المنبرالحر

خبز وورد / ايمان الهاشمي

في 8 اذار عام 1908 وفي مدينة نيويورك خرجت عاملات النسيج في مسيرة تظاهر رفعن فيها شعار "خبز وورد" للمطالبة بتخفيض ساعات العمل وايقاف تشغيل الاطفال وحق المرأة في الاقتراع . . . بصمودهن وبإرادة وعزيمة لا تلن ولا تقهر ، تحققت المطالب واصبح يوم الثامن من اذار في كل عام عيدا رسميا عالميا للمرأة .
وفي بلدنا الحبيب عانت المرأة العراقية ظلما كبيرا وتحملت أعباء كبيرة ، بالاضافة الى مشاركتها في معارك الحياة المختلفة وما زالت. عملت المرأة العراقية جاهدة في كل الميادين اذ نجدها فلاحة ، عاملة ، إعلامية ، أديبة ، فنانة ، سياسية ، . . . وغير ذلك من المهن، كونها مشاركة فعالة في المجتمع ومشاركة في العملية الإنتاجية ، كما ان لها تاريخ زاخر بالنضال ضد الاستعمار والطغاة .. فهي لن تســتكين ابدا ..
وحديثي هنا عن الشعار الذي رفعته عاملات النسيج عام 1908 "خبز وورد" . . . حيث وردت كلمة الخبز اولا ثم الورد ، بمعنى ان الورد مهم ولكن الخبز هو الاهم . . .وفي بلدنا العزيز نرى الاهتمام الواضح بالورد فتزين اماكن تواجد المسؤولين الكرام وطاولات اجتماعاتهم بالورود الطبيعية الفواحة المختلفة الالوان والاشكال والاسماء مثل ورد البنفسج والقرنفل وغيرها ، يقال ان هذه الورود ليست عراقية وانما مستوردة (حيث عرضت احدى القنوات الفضائية قبل أكثر من سنتين ولمدة ساعة ونصف الساعة ، تحقيقا مصورا حول الورود الحكومية وطريقة وصولها بالطائرة كونها مستوردة) .
وبشكل عام نجد الاهتمام بالورود المزروعة التي تملأ اغلب الاماكن العامة ، جميعنا نحب الورد ونعتبر هذه ظاهرة ايجابية في البلدان التي تحترم مواطنيها وتصون حقوقهم ، اما في بلدنا العزيز فتوجد شريحة كبيرة بمستوى خط الفقر وشريحة اخرى تحت خط الفقر ، حيث نرى كل يوم العديد من المواطنين ومنهم النساء يفترشون الارصفة ويبحثون عن لقمة عيش بين اكوام القمامة ، علما ان تلك الارصفة تلاصق شوارع تصول فيها وتجول كل يوم سيارات مضللة من ذوات الدفع الرباعي يقبع داخلها المسؤولون حيث وضع بعضهم ضمائرهم في دواليب أحذيتهم المستوردة وهم ينظرون إلى المتسولين والمحرومين .
فما جدوى وفائدة الورود بوجود مواطنين يســتجدون ومنهم للأسف الشديد المرأة العراقية واطفالها . . .
وهل اصبح الورد أهم من الانسان ؟ هذا المواطن الذي وصفه اكبر اقتصادي عالمي حين قال "الانسان أثمن رأسمال" ، فلن يبهجنا ويفرحنا النظر الى الورد مادامت العدالة الاجتماعية مفقودة ، وأنا أشاهد كل يوم من يستجدي وأتحسر ألما وأسفا مستذكرة قول الشاعر :
ما عتبي على الدنيــــا ولكن     على حاد غير حاديهــــا
اذ توجد تقارير واحصائيات لمنظمات دولية معتمدة وموثوقة أقرت بان العراقيين هم متميزون بذكائهم، حدث هذا في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الفرد العراقي ، فماذا سيكون عليه العراقيون وما سيقدمون من ابداعات اذا توفرت لهم الرعاية والعناية ومستلزمات العيش الضرورية ، وهي واجب على الدولة وليس منة او مكرمة منها لشعبها ، فمن المؤكد وجود أشخاص لم تتسن لهم الظروف لإظهار ابداعهم ومواهبهم .
فعذرا لك أيتها الورود ، لان الانسان العراقي وخبزه أهم منك بكثير.