المنبرالحر

الازمة المالية في العراق نحو الاسوأ / قيس العذاري

رغم ان الموضوع لا يحتاج الى مختصبن في الاقتصاد اوالمال ،يمكن للمراقب او المتابع البسيط ان يلاحظة ان الاوضاع الاقتصادية اوالمالية في العراق تتجه نحو الاسوأ، مما يعني ان حزم الاصلاحات التي نفذتها حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي غير فعالة او مجدية لعدم حدوث تحسن على المستوى الاقتصادي اوالمالي للعراق وظل مرتهنا بتقلبات اسعار النفط ، واجبرت حكومة العبادي على تخفيض الانفاق لتفادي العجز ،ولكنه لم يكن كافيا لتغطية الخسائر المالية بعد وصول اسعار النفط دون الاريعبن دولارا للبرميل .
مما يؤكد ان التظاهرات في العاصمة بغداد والمحافظات كانت وما زالت على حق ، طالبت باصلاحات جذرية تضع في اولوياتها مكافحة الفساد. الا ان حكومة العبادي اهملت هذه المطالب وركزت على تخفيض الانفاق معولة على ارتفاع اسعار النفط مجددا لانقاذها من الازمة المالية ،ووضعت حلولا وقتية غير كافية لحل الازمة ادت الى تفاقمها مع استمرار هبوط اسعار النفط .ولكن مازالت هناك فرصة مناسبة لتصحيح الاوضاع الاقتصادية المتدهورة بحد جميع اشكال صفقات الفساد الحكومية والحزبية وتقديم المصالح االشعبية والوطنية على ما سواها من المصالح الشخصية اوالحزبية التي نمت بشكل سريع وخيالي على الفساد وتعدد اوجهه الرسمي منه والخاص منذ اول حكومة عراقية تشكلت بعد سقوط النظام السابق .
ليس عيبا الانصات الى صوت التظاهرات ، لانه اقرب في تشخيص اسباب الازمة والاقرب على تمثيل المطالب المدنية والشعبية التي تتأثر بشكل مباشر بالازمات الثقافية والاقتصادية بشكل خاص .،وقراءة شعاراتها بشكل صحيح ويمكن التذكير بانها اول من طالب او رفع شعارات محاربة الفساد ،واول من حذر من الانحدار الى المستنقع الطائفي الذي سوف يؤدي الى التشرذم والانحلال والتقسيم ربما ،اذا تمادى الطائفيون بمخططاتهم المدعومة من خارج الحدود وتجد تجاوبا لها في الداخل لدى الطائفيين واصحابي المصالح المحدود والضيقة المؤيدة لها .ولكن رئيس الوزراء حيدر العبادي استبدل الاصلاحات الجذرية او الفاعلة بحزم اصلاحات شكلية محدودة بتخفيض الانفاق الذي لا يمكن ان يحل الازمة المالية اوالاوضاع الاقتصادية المتدهورة التي بدأت مع بداية انخفاض اسعار النفط ووصلت الى ما.وصلت اليه الان من تدهور في جميع المجالات ، فطالت رواتب الموطفين ومشاريع التنمية والاستثمارات بما فيها الاجنبية ومشاريع الوزارات وخاصة المتعلقة منها بالاسكان والاعمار ، اضافة الى الركود الذي اصاب وزارتي الصناعة والزراعة .
جميع الشعارات التي رفعها المتظاهرون تقريبا في بغداد والمحافظات طالبت بمكافحة الفساد ولكن رئيس الوزراء وحكومته لم تستوعب الابعاد الحقيقية لتلك الشعارات التي ترسي الاسس القوية لبناء دولة وطنية قوية يحكمها القانون والدستور ،ولم تستوعب تداعيات الفساد على عمل الحكومة والوزارات ودوائر الدولة المشلولة ،ومثال ذلك الكهرباء المعطلة منذ 13 عاما رغم الاموال الطائلة التي رصدت لها كذلك باقي الخدمات التي يمكن رصد الفساد فيها بسهولة كمشاريع اسالة الماء والاعمار والنقل والاستثمارات الحكومية والاهلية او الخاصة وسواها .
