المنبرالحر

حقوقنا المسلوبة في المادة 26 والنائب عمار طعمة / سعيد غازي الاميري

استبشرنا خيراً بقرار السيد رئيس الجمهورية فؤاد معصوم بإعادته مشروع قرار البطاقة الوطنية لمجلس النواب لمعالجة الحيف الوارد بالفقرة 26 والتي تجيز إبدال الجنين ببطن امه والقاصرين دون سن الثامنة عشر دين فطرتهم حالة تغير أحد الابوين دينة الى الدين الإسلامي.
اثارت هذه الفقرة المجحفة بحق سكان العراق الاوائل الكثير من ردود الأفعال الحريصة والرافضة لهذا الخرق الدستوري سأكتفي فقط بالإدانة الصريحة المتضمنة في بيان بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) والصادر يوم الاثنين المصادف 16/11/15 اقتطف منه
[وأضاف بوستن، أن "المادة 26 من قانون البطاقة الوطنية الموحدة جاءت في وقت حرج يمر به البلد"، مشيراً الى أن معظم المكونات العراقية متمسكون بتعايشهم حتى ظهرت هذه المادة زعزعت التعايش خاصة الأقليات الدينية التي رأت أنها مهددة]
طالعت كغيري التصريح الصادر من رئيس كتلة الفضيلة السيد عمار طعمة والذي يفسر به كون القانون لا يتعارض مع الدستور بقراءة وتفسير خاص بررَ أحقية المادة 26 المثيرة للجدل والخلاف!
بالوقت الذي التمس الشفافية بتصريحه المعبر عن قناعته وددت الرد بالمقابل بذات الروح من التخاطب الملتزم.
وفي نفس الموضوع نشرت في تاريخ 12/11/15 المقال بالرابط ادناه لمن يرغب في موقع الناس والمنشور ايضا بعدة مواقع الكترونية رصينة بعنوان (لبطاقة الوطنية تشريع لقانون برلماني أملَط )
http://al-nnas.com/ARTICLE/is/12w0.htm
يفرد بيان كتلة الفضيلة عدم تعارض المادة 26 مع الدستور ويطالب بعدم الغاءها بل ويعد الغائها "مخالفة لثوابت الاسلام التي اشترط الدستور العراقي عدم تشريع أي قانون يتعارض معها" مفسراً لذلك بقراءة فيها الانتقاء الأحادي الجانب واضح بالتفسير مستثمراً الاضطراب في الدستور نفسه والذي كتب بأسلوب حمال الأوجه وهذا رأي عام متفق علية والدليل كون الدستور ذاته اشترط المراجعة و التبديل والتغيير لكثير من فقراته وخلال عام من إقراره؛ ولكن لضرورات استحكام الكتل بالتسلط أهملوا عن عمد أي تعديل بل استمرؤوا ضعف الدستور كأمر واقع فُرِضَ على العراقيين وأقبح المكائد هي المحاصصة المدمرة والتي ابحرت بسفينة البلاد مع العباد في بحر لجه مظلم زاده الرياء والخيبة المثقلة بالدمار والموت..
يستسيغ السيد عمار طعمة عبارة الديمقراطية فيتحصن بها ولا غضاضة بذلك ولكن عليه ان يوضح باي درجة من النضج الديمقراطي يصنف دستورنا الجديد ..
الدول الديمقراطية المحصنة بعراقة تجاربها بعيدة جداً عن ديمقراطياتنا الوليدة بتشوهات لا تعد ولا تحصى ..
الديمقراطيات الرصينة لا تشترط لدين دون اخر حق القبول من الاخر دون غيره؛ أي من حق المواطن الأصلي والمكتسب الجنسية مؤخراً ان يغيّر معتقده الديني أو السياسي، جنسه ولونه برغبته هو بدون اكراه او تهديد مع ضمان كافة حقوقه المادية والمعنوية!
