المنبرالحر

الربيع العربي بعد 30 يونيو ( الجزء السادس ) سوريا غصة الربيع العربي / تحسين المنذري

لم يكن بلد أكثر من سوريا مؤهلا لاستقبال رياح التغيير في عموم المنطقة ، فكل العوامل الموضوعية سواءا كانت إقتصادية أم إجتماعية وكذا السياسية تشير الى قرب الا نتفاض على النظام ، أو في الاقل ضرورة التغيير ، وما أن تنسمت الشعوب نسائم الربيع العربي حتى إتجهت الابصار لترى ما سيحصل في سوريا ،وبالفعل كانت الجماهير تخرج عن صمتها وتعلن إنها تريد المستقبل بدون الحكم الشمولي الجاثم على أنفاسها ، وخمسة أشهر من المظاهرات والاعتصامات السلمية ، لم تستطع أن تخلق قياداتٍ جديدة ولم تكن الاحزاب والقوى السياسية التقليدية بقادرة على قيادة التغيير المطلوب ، وليس بمعزل عن عسف النظام المعهود قدمت الجماهير المنتفضة الخسائر تلو الاخرى وكانت متعطشة لكل من يأخذ بها الى بر الامان ، ذلك ما أستغلته القوى الاقليمية بعد نجاحها في حرف ثورة ليبيا وتمكينها القوى الاسلاموية في تسلم دفة الحكم في كل من تونس ومصر ، ولأن سوريا في القلب من المنطقة والسيطرة عليها يضمن تحركا أكبر ونفوذا أوسع فقد بادرت القوى المعروفة بدعمها للاسلام السياسي الى تغذية الثورة السورية ليس بالمال والاعلام والمواقف السياسية فحسب بل بالمقاتلين الجهاديين من كل حدب وصوب مع الاسلحة الضرورية لابقاء سورية نازفة ، مع علمها بما يمتلك النظام من ترسانة أسلحة وأجهزة مخابرات وجيش مدرب موالي للنظام ، لتنتهي بذلك صورة الثورة السورية الراغبة بالتغيير الديمقراطي والمتطلعة نحو الحرية وتبرز بدلا عنها صور القتل والدمار برعاية اللحى الطويلة والدشاديش القصيرة وموجة من التفرقة الطائفية والتقسيم المتعمد للمجتمع السوري ،وساسة مبتدأين يصولون ويجولون بحثا عن دور آني أو مستقبلي ، لافرق ، فالكعكة دسمة واللقمة مستساغة بشكل كبير ، وصار أخوان سوريا نجوما للفضائيات ولموائد تجار السياسة الحالمين بالفرص الاستثمارية الواعدة . ولم تكن القوى الدولية بمعزل عن تازيم الوضع سواء الداعمة منها للنظام أو للقوى المناهضة الناشئة ، ولكل منها حساباته الخاصة والتي لاتقترب من مصالح الشعب السوري بشيئ ، فإزداد الوضع سوءا وصار المستقبل أكثر قتامة !!! حتى عادت الثورة المصرية لتصحح مسارها في 30 يونيو وماسبقها ومعها من تغيرات تشير الى قرب أفول الاسلام السياسي بشكل كامل في عموم المنطقة ،ولتبدأ مرحلة جديدة من الهزائم للقوى الظلامية في سوريا خاصة بعد أن جربت مدن عدة ظلامية مدعي ورافعي راية التغيير ، تلك المدن التي وقعت تحت سيطرة القوى الاسلاموية وعاشت قوانينها التعسفية الظلامية ،ووجدت الاحباط يملأ النفوس وكأن الندم هو سيد الموقف ، فهل سيستمر الحال كما هو عليه ويستمر الدم يلون المشهد السوري ؟ قد يأخذ الوقت حقه أكثر مما ينبغي لكن في النهاية ستنتكس راية الظلاميين ولا ينتصر النظام كما يريد هو ، فقط ستبقى سورية مجروحة ونظام سواءا برأسه الحالي أو بغيره لكنه مقصقص الاجنحة مع رغبته الابدية في الحكم عسفا وظلما ، وكل ذلك الى حين ، حيث ستبرز قوى التغيير الديمقراطية الحقيقية والتي تقود سوريا نحو الضوء ، إلا إن كل ذلك مرتبط بحجم ما سيجري في عموم المنطقة بدءا من التغييرات المحتملة في مسار القضية الفلسطينية وصولا الى تغيير أنظمة بعينها وليس إنتهاءا بنكوص ابدي لقوى الاسلام السياسي، لكن ببناء قوى سياسية حقيقية راغبة ومؤمنة عن حق بالتغيير، والى ذلك الحين فإن الشعب السوري يستحق كل التضامن فهو المتضرر الاول والاخير إن إنتصر النظام أو عادت قوى الظلام .