المنبرالحر

محنة الأستاذ الجامعي.. نهاية الخدمة ! / ا.د. حاكم محسن محمد الربيعي

يحظى الاستاذ الجامعي في الدول المتقدمة باحترام كبير من اعلى المستويات والمسؤوليات في الدولة، ويعد كبار الأساتذة الجامعيين والمسؤولين من ذوي الخبرة والاختصاص في دوائر الدولة والجامعات خبراء في بلدانهم، وتسند اليهم مسؤوليات بحثية على المستوى الاستراتيجي، فهم يحملون تراكما معلوماتيا وخبرة طويلة تمكنهم من تسهيل اتخاذ القرار على صانعيه بسهولة تامة, وقد استفاد الأمريكان والاوربيون من هؤلاء في مراكز الأبحاث الاستراتيجية, وحتى في بعض الدول العربية كمصر والسعودية والمغرب والجزائر والأردن وغيرها من دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا وكذا الحال في دول أمريكا اللاتينية وامريكا الوسطى وأستراليا والقارة الاسيوية، هكذا هم رجال الدولة وصناع القرار، وبالمقابل هناك حكومات تعمل بالضد من مصلحة الأستاذ الجامعي وكأن هذه الحكومات تشعر بالضيق ممن يحملون شهادات عليا, في حين هناك من تولى مسؤوليات عالية وهم لا يحملون حتى شهادة الإعدادية, فكيف سيتعامل هذا النوع من الناس مع الشهادات العالية؟ ويذكر ان احد المتحزبين ومن حزب متنفذ في واحدة من الدول العربية اصر على حقيبة التعليم العالي ويأتي هذا الإصرار وفق ما يسمى بمبدأ المحاصصة القاتل الذي شل حركة الدولة ويقال انها الان تصنف ضمن الدول الخمس الفاشلة, اصر على استلام حقيبة التعليم العالي لانه يحقق له ما يريد و للآخرين من ذات المستوى. ويذكر ان هذا الوزير وقف بالضد من مشروع عرض على السلطة التشريعية في تلك الدولة، طرحه الوزير الذي سبقه وهو تمديد خدمة الأستاذ الجامعي الى السبعين عاما، ويذكر بعض المطلعين ان أسباب ذلك هو ان هذا الوزير الذي اصر على استلام حقيبة التعليم العالي ليست لديه فكرة عن التعليم العالي لأنه ليس من هذا الوسط عكس الوزير صاحب هذا المشروع الذي هو من الوسط الجامعي ويعرف حجم الجهود التي يبذلها الأساتذة الجامعيون، كما كان يعمل من اجل سلامة المسيرة العلمية و من اجل مصلحة التدريسيين أيضا، في حين الوزير الذي اصر على استلام هذه الحقيبة عمل والعهدة على الرواة بالضد من مشروع تمديد خدمة التدريسيين لان الوزير صاحب المشروع من طائفة أخرى ولذلك تعامل مع مقترحه بطائفية مقيتة، ومعلوم عن هذا البلد ماذا عملت به و بقومياته وطوائفه الطائفية والمتاجرة بالدين بفعل ما ارادته دول اجنبية نافذة وبعض دول الجوار, وعودة الى محنة الاستاذ الجامعي على أيدي اناس لا يعرفون معنى مصلحة بلد ولا ما سياقات الإدارة والأسلوب الصحيح لإدارة مفاصل الدولة, بل يتعاملون على أساس هذا من طائفتي وذاك من طائفة أخرى، وبعد انتهاء الدورة الانتخابية، تم اختيار وزير لهذه الوزارة (التعليم العالي لا يعرف هو الاخر شيئا عما يدور في التعليم العالي وينطبق عليه المثل الذي يقول – لا يدري هل نظام الحكم ملكي ام جمهوري - لأنه مشغول بمشاريع أخرى تدر أموالا كبيرة وتعامل بطريقة فظة مع موضوع تمديد خدمة التدريسيين, اذ يفرض على التدريسي اما التقاعد او البحث عن كلية او جامعة جديدة تقبله لكي تمدد خدمته، بربكم هل يليق بأستاذ جامعي انهى حياته في التعليم العالي ان يبحث عن كلية تقبله وفي حالة عدم وجود كلية او جامعه تقبله يحال الى التقاعد؟! السؤال الذي يطرح نفسه لم هذا الاذلال لخبرات امامها الطريق فسيح ليس بعيدا بل في دول الجوار؟ والامر الاخر ان الإحالة الى التقاعد ليس فيها عيب او انتقاص بل هي حتمية للجميع ولكن رجال الدولة هم من يصرون على الاستفادة من هذه الخبرات بعكس أولئك الذين يخشون هذه الخبرات لانهم غير حائزين على ما لدى هذه الكفاءات من علم وخبرة وتجربة، وان بعضاً من قدر لهم الزمن الرديء ان يتولوا مسؤوليات، لا يريدون هذه الخبرات لتصبح مؤسساتهم خالية منها، لأنه يصعب عليهم إدارة هذه الخبرات التي لا تتفق مع ما يرتكبونه من أخطاء لذلك تتولد لديهم رغبة في التخلص من هذه الكفاءات, وواقع الحال ان الجميع عليه ان يعرف جيدا ان اشغال أي كرسي في الدولة وعليه ان يفكر انه يأتي يوم يسلم الكرسي الى شاغل اخر وعلى الإدارات المتخصصة في وزارة التعليم العالي ان تعيد النظر بالدراسات العليا بعد خروج هذه الكوادر من الخدمة حفاظا على سمعة هذا البلد العربي الذي كان يحظى باحترام العالم اجمع وعملته كانت سيدة العملات العالمية على الاطلاق، تحية لهذا البلد الجريح ولكفاءاته العلمية، والتي انتشرت في مختلف الدول وابدعت بامتياز ولشعبه الذي لا يصبر على ضيم مهما طال الزمن.