المنبرالحر

المُجَرَّبْ لا يُجَرَّبْ/ د. خليل الجنابي

كتب الكثير من الكتاب والأدباء والشعراء والمثقفين والسياسيين حول موضوعة ( المُجَرَبْ لا يُجَرَبْ ) ، وتناول كلاً منهم الموضوع بطريقته الخاصة وإتفق الجميع على أن من سبق وتم التعامل معه وتمت تجربته لا يصح إعادته إلى المسؤولية إلا إذا كان ناجحاً بإمتياز . وأنه يتصف بـ ( الكفاءة والنزاهة والإخلاص ) لقضايا الشعب والوطن ، وأن عمله كان قد إتسم بألشفافية وبعيداً عن التحزب والطائفية والأثنية ، وأنه لم يجعل من المحيطين به من الحواريين وذوي القربى .
هكذا مع الأسف كان الحال على مدى السنوات العجاف الماضية ، وجوه وأسماء تولت مراكز حساسة سواء كانت وزارية أو إدارية ، وتنقلت من وزارة إلى أُخرى ومن موقع إداري إلى موقع آخر رغم فشلها وعدم تقديمها ما يُفيد البلد والمواطن الذي يئن من أوجاعه المختلفة ( الفقر ، المرض ، البطالة ، الجهل ، التخلف ) إلى جانب الحياة اليومية البائسة وإنعدام الخدمات العامة ( كهرباء ، ماء صالح للشرب ، صحة ، تعليم ، ضمان إجتماعي ) وغيرها ، وإنعدام الأمن والإستقرار .
في بعض الأحيان نستعين بالأمثال الشعبية الكثيرة والتي فيها من الأقوال ما ينطبق اليوم على واقعنا الراهن ، فهي متأتيه عن خبرة وتجربة إمتدت لعشرات السنين حتى أصبحت أشبه بقانون يحفظ عن ظهر قلب . الأمر سيان هنا حتى في البيع والشراء والصناعات المحلية والأجنبية وكذلك الأدوية بمختلف أنواعها وأشكالها وشركاتها ومناشئها . وأصبح الأمر معروفاً حتى لدى الإنسان البسيط . فهو عندما يذهب لشراء حاجة ما يقول للبائع رجاءً إعطني ( الأصلية ) وليس المُقلَدَة أو المغشوشة ليقينه بأن الأصلية هي من نالت ثقة الزبائن وكسبت رضاهم ، ولهذا أصبحت مقبولة لديهم دون أي تَحَفُض أو أي خوف من إستعمالها .
وإذا عدنا إلى واقعنا المؤلم الحالي والترقب والشد على الأعصاب ونحن ننتظر ما سيتوصل إليه السيد العبادي في تلبية رغبات الجماهير المنتفضة في ساحات التحرير في أرجاء الوطن وهي ترفع شعارات التغيير الجذري ومحاربة الفساد وملاحقة السراق وتقديمهم إلى العدالة وإعادة الأموال المنهوبة إلى خزائن الدولة .
هناك من يراهن على أن السيد العبادي لو تخلى عن ( المحاصصة الطائفية الأثنية ) لإستطاع أن ينقذ البلاد من الهوة السحيقة التي وصل إليها وذلك عندما تكون كابينته الوزارية المنتظرة من الكفاءات النزيهة المستقلة - وما أكثرهم في عراقنا الحبيب - وهناك من يقول بأنه سوف لن يفلح طالما بقي تحت عباءة ( الحزب والطائفة ) اللذان سيفرضان عليه أجندتهما الضيقة .
العقبة الكبيرة الأخرى أمام السيد العبادي هو البرلمان ، حيث أن الأسماء التي سيتم إختيارها يجب أن تحصل على موافقته . وهنا سنعود إلى مسألة ( حصة الغزال والأرنب ) وحصة الأسد .
ففي أحد الأيام رغب الأسد وهو ( ملك الغابة ) الخروج للصيد ، فطلب من الذئب والثعلب أن يرافقاه ، وبعد عناء وتعب يوم كامل من الصيد ، أمر الأسد بتقسيم ما حصلوا عليه وكان ( بقرة وغزال وأرنب ) ، فتوجه الأسد إلى الذئب ليسأله عن رأيه بالحصص ، فقال الذئب : -
سيدي ومولاي ، تكون الحصص على حجم الصياد وقوته .
وعليه تكون البقرة لك والغزال لي والأرنب من حصة الثعلب . فإمتعض الأسد من هذا الرأي ووجه ( لطمة ) إلى وجه الذئب ( فقأ - فقس ) فيها إحدى عينيه ،
وعندها وجه السؤال إلى الثعلب لتبيان رأيه .
فقال الثعلب بعد أن إستوعب الدرس : أنت سيدنا ومولانا وملك الغابة ، وأنت الحاكم والناهي وأكثرنا منزلة ومكانة ، وعليه سيكون : -
الأرنب فطورك والبقرة غداؤك والغزال عشاؤك .
فأجاب الأسد هذا هو عين الصواب .. لكن قل لي أيها الثعلب الذكي من أين تعلمت هذه الحكمة ؟ .
فأجابه الثعلب : تعلمتها يا مولاي الملك من عين الذئب !!
والآن ماذا علينا أن نتعلم من عين الذئب يا سادتي الكرام !!