المنبرالحر

في العراق ,قتل ممنهج / حسين طعمة

تتفاقم يوما بعد يوم أزمة التفجيرات الإرهابية في العراق لتأخذ أبعادا خطيرة ,وتطرح أسئلة عديدة نتيجة للتغيير الحاصل في كم ونوع وحجم العمليات التي تنذر بخطر مروع يأتي على جميع العراقيين بكل ألوانهم وأشكالهم دون استثناء ,وعلى الدولة العراقية ومؤسساتها وبناها التحتية وما تحقق من جهود المصالحة ومحاولات حثيثة من اجل تقريب الخطاب المذهبي والديني ,بعد تجربة مريرة من احتراب وإبادة وقتل وتشريد بين أبناء الوطن الواحد .
إن حجم المؤامرة خطير جدا وهو في تصاعد مستمر وقوى الإرهاب بكل أصنافه وحدت جهودها وخطابها الدموي ,وأصبح تأثيرها قويا وفاعلا نتيجة لأسباب عديدة أهمها عدم قيام أصحاب القرار بإنضاج تجربة المصالحة الوطنية ,والصراع المسعور على المكاسب الذاتية للقوى والأحزاب والكتل السياسية ,أدى إلى تمزيق الوحدة الوطنية وتعدد خطاباتها وأهدافها وأجنداتها ,يضاف إلى ذلك أيضا الخلل الكبير والعجز الواضح من القيادات الأمنية وقلة الخبرة الفنية إذا ما أضيف لها بعض من التهاون والخيانات هنا وهناك وانقياد البعض خلف أوامر الكتلة او الجهة بدل التمسك بالهوية الوطنية والانحياز للوطن .أما من أهم الأسباب المباشرة لتوسع العمليات الإرهابية الان هو توحيد جهودها وتوجيهها من مرجعية واحدة تجري بتأثير دول إقليمية راعية وداعمة وموجهة لنشاطها بعد قيام ما يسمى بدولة العراق والشام الإسلامية والتنسيق الذي يجري بين القاعدة بكل مسمياتها في العراق وجبهة النصرة في سوريا والدعم الكبير التي تتلقاه ماديا ومعنويا من خلال مركز العمليات السرية الذي تديره تركيا في مدينة أضنه ودعمها الحربي اللامحدود والسخي ,والذي يتم عبر الأموال القطرية وبعض الدول الأخرى ,وبهذا حصلت القاعدة والمنظمات الإرهابية الأخرى على منجم كبير للسلاح والعتاد وعناصر ومقاتلين جدد يتم دخولهم الى العراق عبر جبهة النصرة والحدود مع تركيا .
من الأمور الأخرى التي ساعدت في انتشار وتوسع العمليات الإرهابية هو تخلي العديد من المنظمات الصغيرة في الداخل عن منهجها السلمي في المعارضة ودخولها مع القاعدة وغيرها بعد التحشيد الذي مارسه البعض أثناء الاعتصامات التي جرت في مناطق متعددة من العراق واستغلال الكثير من الناقمين من أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية لضمهم الى جانبها وتسخيرهم في عملياتها الإرهابية ,رغم اعتدال خطاب العديد من رجال الدين وشخصيات وطنية أخرى لعدم الانجرار للعنف .
وما دام الأمر قد وصل الى هذه الحال ,في واقع صعب جدا ,يذهب خلاله الآلاف من أبناء الشعب في عملية إبادة جماعية وقتل ممنهج بين المفخخات والعبوات وأحزمة ناسفة ,تطال الجميع في المناطق الشعبية والأسواق المزدحمة ,فالسكوت الآن على هذا الخطر الداهم وعدم إيجاد الحلول السريعة والسبل الكفيلة بردعه ولجمه والحيلولة دون وقوعه يعطي إشارة واضحة للإرهاب والإرهابيين على توسيع عملياتهم التدميرية وابتكار وسائل اشد فتكا ودمارا في اي بقعة ,وفي اي مدينة ,حتى تلك التي كانت بالأمس عصية على عملياتهم وتحركهم .
ان العالم مطالب بالتدخل الفوري والسريع من خلال مجلس الأمن وهيئاته الدولية ,لوضع حدا لهذه الكوارث التي تفتك بالمدنيين العراقيين من خلال الكشف عن كل ما يدعم هذه العمليات ويقف خلفها ويساندها ويمدها بأسباب البقاء