المنبرالحر

لوحة بؤس وفي الذاكرة أيام سوداء / سلام فواز العبيدي

في تقصٍ يتناول ما حصل من أحداث في المناطق بين هيت وحديثة وتحديدا في ناحية البغدادي وجبة وقراها على جانبي نهر الفرات وعلى مدى أكثر من سنتين وبهدف استقاء المعلومات من مصادرها اتيحت فرصة اللقاء مع عشرات العوائل النازحة من هناك في بغداد واربيل ودهوك حيث نسكن، هناك وجدت القصص المؤلمة ذاتها يرويها الناجون من عصابات داعش بأعجوبة، حيث المآسي، لقد غصت هذه المحافظات بالنازحين حد التخمة، وحين يروون أحوالهم في لجة الأحداث الدموية تطوف الحدقات بالدمع، نعم يتذكرون كيف هددتهم الظروف بالموت في أية لحظة، وأغلب العوائل كانت ولخمسة أيام متتالية تختبئ بين جدران منازلها تحت خطوط النار المتعاقبة بين القوات الأمنية في جانب الشامية وأخرى من الدواعش في قرى الجزيرة لا تكف عن أزيز يثير في العوائل الخوف والتوتر ومحنة الخلاص، وكانت أصعب المواقف عندما تركوا بيوتهم وكل ما يملكون تحت وطأة التهديد والتلويح بالقتل حتى وثائقهم الرسمية أجبروا على تركها وكل شيء سياراتهم، ومواشيهم، وأثاثهم، كان مشهدا يثير في النفس عميق الأسى وموجة الخوف بلغت مداها.
لم تكن وسائل النجاة متاحة سوى اللجوء إلى الهرب بأرواحهم من خطر داهمهم وتهديد بالإبادة الجماعية، حديث هكذا تسمعه من أكبر أفراد العائلة والآخرين يصمتون، اصغاء وتأييدا، كل عائلة لها قصة وتلتقي كل القصص على خط مشترك وعلى مشارف الهلاك، في تلك الأيام الحافلة بالبؤس والشقاء والمعاناة وتفاقم الأزمات حتى دفعتهم الظروف الى تناول الحشائش وأوراق الأشجار والاستعانة بالأقارب والمعارف مع أن الاوضاع متماثلة ومتدهورة، لقد ناصبتهم الأمراض عداءها وأشهرت سهامها وشاعت مختلف الأوبئة والحالات الغريبة نتيجة تدني النظافة الشخصية وتردي نوعية التغذية والشحة الحادة فيها وحصلت حالات الجرب وانتشار أمراض السكر والضغط وأمراض الكلى هذا الى جانب مئات الحالات من الإسهال والتقيؤ والضعف العام وفقدان التوازن وضعف القوى البدنية، الى جانب التهديد بهجمات عصابات داعش الارهابية ودوي المدافع يلاحق خطاهم، كانت مأساة ذوي الأمراض المزمنة والاحتياجات الخاصة هي الأكثر اعاقة ومتاعب، وتجد الكثير من يحمل الأطفال وذويهم على الظهر وجراح البعض لا تكف عن نزف سوائلها ودخلت المجاعة ميدان المنازلة مع مئات العوائل الأخرى من البشر والتوسل بأفراد الجيش للحصول على صمونة يابسة وحتى تناول مواد فقدت صلاحيتها للأكل، في هذه الأيام قفزت الأسعار صعودا تمتص بقايا مداخيل خاوية أصلاً واختفت المواد الأساسية من الأسواق حيث بلغ سعر كيس الطحين مليون دينار وغير متوفر، وقنينة الغاز بخمسين الف دينار وعلبة حليب الاطفال فقدت نهائيا وأن وجدت فهي بنوعيات بائسة وبسعر ستين الف دينار، وليس من بين هؤلاء من تمنيه النفس بأكلة شهية أو لفة كباب جاهزة.
اعتمد الأهالي في هذه الظروف على اجهزة الكهرباء في طهي الأكل (الهيتر) ومياه الشرب قلت كمياتها وساءت صلاحيتها للتناول البشري واغلب الرواتب توقفت والتهديدات الأمنية على اشدها والقصف المدفعي لا يستكين يلاحق العوائل الفارة بطريقة تثير الفزع حد الذعر، ومن أبشع المشاهد أن يرى المرء بيته الذي بناه بصعوبات جمة أو ورثه من سلفه وممتلكاته الأخرى التي أخذت منهم تعب السنين وكبلتهم بالديون والأزمات المالية تفخخ وتقصف أمام عينيه من قبل عصابات عفنه وعديمة القيم والأخلاق، إنه الاستفزاز المثير للغضب الداخلي، إنها الأفعال الأكثر دناءة وإجراما، الامر الذي ترك في نفوس العوائل الالآم والحسرة، أي لحظة مغادرة بيوتهم وهي في قلب اللهيب الذي اشعلته عصابات دموية غازية وحقيرة.
