المنبرالحر

سوريا: التلويح بالتهديد والإنذار بالوعيد..!؟ / باقر الفضلي

يبدو أن سوريا وطناً وشعبا، وهي تخوض معركة وجودها كدولة تمتلك كامل شروط وأسس ذلك الوجود الشرعي، في مواجهة أشرس هجمة بربرية، من غزو لن تعرف لهمجيته مثيلاً من قبل؛ يبدو وكأنها قد كتب عليها أن تقدم الثمن المجزي، من الضحايا الأبرياء ومن عمران وحضارة وإقتصاد البلاد، بما يشبع نهم وجوع الغزاة، ومن يقف ورائهم من ممولين ومخططين، وكل من شارك بنسج "السيناريو" المدمر، ليكتمل في النهاية، تحقيق الهدف الذي صيغ من أجله هذا السيناريو المقيت؛ سيناريو ما يسمى، بخارطة "الشرق الآوسط الجديد"، وبالتالي أن تأتي النتائج مسددة لحجم "التكاليف" ناهيك عن تحقق المصالح الأخرى..!؟(1)

ولعل من مفارقات الزمن، أن تتماثل مفردات وبعض تفاصيل السيناريو المذكور، مع مثيلاتها في السيناريوهات السابقة، التي جرى تطبيقها في كل من العراق قبل الغزو الأمريكي/2003 ، وفي ليبيا بعد ذلك، لإيجاد السبل والذرائع للتدخل العسكري المدعوم بالقرارات الشرعية لهيئة الأمم المتحدة، كمجلس الأمن، بعد أن تكون تلك الدول قد إستعصى اخذها وإحتلالها بالطرق الأخرى، ، أو إذا ما أبدت مقاومة مشروعة في مواجهتها للعدوان، كما يحدث في سوريا اليوم..!؟

وما التحجج والزعم بإستخدام "السلاح الكيمياوي" من قبل الجيش الوطني السوري، وحسب ما أعلنته المعارضة السورية مؤخرا، إلا إحدى الذرائع القوية التي ركن اليها، وجرى تلقفها من قبل أصحاب سيناريو "الشرق الوسط الجديد" ، وذلك في محاولة منهم، للحصول على قرار من مجلس الأمن، للتدخل العسكري وإجتياح دولة سوريا، وبالتالي؛ تدمير جميع مرافقها العسكرية والمدنية والحضارية وكل ما أتت اليه اليد سبيلا؛ وهذا بالضبط هو ما يدعو اليه الآن، وبكل حماس ولهفة، السناتور الأمريكي ذائع الصيت: (جون ماكين)..؟؟!!(2)

وهكذا وكما يبدو جلياً بالنسبة للسناتور نفسه، وكأن الأمر قد إنتهى، وأن سوريا قد وقعت في شباك الفخ المنصوب، حتى قبل التثبت من مدى صحة الأمر دوليا، ورغم نفي الجيش الوطني السوري والحكومة السورية لتلك المزاعم، ومع ما أعلنته الحكومة الروسية عن ممانعة مقاتلي المعارضة التحقيق في هجوم كيمياوي مزعوم، على حد ما نقلته وكالة رويتر للأنباء..!؟ (3)

وبقدر ما يتعلق الأمر بإستخدام السلاح الكيمياوي، ففي مقالة سابقة، تمت الإشارة الى "ذريعة إستخدام الأسلحة الكيمياوية"، بإعتبارها الأكثر رواجاً في الإعلام الغربي والخليجي الضالع بحماس في الترويج للأمر حيث جاء تأكيد القول، وهو لا زال يحتفظ بكامل دلالاته ومعانيه، على أن : [[ ما يتردد اليوم وبتواتر غير مسبوق، من قبل امريكا ومعها التحالف الغربي التركي الخليجي وإسرائيل، عن "إفتراضية" إستخدام النظام في سوريا للأسلحة الكيمياوية في النزاع الداخلي، رغم التكرار بالقول من خلال التصريحات العليا، بالبحث عن "الأدلة" لذلك الإستخدام، فإن هذا لا يمنع أن تجد "الذريعة" وقتها المناسب، لتبرير التدخل العسكري ضد سوريا، ليصبح بعده ما يقال عن "الحل السلمي" مجرد لعبة لكسب الوقت والإغفال، وحرف الأنظار عن الوجهة الحقيقية لسير الأحداث في حل الأزمة السورية، وهذا ما أشار اليه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مؤخراً من مخاوف عن [[ "محاولات لإحباط أية فرص للتسوية السلمية ومحاولات لفرض نزع الشرعية عن القيادة السورية".]] (4) http://arabic.rt.com/news/612713/ :روسيا اليوم

ولكن ومع كل ما تقدم، وبعيداً عن الخوض في تفاصيل الإدعاء والحيثيات المقدمة وطبيعة القرائن المتعلقة بحادثة إستخدام الأسلحة الكيمياوية في الموقع المعلن عنه، وتجنباً لإستباق النتائج، فإن الغريب في الأمر، أن يجري الإعلان عن واقعة ذلك "الإستخدام" غير المؤكدة بعد، ان يجري ذلك في نفس الوقت الذي يحط فيه الوفد الأممي أقدامه على الأرض السورية، لتقصي الحقائق عن ما سبق من إستخدام للأسلحة الكيمياوية، وذلك للتأكد من حقيقة الجهات المستخدمة، الأمر الذي يثير معه، الكثير من التساؤل عن مدى مصلحة جهة النظام، في أن تضع نفسها في موقع المريب، في قضية بهذه الدرجة من الخطورة والأهمية..!!؟ وبالتالي وفي خضم هذا البحر المتلاطم من الخلط المتواصل للأوراق، يصبح من النافل للقول، أن لا سبيل للوصول الى الحقيقة، إلا بالإحتكام الى تدقيق وتحقيق دولي نزيه، وهذا ما وافقت عليه الدولة السورية، وروسيا والصين وغيرها من الجهات التي يعنيها الأمر..!
خلاصة القول؛ فإن كل الشواهد والدلائل التي تفرزها الأحداث الجارية في سوريا اليوم، لا يمكن النظر اليها إعتباطاً وتبسيطها الى مجرد نزاعات عابرة، وهذا ما سبق وجرى تناوله في مقالات عديدة، بقدر ما هي، عبارة عن تداعيات ونتائج لحرب كونية تتعرض لها سوريا، منذ أكثر من عامين، من قبل كل أطراف التحالف الذي يقود ويدير هذه الحرب، لدرجة أضحت فيه سوريا، وبسبب "ذريعة" ما يقال عن "إستخدام الأسلحة الكيمياوية"، كمن وجد نفسه عالقا، حقاً أو باطلا، بين مطرقة التهديد وسندان الإنذار بالوعيد، والذي ما أنفكت قوى التحالف الأمريكي _ الغربي الخليجي التركي، التلويح به حيثما وجدت الفرصة سانحة لذلك، رغم محاولاتها، بين الحين والآخر، وذراً للرماد في العيون، أن تعلن وتدعو الى التخفيف من التصورات الناجمة عن تلك التهديدات بالتدخل العسكري، لدى الرأي العام والمجتمع الدولي..!؟(5)

هذا وفي الوقت عينه، وعلى الضد من ذلك، فإن كل الدلائل تشير، وعلى حد تلميح وزير الدفاع الأمريكي السيد تشاك هيغل اليوم من ماليزيا، الى "ان البنتاغون يقوم بتحريك القوات الامريكية في حال قرر الرئيس باراك اوباما القيام بعمل عسكري ضد سوريا" ..!!؟؟ (6)
باقر الفضلي / 23/8/2013