المنبرالحر

دولة في مهب ريح الميليشيات ! / احسان جواد كاظم

لم يخطر على بال احد ان يكون التعامل الحكومي مع اعتداءات عصابات ميليشياوية على مقر اتحاد الكتاب والادباء العراقيين في بغداد غير ما كان عليه، واقتصاره على صدور تصريحات التنديد والادانة لهذه الممارسات الارهابية دون الكشف عن عائدية هذه الميليشيا ومتابعتها قانونياً، بينما جرى في نفس الوقت ارسال قوة خاصة من بغداد لاعتقال عصابة ميليشياوية سيطرت على ملعب رياضي في مدينة البصرة.
ان التعامل الانتقائي في الحالتين يشير الى مدى الضعف الذي باتت عليه الدولة العراقية، فمن موقف متراخ في الحالة الاولى الى موقف حازم في الحالة الثانية.
رد الفعل الحكومي المختلف في الحالتين، كان غير مبرر، فقد شكلتا تهديداً مباشراً لهيبة الدولة وامن المواطن وخرقاً فظاً للقوانين العراقية.
والانكى من ذلك، هو فيما لو صحت الاخبار الصحفية التي اشارت بأن القوة التي اعتقلت مجموعة ملعب البصرة كانت قوة منتخبة من منظمة بدر قادمة من بغداد وليس قوة رسمية تابعة للجهاز الامني او العسكري العراقي، فحركة قوات مسلحة لابد ان تكون ضمن ضوابط رسمية محددة، وعكس ذلك، سيصنف قطعاً كخرق للمنظومة الامنية الوطنية التي ينبغي ان تكون خاضعة الى سلطة الدولة.
كما لا يخلو من معنى قيام سرايا السلام التابعة للسيد مقتدى الصدر باعتقال مجموعة من جيش المهدي المنحل، تقوم بتوزيع عشوائي لا قانوني لأراضي الدولة على مواطنين، خارج اطر الدولة الرسمية ثم العفو عنهم ببساطة ( ربما بأطعام عشرة مساكين مادام اعتاق رقبة اصبح في رسم اللا ممكن).
ورغم ما يبدو من نية طيبة فانها تخفي عدم اعتراف فاضح لوجود الدولة وعدم احترام لأجهزتها الرسمية ولقوانينها. فالاعتقال لم يكن بعلم الجهات المسؤولة عن تطبيق القانون و لا من قبل جهة رسمية وبدون امر قضائي، كما ان البت بمصير هؤلاء المتجاوزين على الحق العام ليس من اختصاص سرايا السلام بل كان ينبغي تسليمهم للجهات القضائية المعنية لتقوم بأجراءاتها القانونية بحقهم .
ينبغي التمييز بين الدور المشرف الذي تقوم به قوى المتطوعين في الحشد الشعبي الساندة لقواتنا المسلحة البطلة في مواجهتها لتنظيم الدولة الاسلامية داعش وبين التجاوزات الارهابية التي تحاول تكريسها بعض القوى الظلامية التي لا ترى في وجود دولة مدنية ديمقراطية بيئة مناسبة لفرض تسلطها وقيمها الرجعية المتخلفة.
ازاء هذه التجاوزات لهيبة الدولة والتي تعتدي على الحريات العامة والخاصة للمواطنين التي عهدناها من ايام المقبور والتي تحاول قوى الرجعية والتخلف استعادتها وتطبيقها في حياتنا الراهنة يردد العراقي المهضومة حقوقه:
" وين تروح يا ظالم، من كل هذي المظالم ؟ "*
* قصيدة حسينية تتعرض لجرائم المقبور بحق العراقيين.