أما عن طرق ووسائل الخلاص فهنا كانت المعضلة حيث بدأت بمحاولات جميعها عصية على التحقق، مسافات بعيدة وطرق ملغمة بقنابل الموت الرهيب تتطلب المجازفة في اختراق المسافات مخاطرة ومنهم من لاذ بطريق صحراوي يفضي الى قرية السحل القريبة من قاعدة عين الأسد الجوية ومن هناك الى منطقة النخيب ثم الى محافظة كربلاء بشق الأنفس، وآخرون اختاروا محاولة اقتحام مدينة هيت رغم عثراتها وسيطرات الدواعش فيها لعلهم يطوعوا عنجهية هؤلاء بالموافقة والمرور باتجاه الرمادي وبغداد وبمختلف الاعذار ( وجود حالة مرضية تستدعي اجراء عملية في بغداد، أو بهدف متابعة رواتب، وغيرها). وعند اجتياز المدن والقصبات يستوقفهم جسر بزيبز بعراقيل أخرى من بينها انتزاع مبالغ تفوق قدرات النازحين وهم في أزمة امتصت ما لديهم من ذخيرة وبالكاد تخلصوا من العذاب والمحنة وأن بقيت لديهم مبالغ زهيدة فهي لتدبير الأيام القادمة. وهناك طريق آخر هو الطيران الذي انتعشت فيه أساليب تجار السوء والابتزاز والتوسل بهذا وذاك كي يحظى بمقعد في طائرة الحمل مقابل ستمائة دولار تتقاسمها مجموعة من المرتزقة ضعيفي النفوس وعديمي الضمائر، وهناك من حاول الخلاص عن طريق سوريا ومنها الى تركيا وايران وغيرها، وآخرون جازفوا بالعبور الى قرية الكصيريات وانحصروا هناك في ظروف امتدت لأكثر من سنة وفي حال لا يحسدون عليها حتى تسربوا من هناك ولاذوا بقضاء حديثة والحي السكني في البغدادي ومواقع أخرى.
يا لها من أحداث كارثية وجرائم تورطت في حياكتها دول وفئات وأوساط تضمر للعراق الأحقاد والمناكدة للعراقيين وتحلم بأفعال الغطرسة لتكريس الإذلال المعنوي وهتك الاعراض وهدم أسس الحضارة وإذابة فصائل متعايشة تاريخيا بإجراءات الإبادة الشاملة ومحو القيم الأصيلة في تاريخها. العار لمن ساند هؤلاء الأوباش حثالة البشر والخزي لمن وفر لهم حاضنة وأمدهم بمعلومة ووشاية وفرت لهم المزيد من القوة والضربات لشعبنا واقتصاد بلادنا وتشكيلاتنا العسكرية.
من جرائم عصابات داعش:
أ. الشهداء:
(1) عادل احمد صلال. (2) أثير ناصيف تركي. (3) محمد زاحم علي حسين. (4) مهند موعد مجحم. (5) طه حمود ذياب. (6) عمر حامد تركي. (7) معاذ حامد تركي. (8) أياد حماد زيدان. (9) وسيم قتيبة عزيز. (10) خليل غضبان. (11) زيد خليل غضبان. (12) كريم مخلف علي. (13) فراس كريم مطر. (14) ناظم نصيف. (15) فواز ماجد عباد. (16) يونس تركي النمراوي (ابو رامي). (17) ابراهيم حاتم عبدالله. (18) مأمون حميد عبد. (19) محمد حمدي عزيز. (20) عبدالله ياسر مخلف. (21) محمد عكاب عبدالرزاق. (22) وسام فارس عبدالرزاق. (23) وليد زيدان خلف. (24) ليث أياد ندا. (25) ابراهيم رافع خريسان. (26) عطية حمد حوران. (27) عبدالله صباح هاشم. (28) بسام ريكان نايف. (29) ياسر بتال جبير. (30) كاظم جواد عواد. (31) احسان نجم عبدالله. (32) احمد فائق احمد. (33) انس فائق احمد. (34) زياد رشاد عبدالرزاق. (35) ياسر عمار. (36) سعود حرب سعود. (37) اسماعيل حسان عبدالله. (38) ياسين عبدالهادي عمر. (39) عبدالله ماروك مجحم. (40) حسين سعيد زبن. (41) عبدالستار صفوك داود. (42) حسن عبدالستار صفوك. (43) ساهر عايد عباد. (44) الحاج مهيدي صالح. (45) بهيج كرب علي. (46) عزيزة درك قهير. (47) بنت حميد عطاالله. (48) بنت صالح عفيف. (49) مقدم عزيز (بروانة). (50) سراب ثابت نعمان الهيتي. (51) سعدي حروش قليج. (52) خالد وطبان حمد. (53) علي حسين علي. (54) طه تركي محمود. (55) فرحان فليح حسن. (56) عماد خليل محمود. (57) بليغ سعيد عفر. (58) اسيل جمال سعيد. (59) باسم مخلف رشيد. (60) شريف رافع علي. (61) منار خميس عامر. (62) زوجة خلف شكري شارع. وآخرون لم تسعفنا الذاكرة لذكرهم.
ب. أسماء المعدومين:
(1) بشار جابر حمرين. (2) فائز خزيم عبدالمجيد. (3) أثير حمود شدهان. (4) بلال اسماعيل شلال. (5) وسام اسماعيل شلال. (6) يحيى مهنا حاجم.
ج. أسماء المختطفين وما زال مصيرهم مجهولا:
(1) حمد عبود حمد. (2) طه عبد طلك. (3) ارجح حسان رياش. (4) نوري صباح عويد. (5) رائد نافع خريسان. (6) حسن سامي اسماعيل.
د. أسماء المعاقين:
(1) احمد مفلح فرحان. (2) محمد كهلان علي. (3) ضرغام عبدالغفور علي. (4) جميلة درك حمد.
ه. اعتقال نساء: المواطنة لميعة عبدالله زعيتر (أم شاكر)، بتهمة ايصال معلومات للحكومة.