المنبرالحر

ارتكاب المحاصصة مع سبق الاصرار والترصد ! / احسان جواد كاظم

بوقاحة بالغة، تعلن الاحزاب والتحالفات الحاكمة اصرارها على التمسك بنهج المحاصصة الطائفي - العرقي المرفوض شعبياً، والذي جرّ البلاد الى هذه الهوة.
كل التفسيرات والتأويلات عن المحاصصة كممارسة وفلسفة حكم، بجمعها لمكونات المجتمع العراقي وتحقيقها للتوازن والعدالة في حكم البلاد، كبديل ( ديمقراطي ) لنظام الدكتاتورية البائد، كان محض سراب وسقطت بالتطبيق وفشلت بالتجربة، وافرزت دكتاتورية حزبية بغطاء طائفي او قومي بغيض.
فالمحاصصة لم تكن عقداً اجتماعياً بين الشعب وقواه السياسية، كما هو شأن الديمقراطية، بل انها كانت اتفاقاً بين احزاب طامعة على توزيع المغانم.
الغت مفهوم الشعب الجامع وفرقته في كانتونات مكوناتية سمتها بالبيت الشيعي والسني والكردي وغيرها. ثم نصبّت نفسها ممثلة وحيدة لهذه المكونات، بدون تفويض شعبي. بل حتى فوزهم الانتخابي، بغض النظر عن الاعتراضات على ظروف وشروط حصوله، لا يعني اعطاءهم صك على بياض، للتلاعب بمصائر المواطنين والبلاد. فحجم الجسم الانتخابي المشارك في اية انتخابات لا يشمل كل مواطنيه، وبهذا فمهما كانت نسبة الفوز لأية كتلة انتخابية، كبيرة فأنها تبقى قاصرة عن تمثيل المكون او الشعب بأجمعه.
واذا افترضنا بأن الشعب قد اختارهم فعلاً، فكان عليهم تنفيذ رغباته وتمثيل مصالحه لا نهبه وتدمير اقتصاده وتسهيل استباحة اراضيه من قوى خارجية يخدمونها وتحويل جغرافية البلاد الى اقطاعيات لهم ولعوائلهم واعوانهم.
هذا الفهم في دس الشعب بعد تقسيمه الى مكونات في جيوبهم الخاصة واستيلاؤهم تبعاً لذلك على المال العام والامتيازات والمغانم والسلطات لتشكيلاتهم الفئوية بأسم تمثيلها له، خاطيء.
ان اصرار احزاب الفساد على المحاصصة بعد كل هذه المآسي والمصائب التي تعيشها البلاد ومواطنيها، اضحى بحد ذاته اعتراف علني صريح منها، كمؤسسات سياسية وافراد، بجريمة سرقة المال العام وسعيها الى استمرار هذه السرقات. وهذا يستدعي تقديمها الى القضاء.
ان استبعاد احزاب وائتلافات وتحالفات الفساد الحاكمة المتحاصصة من اية انتخابات قادمة اصبح مطلباً شعبياً له سند قانوني واضح. ففي شروط تقديم الترشيح لأي مركز رسمي بما فيه النيابة البرلمانية ان يكون المتقدم غير محكوم عليه بتهمة مخلة بالشرف. وهذه الكيانات لم تترك، افراداً كانوا او جماعات، اي عمل مشين الا وارتكبته.
ورغم عدم تقديم كيانات الفساد المتسلطة وافرادها للمحاكمة بعد، الا ان اعترافها بمسؤوليتها عن الوضع الحالي البائس ووجود ادلة ملموسة على مسؤوليتهم، ليس اولها الخروقات الامنية الاجرامية الاخيرة في العاصمة بغداد وباقي المدن العراقية، تُعد اساساً كافياً لأدانتها، اضافة الى اتهامها بالخيانة العظمى لأنها اوقعت البلاد بمآزق وازمات ومحن لا يمكن لأنسان شريف او حركة وطنية ان تفعلها.
وعلى ضوء ذلك، فان تأسيس اطر سياسية جديدة عابرة للطوائف والقوميات كبديل، ببرنامج وطني يسعى لخدمة الشعب لا استخدامه، اصبح ضرورة موضوعية، لاسيما وان ارهاصات توفر ظروف ذاتية مناسبة متمثلة بتجمع نواب مجلس النواب المعتصمين، يكون في مقدمة برنامجها مقاضاة احزاب الفساد الحاكمة لمنعها من المشاركة في الانتخابات القادمة.
ولن يكتب النجاح لأي تغيير حقيقي الا بتبني برامج قوى الحراك الشعبي المدني الداعية الى دولة المواطنة والقانون والعدالة الاجتماعية.