ولا تلوح في الافق خطوات واضحة عن سعي حكومة رئيس الوزراء تنفيذ اصلاحات جدية ، تتناسب مع خطورة الاوضاع التي يمر بها العراق ودول المنطقة ،لان افات الفساد في النتيجة تصب بمصلحة القوى الطائفية والارهابية وتفتح لها مجالات واسعة لاختراق مؤسسات الدولة بما فيها الوزارات والمؤسسات المسؤولة عن حفط الامن والحدود ومصالح العراق الاقتصادية والامنية .
لاشك ان الحرب على الارهاب ،وما زال يحتل المدن والقرى العراقية شمال وغرب العراق ،مكلفة وتستنزف الكثير من الاموال والطاقات والجهد من عمل حكومة رئيس الوزراء ، والفساد يلعب دورا مكملا باستنزاف الاقتصاد وتخريبه وذلك يتطلب تنفيذ اصلاحات حقيقية بعيدة النظر اوجذرية تتعدى توفير الاموال عن طريق ضغط النفقات.ونلاحط ان المحاصصة الطائفية في الواقع ابرز وجوه الفساد او المشجعة عليه ،تكاد تكون محاصصة مالية بالدرجة الاولى وهي بذلك لها مضار واسعة في اتجاهين اتجاه تقسيم المجتمع الاهلي بطوائفه واحزابه ،واستنزاف اموال الدولة التي تعتبر اموالا عامة لا يجوز التصرف بها طائفيا او حزبيا .
والواقع ان رئيس الوزراء حيدر العبادي وحكومته في حالة حرب ،ضد الارهاب، والتنظيمات الارهابية المدعومة من دول اقليمية معروفة ،وحرب ثانية ضد الفساد والفاسدين ادتا الى تدهور الاقتصاد العراقي بشكل حاد ،زاده سوءا انخفاض اسعار النفط لدرجة غير متوقعة، مما يتطلب اصلاحات جذرية لتفادي تدهور الاقتصاد الى ما هو اسوأ،وتجنب حل الازمة المالية بالقروض الخارجية او البنك الدولي بشكل خاص ،الذي يفرض شروطا تتعلق بالسياسة الاقتصادية للدولة وتعجيزية احيانا ،اضافة الى انها قد تؤدي الى تراكمات اوفوائد مالية يعجز العراق عن تسديدها مع استمرار تدهور اسعار النفط، والفساد على ما هو عليه ،انه الفساد الذي استنزف اموال العراق منذ سقوط النظام السابق مرورا بالتظاهرات التي خرجت في بغداد و المحافظات مطالبة بمكافحته ،او وضع حد لاستزافه اموال العراق وتخريبه للاقتصاد، كاَفة ، وتفادي ما هو اسوأ في المستقبل .وتعد عمليات مكافحة الارهاب والفساد وتدهور اسعار النفط اهم التحديات او الاصعب لحكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي ،ومن الاسباب الرئيسية في تدهور الاقتصاد العراقي ، اووصوله الى حافتي العجز او الاقراض ، وربما الافلاس اي ما هو اسوأ في المستقبل.
هذه ليست نظرة تشاؤمية او بعيدة عن الواقع،لانها مستندة على معطيات حقيقية او واقعية من خلال العجز في الميزانية المالية ، بدأت منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات ، فوصل عجز الميزانية في العام 2015 الى 29% وبعض الخبراء او الاقتصاديين يرون انه يتجاوز 30% او اكثر وفق اسعار النفط المتقلبة ،وهي كما نلاحظ في تدهور مستمر وتسجل هبوطا مستمرا لايمكن بناء الاقتصاد على ضوئه او تحديد الميزانية المالية وفق صعود اسعار النفط او هبوط اسعاره او افتراض اسعار وسطية ،لانها اثبتت فشلها سابقا ،وأدت الى المزيد من العجز في الميزانية المالية للعام 2015 .
لذلك لا نعلم ما يخبئه العام الجديد من أزمات ،العام 2016 ،قد تكون مفاجأة او غير متوقعة وربما اسوأ من ازمات العام الماضي.