتم مصالحة وطنية حقيقة منذ عام 2003 وحتى يومنا هذا ومن المسؤول عن عدم جلوس الفرقاء السياسيين الى طاولة الحوار والنقاش من اجل تسوية المشاكل السياسية العالقة بينهم..؟ ان الطبقة السياسية التي حكمت العراق لم تطرح في ادبياتها وفي برامج ادارتها للدولة العراقية مشروعا وطنيا بل كل ما عملته هو تاجيج النعرة الطائفية والعرقية بين مكونات المجتمع العراقي لانها وجدت ان بقاءها الابدي على كرسي الحكم مرهون بالانقسام والتشرذم ولذا فانها عملت وتعمل جاهدة ان تكون المحاصصة الطائفية والتوافقات والتوازنات هي النظام السياسي الذي يجب العمل به ولذلك عمدت الى الاستحواذ على المناصب الرفيعة والاستئثار بالمال العام في صفقات فساد رهيبة مع تهميش دور الاقليات الدينية والعرقية لان صوتها ضعيف ولا يكاد يسمع مع ضجيج المذهبية والصراع المحموم على السلطة..لم يفكر السادة مسؤولو السلطات الثلاثة على عقد مؤتمر وطني ووضع وثيقة شرف لاحزاب السلطة والمعارضة والقوى والشخصيات المدنية والعلمانية واصدار القوانين والتعليمات الملزمة التي تحفظ حقوق المجتمع العراقي بكافة اطيافه واعراقه.. ان كانت النوايا سليمة فالأشراف من السياسيين موجودون في كل الكتل السياسية ، كما يجب اشراك القوى الديمقراطية صاحبة الارث النضالي في هذا الحراك المجتمعي من اجل خلق جبهة وطنية قوية قادرة على التصدي لقوى الارهاب والمفسدين واصحاب الاجندات المشبوهة.. ان كل كتلة سياسية في العراق من التي تُسمى بالكبيرة لم تحاول التنازل عن بعض حقوقها الى الطرف الاخر وهي غالبا ما تستخدم لغة التهديد والوعيد حين يطالب الاخرون بحقوقهم لانها تمتلك السلطة كاملة والمال العام وما على الاخرين الا الانصياع لمشيئتها والا مصيرهم الهلاك والفناء.. ان هذا التزمت واليقين السياسي الاعمى الذي يمارسه حكام البلد هو الذي سهل دخول داعش واحتلالها لأكثر من ثلث مساحة العراق وقتلها للناس بالجملة وتخريب المدن وتهديم كل المعالم التاريخية والحضارية لبلاد ما بين النهرين.. يبدو ان سياسيي العراق سادرون في غيهم فليس في اعرافهم التصالح والتنازل قيد انملة الى الاخر الاقل عددا.
ان الطائفي النرجسي لا يرى الا نفسه وليذهب الاخرون الى الجحيم.. ويبدو ان هناك اجندة وعليهم تطبيقها بحذافيرها وان يقسموا هذا البلد الى كانتونات طائفية تكون لقمة سائغة لقوى الاستعمار العالمي ولبلدان الجوار..ان القضاء على داعش لا يتم بالحل العسكري بل يجب ان يرافقه حل سياسي ومصالحة حقيقة بين المكونات والقوى الخيرة من اجل سحب البساط من تحت اقدام داعش وطردها والى الابد من ارض العراق.. سياسيو الصدفة الذين يحكمون العراق اليوم ،ولأنهم دخلاء على السياسة، لم يفهموا ان هذا البلد متنوع باديانه واعراقه وان هناك قوى وطنية واحزاب يسارية وديمقراطية مضى على تأسيسها قرابة القرن من الزمان صحيح ان تمثيلها ضعيف في سلطات البلد لكن حضورها كبير في الشارع العراقي يجب ان تأخذ زمام المبادرة في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين الطائفيين، لكن هذا الامر لن يتم لان خراب البلد وحده من يمنح المتنفذين حق التحكم برقاب الناس ولقمة عيشها.. المصالحة الوطنية بحاجة الى رجال وطنيين وليس الى طائفيين..