وديمقراطيتنا لا تجيز هذا البند المفتوح ومع ذلك قبلنا به ولا اعتراض لنا كاديان أخرى وكقوى مدنية تضم كل الملل والاطياف والأديان بان الإسلام هو دين الدولة ويجيز له قبول الأديان الأخرى الدخول فيه ولا يجيز العكس وبتخصيص أكثر اخصك القول بان الصابئة المندائيين هم دين غير تبشري أصلا لا نقبل أي شخص الدخول لديننا ومن يخرج لأي ملة او دين فهو حر وغير مأسوف علية و الازيديون كذلك دين غير تبشيري ولا احسب المسيحيين بالعراق من الطمع بمكان أن يفكروا باستمالة احد لصفوفهم وبخاصة من المسلمين.
فديمقراطية دستورنا لا ترتقي للاستشهاد بها ولا المقارنة ولا المقاربة حتى!
يجيز السيد عمار طعمة لنفسه الحق المكتسب بان يولد مسلماً بالفطرة ويصونها لأجياله ويثقل بها على غيره وبهذه الجزئية يقترب من قناعته الدينية الخاصة فيمرُرها لنا وعلينا التنفيذ بغرابة منافية لأبسط حقوق الإنسان والمشرّعة بأغلب الأديان والشرائع!
يذكرني تفسير السيد عمار طعمة بانتهاك صارخ قد حلَّ بعائلة مندائية في عهد صدام حسين حين اشهرت احدى السيدات اسلامها فأجاز الظرف العام ان تخطف اولادها القاصرين وتدخلهم الإسلام معها دون رغبة ابوهم وحين رفع قضية استرجاع اولاده امام المحكمة لم يكسب القضية بسبب اجتهاد من المحكمة بالمفاضلة بين الدينين و لا سند لها من القانون ..
بل الأنكى من ذلك بعد حين هي رفعت علية دعوة نفقة لأولادها من صلبه فكسبتها وألزم الاب بدفع النفقة لأولاده المسلوبين منه ليس فقط بديانتهم بل حتى مقابلتهم!
وعلى اثر هذه المفارقة الظالمة طلب رئيس طائفة الصابئة المندائيين في العراق والعالم الريش امه " كنزبرا آنذاك" ستار جبار حلو و بالمباشر من صدام حسين برفع الحيف والظلم عن هذه العائلة فزاغ صدام وحولها الى المجلس الوطني آنذاك وهم بدورهم فسروها استناداً للمماثلة مع السعودية وغيرها من الدول وسوِّفَ الطلب..
اليوم مجلس النواب يعيد لنا انتاج احدى تخرُّصات النظام السابق فيدس الفقرة 26 الظالمة مشرعة من الشعب هذه المرة! لتسلب حقوق غير المسلمين تماماً حتى بالميراث بعيداً عن الغاية المثلى للقانون المزمع و المراد به تبسيط تعريف هوية العراقي فأجاز لنفسه الإفتاء والتشريع الديني بقضيه هي ليس من صلب عمله بل من واجب القضاء وهذ مخالفة مضافة ..
نحن عباد الله البسطاء نفهم الديمقراطية بانها تصون حقوق الأقلية من قبل الأكثرية وهذا هو اللب والجوهر لروح الديمقراطية لا ان يقرروا علينا ونحن ننفذ صاغرين. هذه حقوق ثابتة وليست قرارات ديناميكية وفق حاجة البلد الانية في أمور السياسة والاقتصاد وغيرها.
