المنبرالحر

اقتلاع الفساد من جذوره / سامي سلطان

الكل متفق على أن الفساد، مد جذوره في كل تفاصيل الحياة السياسية والاقتصادية، على اعتبار أن السياسة هي تعبير مكثف للاقتصاد، وبما أن اقتصاد البلاد ريعي، معتمدا على واردات النفط فقط، وانعدام البنية التحتية للاقتصاد الوطني، فإن جحافل الطفيليين تنتشر، كالفطريات، وهي بالعادة لا تفكر إلا بما يؤمن جشعها في الحصول على الاموال، حتى لو اقتضى الامر بيع شرفها بابخس الاثمان.
للإنصاف، علينا أن نعترف ان الفساد المالي والإداري لم يكن وليد الساعة، حيث بدأ منذ زمن النظام المقبور، واتسع نطاقه بشكل أكثر جلاء ، في فترة الحصار ابتداءا من عام 1991 واستمر ذلك لمدة 12 عاما، وتحمل المواطن العبء الأكبر من المعاناة، في الوقت الذي أُطلق فيه العنان، للدكتاتور وحاشيته في للمتاجرة بمعاناة الملايين من الفقراء والمعدمين، اللذين اضطروا إلى بيع ممتلكاتهم الشخصية لسد رمقهم، اذ لم يسلم من هذا حتى العاملين في دوائر الدولة وغيرها من المؤسسات، حيث كانت رواتبهم لا تكفي لشراء طبقة بيض.
بعد إحتلال العراق عام 2003، اتسع نطاق الفساد وتجذر بصورة لم يسبق لها مثيل، حيث تفنن القابضون الجدد على السلطة في نهب ثروات البلاد والعباد دون أي وازع من ضمير، وقد أوجدوا الأطر التي تغلف سرقاتهم، من خلال مكونات حزبية طائفية، محمية بسياج من المافيات، تفننت في نشر الرعب بين الناس من خلال الجرائم البشعة التي ارتكبوها بحق الابرياء، تحت حماية هذا المرجع السياسي أو ذاك، هذا كله مصحوبا بالسرقات، التي كونت قطعان، من أصحاب المليارات، واستيلائها على العقارات، بل مناطق بأكملها، وتهريب الأموال إلى خارج البلاد، موظفين أنفسهم بالكامل لخدمة اجندات إقليمية، ودوليه، وبدون حياء.
ان القضاء على الفساد ،هو عملية معقدة وتحتاج إلى جهد مركز، وكذلك إلى مثابرة وتظافر جهود لازاحته، وقلعه من جذوره، وهذا يستدعي مواصلة العمل والجهد لمحاربته، على اعتباره لُب البلاء، والحاضنة، التي ولدة الإرهاب وغذته، وهو السبب الرئيسي في إيصال الوطن على حافة الهاوية، أن لم نقل الهاوية ذاتها، ومن هنا، لابد ان يتصدى أبناء العراق الشرفاء ويحملون رايته، كما حملها المقاتلون من أبناء القوات المسلحة بكل فصائلها، وهم يدحرون إرهابي داعش المجرمة، من أجل رفع راية الوطن خفاقة من جديد، لتعيد للوطن هيبته، وللمواطن كرامته وعزته.
الفساد هذا الوباء الخبيث لابد من اقتلاعه من جذوره، وهذا لا يتم إلا من خلال مواصلة العمل الجاد والمنظم والضغط المستمر كي يتخلخل، ليمكن انتزاعه بسهولة من تربة العراق الطاهرة، وها هي الأصوات الهادرة التي انطلقت في كل أرجاء الوطن، تواصل الضغط بكل جرأة وبسالة، عاقدة العزم على مواصلة المسيرة بكل حزم وإصرار .