المنبرالحر

أين الحكومة من هجرة الشباب؟ / محمد موزان الجعيفري

الحالمون بالطبيعة والجمال والامان يدفعهم الى المجازفة بارواحهم واهليهم بحثا عن احد بلدان المهجر الذي عسى ان يولدوا فيه من جديد ليكون بديلا لهم عن وطن انهكته الحروب والازمات والمخططات الاجنبية، لذا كان الاقبال من قبل بعض العراقيين وبالاخص شريحة الشباب على السفر الشرعي الى تركيا ومنها تهريبا عبر بحر ايجه الى دول اوربا التي فتح بعضها باب اللجوء لهؤلاء الحالمين بحياة افضل واغلقته اخرى . وبالتاكيد فان رحلة الهجرة وحلمها المميت ليست بالامر السهل او اليسير ابدا مادام الامر غير شرعي ويتم التعامل به مع مهربين لايمتلكون القيم او المبادىء سوى استغلال المهاجرين والحصول على ثمنهم مما يحملونه من مئات الدولارات بغير ضمانات مسبقة لحياتهم وحياة عوائلهم الذين سيغامرون بهم ليلا في قارب صغير وسط بحر مرعب مخيف تتجاذبه الامواج لتعلو وتنخفض فيه وحسب ماتشتهي وتريد الرياح في ذلك اليوم ولن ينتهي الامر بعبور بحر (ايجه) الذي قذف الى سواحله مئات الغارقين ليلا وهم في طريقهم الى الحلم المجهول فهنالك غابات وجبال وسهول على المهاجر السير فيها راجلا وسرا ليصل الى حدود اوربا الشرقية ويقضي هنالك اياما واسابيع في العراء امام حدود دولة منها صارخا مع المهاجرين المتجمعين بصوت عال (ساعدونا فقد اتينا هاربين من الحروب) حتى تأذن تلك الدولة بدخول أرضها لاجئين أو تسمح بعبورهم اراضيها الى دول اخرى وعند الوصول الى الدول التي ترحب بالمهاجرين وتستقبلهم بعد عناء ثلاثين يوما في احسن الاحوال فهنالك لن يجد مايحلم به من بيت او شقة منفردة مع راتب شهري مغر كما قيل وتمنى ان ينال بل يعطى غرفة في شقة الى جوار عائلة مهاجرة اخرى مع اجور طعام لااكثر وحتى اشعار اخر.
ومن المؤكد ان الهجرة المتزايدة بين اوساط الشباب وعوائلهم تتمثل اسبابها الكثيرة في البطالة واطالة الحروب والازمات واليأس والإحباط وخيبة الخريجين في الحصول على فرصة عمل بدون وجود خطط عمل آنية أو مستقبلية لاستيعابهم في المؤسسات الحكومية او القطاع الخاص المعطل هو الآخر بسبب الاعتماد على الريع النفطي وسياسة المحاصصة الحزبية التي ادت الى تفشي الفساد في الوزارات والدوائر كافة وايضا النزاعات الدائرة الان في دول الجوار وخاصة سوريا وانعكاساتها على الداخل العراقي وتفشي الارهاب والعنف في البلاد. كل ذلك كان له دور في هجرة الشباب العراقيين الذين وجدوا امامهم الاف السوريين على الحدود الاوربية .
لقد حذر وزير الهجرة العراقي من هذا التزايد الخطير في اعداد المهاجرين قائلا: ( ان ازدياد عدد المهاجرين العراقيين الى الخارج يعتبر خطرا طاردا للفئة العمرية الاهم بين السكان ) ، فاين الحكومة من هجرة الشباب ولماذا هذا السكوت من السلطة التشريعية والتنفيذية؟ الامر الذي يتطلب من جميع الاطراف السياسية الممثلة في الحكومة وخارجها ان تتحرك بصورة عاجلة وفورية باتخاذ قرارات رصينة وثورية ومدروسة تكفل للمواطنين عامة ولفئة الشباب خاصة حياة كريمة وطمأنة من يفكر بالهجرة واعادة ثقتهم بالحكومة ودعوة من هاجر خلال هذه الموجة الى العودة الى البلاد وتوفير الظروف الملائمة كتلك التي يبحثون عنها في تلك البلدان .
السؤال الذي يطرح الان .. لماذا لاتستثمر الاموال العراقية في احتواء الشباب عبر تفعيل المعامل المشلولة والمشاريع الزراعية المعطلة واستقطاب الشركات العالمية للاعمار عن طريق الاستثمار وازالة كل العقبات التي تعطل عملهم وتشجيع القطاع الخاص واشاعة مراكز الشباب بفعالياتها المتنوعة؟ فالشباب هم الطاقة ومصدر القوة العسكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في كل بلدان العالم اذا مااستغلت بالشكل الصحيح لا ان نفرط بهم ونتركهم يرحلون الى الدول الاوربية عبر هذه الطرق الوعرة ونحن ننظر اليهم دون ان نحرك ساكنا .