يرد في توضيح السيد طعمة تفسير معكوس تماماً فيقول الاتي
[وأضاف أن "بعضهم ذكر ان الحاق القاصر بدين أحد أبويه المسلمين هو اكراه وطالب ببقائه على دين أحد أبويه غير المسلم)"، متسائلا "لماذا تعتبر مطالبتك بإلحاق القاصر بديانة أحد أبويه غير المسلم امرا سائغا ومنسجما مع الحرية وليس اكراها وعندما نقول يلحق بأحد أبويه المسلم تعتبره إكراها؟ ثم ان الاكراه وهو (ان تجبر الغير على ما لا يرضاه ولا يختاره) غير متحقق في المورد، لأن الاكراه يقوم بأركان فيها صدور تهديد ووعيد من شخص على الغير ينفذه بحقه إذا تخلف الغير، وكما تعلم ان الموضوع مقتصر على اعتبار وإلحاق القاصر بديانة احد أبويه المسلم ولا يترتب أي تهديد عليه بل ترك له الخيار عند بلوغه سن الرشد ان يختار الديانة التي يقتنع بها، فأين الاكراه في الموضوع؟]
فرض الامر بخصوص تغيير المعتقد بقانون تمرره الأكثرية وتلزم به الأقلية الرافضة له هو الاكراه بعينة ففاضلت ان يلحق الأبناء تحديداً بالدين الجديد لاحد الابوين، ثم الطفل قاصر بحكم الشرع الديني والمدني أيضا فتجيز لنفسك أن تسلب فطرته وتهيأ له حاضنه فكرية مختلفة لتنشئته على قاعدة خذوهم صغاراً دون رغبة احد الابوين ولا تسميه أكراه..
وفي مكان اخر يقع السيد عمار طعمة في مغالطة أخرى فيقول
[ بعضهم ذكر أن ذلك الحكم لا ينسجم مع حقوق الانسان، والجواب هو ان احكام حقوق الانسان وفق المبدأ الذي تؤمنون به هو ما تبنته الدول المتحضرة وما تعمل به في تنظيم شؤونه والانتماء للوطن واكتساب جنسيته من الشؤون والحقوق الشخصية الواضحة للإنسان ومعالجة قوانين نفس تلك الدول في حال حصول اختلاف في الانتماء للوطن بين الاب والام هو الحاق الاولاد بأحدهما ممن يستوطن البلد الاصلي، وكما هو معلوم كما يعتز ويتمسك الانسان بعقيدته كذلك يتمسك ويعتز بوطنه وبلاده، فهل منح الولد جنسية البلد الاجنبي الذي لا ينتمي اليه أبوه مخالفة لحقوق الانسان؟ وأكيد منح جنسية بلد ما تترتب عليها التزامات وواجبات قد لا يفهمها الولد القاصر فضلا عن قبولها او تنفيذها بحرية واختيار، بينما في المادة (26) ترك له ان يختار عند بلوغه ما يقتنع به من دين، ولا تترتب عليه التزامات الدين ما دام قاصرا لأنها مشروطة بالبلوغ والاختيار]
الانسان بالفطرة يعتز بعقيدته ووطنه ويتمسك بهما كما تقول فلماذا تسلب من غير المسلم هذا الحق وهو جنين ببطن امه فتغير دينه، ومن قال لجنابكم بان الالتزامات المترتبة على الجنسية الأخرى هي ذاتها ستلزم الطفل القاصر بأمور لا يفهمها؟ اليس تغير دين الجنين والطفل في المادة 26 فيه إلزام لا يفهمها الولد القاصر؟
وبأي دولة بعالمنا اليوم حين تمنح الجنسية بتفاصيل مثالكم أعلاه لها علاقة بفرض وصاية او تغيير لعقيدة الفرد ودينه؟؛ الجنسية منحة مضافة وللفرد حق رفضها واسقاطها في أي وقت يشاء!
وعلى ذكرة كلمة الاكراه والتي كررتها كثيراً بمحاولة للنأي عنها ..
اود ان اتوقف قليلاً عند حقيقة غير قابلة للتسويف من قبلنا نحن واقصد غير المسلمين بفرص التعايش السلمي والعلاقة الطيبة مع المجتمع العراقي بكل أطيافه؛ كذلك من الصعب علينا نحن أيضا ان نقول عبر تاريخنا الطويل معكم ومنذ دخول الإسلام الى العراق بانه لا يوجد ترغيب او ترهيب قد حصل او يحصل معنا لدخول الإسلام..
في الختام ندعو بقلب مؤمن من العليم الجبار ان يديم الوئام والمحبة لبلدنا العراق ويكتب له النجاة بمائه الطهور ونخيله الباسق.
السويد 21/11/15