المنبرالحر

جريدة طريق الشعب وأزمة الورق والصور / قيس العذاري

ليس سهلا الانتقال من العمل السري الى العمل العلني ،فقد مضى الحزب الشيوعي معظم تاريخه بالعمل السري وكانت منشوراته وبشكل خاص جريدته طريق الشعب المنبر الابرز والاكثر تداولا لتبيين مواقفه ازاء الاحداث السياسية سواء الداخلية منها او الخارجية ، ورغم انتقال الاحزاب المعارضة للنظام السابق الى العمل العلني بعد سقوطه، وامتلاك معظمها لجرائد ومقرات علنية في العاصمة والمحافظات ظل الحزب الشيوعي يعاني من ازمات مالية تكاد تكون مستعصية ، ولم تستطع جريدته "طريق الشعب" مواصلة الصدور بعدد صفحات مناسبة او على الاقل مساوية لعدد صفحات الصحف الوطنية العراقية ومنذ فترة قصيرة هبطت الى ثمان صفحات ، ولكنها غير كافية لتكون صحيفة وطنية شاملة اي ان تخرج من نطاق الحزبية الى النطاق الوطني الاوسع ،خاصة والواقع السياسي العراقي يمر بأزمات خطيرة تدعو الى تنشيط العمل الوطني والفعاليات المدنية والثقافية للحد من انحدار العمل السياسي والوطني الى مستنقعات طائفية كما تسعى اليه بعض القوى وبعضها لها امكانيات غير محدودة ومشاركة بالسلطة ولها تأثير واسع على رسم السياسيات الحكومية ومستقبلها .
نحن نعيش في عصر يمكن ان نطلق علية "انعدام السرية" لما فرضه العالم الرقمي من اساليب جديدة في العمل والمراسلات والنشر وتداول المعلومات وسواها ، وغير الكثير من مفاهيم العمل وبالأخص منها الاعمال التجارية ان صح التعبير واصدار صحيفة وطنية "غير حزبية" لابد ان يدخل ضمن العمل التجاري وان كان منزها من غرض او هدف تحقيق الارباح رغم انه ضروري لاستمرار صدور الصحيفة او يمكن الاختصار او القول ان الصحيفة او اي صحيفة بحاجة الى اعلانات تجارية زائدا سعة الانتشار .وهذا هو سبب تراجع جريدة طريق الشعب "شحة الاعلانات" لتقتصر على ثمان صفحات في وقت كان ينتظر منها ان تضاعف عدد صفحاتها لما لها من شعبية ومصداقية واسعة لدى القراء من جميع الفئات والطبقات في المجتمع .ونلاحظ كذلك ربما بفعل الازمة المالية للجريدة هناك ارتباك واعتباطية بنشر المواد الصحفية والمقالات والصور وحتى الاعلانات على قلتها ربما لتقليل التكاليف ولكنها في النتيجة تؤثر على انتشار الجريدة وانصراف بعض القراء عن متابعتها .
حين نطالع تواريخ صدور الجرائد الوطنية العراقية نجد ان طريق الشعب اقدم جريدة عراقية وطنية في تاريخ العمل السياسي والوطني العراقي وحتى تأريخ الصحافة العراقية ، واكثرية الصحف الوطنية او المستقلة لا يتجاوز عمرها العقد او العقد ونيف بينما يمتد تاريخ جريدة طريق الشعب لما يزيد عن ثمانية عقود واكثر مما يجعنا نشعر بالإحباط من تراجع الجريدة واقتصارها على ثمان صفحات فقط فتضطر لنشر بعض المواد على موقعها الالكتروني لتوفير كميات اضافية من الورق !!
بطبيعة الحال لا يمكن تصور المكتبات واكشاك الصحف والمجلات خالية من بين اقدم جريدة وطنية عراقية ، ولا يمكن ان يحدث ذلك او يسمح به ،هناك اساليب عديدة لتعويض خسائر الجريدة لكثرة محبي ومتابعي جريدة طريق الشعب وتاريخها الوطني المشرف لجميع القوى والاحزاب السياسية العراقية الجديدة منها والقديمة، لتعود الى سابق عهدها خاصة وانها تجتذب نخبة واسعة من الكتاب والصحفيين والاعلاميين والفانيين والادباء العراقيين ...اذن لا بد من البحث ،او ايجاد وسائل جديدة لتمويل او استمرار صدور جريدة "طريق الشعب" ، بعدد صفحات يليق بتأريخها العريق .