المنبرالحر

الجامعات صانعة للمعرفة / د. صفاء سلمان

يفترض ان تجسد الجامعات العراقية عمليات التغيير وان دورها في المجتمع هو ابتكار الجديد واستيعابه ونقل وصنع المعرفة وتحقيق التناغم والتكيف ما بين المعرفة وكيفية الحصول عليها واستخدامها في وقتنا الحاضر، لا ان يتسلم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وزراء فاشلون.
اما الوزير الحالي فقد جاءت به المحاصصة الطائفية اللعينة. وما تظاهرات الطلبة الاخيرة، الا دليل على الفشل الذريع، حيث ان الوضع الجامعي بدا وكأنه في العصور الوسطى حيث حجبت الحرية الطلابية والاكاديمية للاستاذ الجامعي وحجبت منحة الطلبة المخصصة من الحكومة ورداءة الاقسام الداخلية وتخلف المناهج الدراسية التلقينية. فما هي وظائف الجامعة، اذا كان على رأس الهرم وزير فاشل.
ان الجامعة تحاول تلبية اهداف عديدة للمجتمع فهي توفر النظام والمعنى والحقيقة، وذلك باعداد طلابها للتكامل البناء داخل سوق العمل من خلال اكتساب المعرفة والمهارات التي تشكل اداة لاحراز التقدم وتحقيق التطور وتنمية مجال البحث والابتكار لديها لتعزيز القوة الاقتصادية بعينها وذلك بتلبية الاحتياجات الاجتماعية بشكل فعال واقتصادي. كذلك فان الجامعات تساعد المجتمع بان يكون مجتمعاً متناسقاً تتبادل فيه المجموعات المختلفة المراجع وتجعل من العلم والمعرفة والمهارات الفنية امرا ملائما ومناسبا وهذا يتطلب وضع المهارات ومجالات المعرفة المتصلة بالتكامل المدني واستخدامها في التدريس وتكييفها مع الاحتياجات الاجتماعية الحالية،، كذلك تجدد الجامعات مؤهلات الاشخاص وتصبح شهاداتها جواز مرور الى المناصب المحترمة، فالجامعات اهم مصدر لتنظيم هذه المؤهلات العليا. وهل جامعاتنا تمنح الشهادات وفق الاستحقاقات وبعدالة؟ في ظل وزراء فاشلين وعمداء جامعة مرتشين، هل ان جامعاتنا تؤمن بالرجل المناسب في المكان المناسب؟ وهل تؤمن بالكفاءة العلمية ام الدرجة الحزبية او الفئوية؟ كما يمكن للجامعة ان تسهم في الاصلاحات الممكنة في المجتمع وهو ما يعتبر الاساس لأية نقلة حضارية تقوم بها الوزارة لان الجامعة لا بد ان تستكشف المجهول بوصفه النظام الطبيعي الذي تشكل الانسانية جزءاً منه وتحاول الجامعة جاهدة في محاولة هدم اسوار الجهل والتساؤل العميق حول مدى فهم الانسان للكون المحيط به، وتلتقي مراحل هذا الجهد مع اسلوب الاستقلال العلمي الواجب ان تنتهجه جامعاتنا في دراسة كافة العلوم بما يثير التشكك والتخيل والاستيعاب وهي عملية تشوبها الصعوبات احياناً، كذلك واجب الجامعة التدريب المهني الذي توفره معاهدها كما تستطيع المؤسسات الصناعية والحكومية المعطلة عندنا ان تجري البحوث وهي معدومة اطلاقاً وان تعكف المعامل الفنية على البحث والتطوير والابتكار في الشركات وان الجامعة تظل ملتقى كل ذلك في بوتقة واحدة وان الجامعة يفترض أن تكون المكان الذي يجمع كل ذلك وينميه، وهي التي تخلق منبر الحضارة ومصدر الثقافة ولكن جامعاتنا على العكس من ذلك فهي تخرج اعدادا من الخريجين غير قادرين على تنمية الحضارة واختصاصات لا يستطيع سوق العمل ان يستوعبها لانها دربت وتعلمت بطريقة تلقينية عبر حشو المعلومات والحفظ والاسترجاع والنجاح في الامتحان وغاب عن طلبتنا التفكير العلمي الناقد لذلك اصابهم الملل والخنوع والتسلط والرضوخ، الا ان الحراك الطلابي الاخير في الجامعات كافة والمطالبة باقالة الوزير الحالي ومحاربة الفساد المستشري في الجامعات بادرة خير ننتظر منها الكثير من التغييرات في ظل دعوة الاصلاح والمطالبة بالتغيير. ان جامعاتنا على الوضع الحالي تنذر بالكارثة لمستقبل مجهول في ظل اوضاع تعليمية سيئة داخل الجامعات.
لا بد ان نستنير بمقولة الدكتور طه حسين: " ان الجامعة لا يتكون فيها العالم وحده، وانما يتكون فيها الرجل المثقف المتحضر الذي لا يكفيه ان يكون مثقفاً، بل يعنيه ان يكون مُنمِّياً للحضارة، فاذا قصرت الجامعة في تحقيق خصلة من هاتين الخصلتين، فليست خليقة ان تكون جامعة، وانما هي مدرسة متواضعة من المدارس المتواضعة، وما اكثرها، وليست خليقة ان تكون مشرق النور للوطن الذي تقوم فيه، والانسانية التي تعمل لها، وانما هي مصنع من المصانع، يعد للانسانية طائفة من رجال العمل محدودة آمالهم، محدودة قدرتهم على الخير والاصلاح".
وما جامعاتنا الآن الا مدرسة من المدارس المتواضعة..
انقذوا جامعاتنا بالاصلاح والتغيير.