المنبرالحر

ما العمل ؟ ... ومصيرنا المجهول !/ صادق محمد عبد الكريم الدبش

في علم الأجتماع .. وحتى في أعراف المجتمع المتوارثة من غابر الأزمان وحتى يومنا هذا !... أسدال النصائح والتعنيف وحتى صيغ التهديد أثبتت فشلها وعدم جدواها في أصلاح الفرد والجماعة على حد سواء ... فلو كان عندكم أولاد !..وأحدهم عاق أو مشاكس أو شرس ، ويكرر ما يتم تنبيهه عن مخالفاته وقصوره وخرقه للأعراف وللتقاليد ، ومهمل لمسؤولياته وبأصرار وتزمت !... فما على والديه من فعل لثنيه على تقويم سلوكه ؟ .. بعد أستنفاذ كل الوسائل التربوية ...ووسائل الأقناع واللين والأغراءات المختلفة ، ومع هذا فلا جدوى من ذلك .. وأحدى أسباب أصراره هذا هو تهديده بمعاقبته ماديا ومعنويا !..ولكن دون تنفيذ هذه التهديدات بشكل عملي ، ونتيجة لذلك ولتكرار هذا الأسلوب !... جعله يطمأن من عدم نيله شئ من تلك التهديدات والمحاسبات !.. وصدق المثل القائل ( من أمن العقاب أساء الأدب ) .
وهنا الأمثال تضرب ولا تقاس !.. لكن لابد لي هنا من الدخول مباشرة بالموضوع المراد تناوله ! .. وهو حال البلد والناس في عراق اليوم ... والجب العميق الذي ألقي فيه ؟... من ألقاه ؟.. ومن المسؤول ؟... ولماذا ؟.. هذه جميعها أصبحت غير ذي جدوى !... المهم ... ما هو السبيل للخروج من جهنم والأحداث المزلزلة والكارثية !... وحتى هذه فقد تم تناولها وبالأسهاب الممل !.. وسبق أن كتبت في أكثر من خاطرة ومقال وتنهيدة وتسائل ؟، وذهبت أبعد من ذلك فقد سخرت من الذي يحدث ومن حكامنا وساستنا المتربعين على دست السلطة وبروجها ، بل أكثر من ذلك ..فقد سخرت من نفسي ولما ذهبت أليه !.. كوني مثل ما قال لي أحدهم ( يا أبا تانيا ؟.. أنت شمتعب حالك ؟.. وكأنك تنفخ في قربة مثقوبة !... أو تريد أن تسقي مزرعتك من خلال نقلك الماء أليها بالغربال ) هذا بلد خربان هو وحكامه !... وشعبه نايم !.. بس شلون نومه ؟... وقد يكون لهذا ولغيره الذين فقدوا الأمل بحكامهم وناسهم ومصيرهم ل!!..من خلال هروبهم الى الأمام ... والبحث عن مكان يؤويهم غير العراق !.. حتى وأن كان البحر ويكون طعام للأسماك في هذا البحر المترامي في سعته وأستيعابه لمن يريد ان يكون له سكنا وملجأ ومستقر .
قلنا أن ما خاضته قوى الأسلام السياسي من تجارب مريرة ، وفشلهم الذريع في أدارة البلاد والأنهيار الكامل في كل مناحي الحياة المختلفة وعلى وجه الخصوص الأمنية ، وشخصنا الأسباب والعلل ، وأقترحنا الحلول .. وقلنا مرارا وتكرارا بأن لا خيار أمام قوى الأسلام السياسي غير الذي ذكرناه ، ولكن مع شديد الأسف أعطو لنا وللأخرين ( الأذن الطرشة !!؟ ) بل عمية بصيرتهم .. وفي كل مرة كانوا يعتقدون بأن من يدعوا الى أعادة بناء الدولة وبصورة صحيحة ( عدو لهم .. وكافر .. وأرهابي أحيانا .. وغير هذا الكثير ... ولا نريد أن نكرر ما قلناه ) بل في كثير من الأحيان !.. يستخدمون سياسة المماطلة والكذب والتظليل والوعود بثورة من الأصلاحات ومن الأجراءات الثوروية !!..والتي بحقيقة أمرها لا تعدوا ألا كونها ضرب من الدجل والديماغوغية السياسية الرعناء ، ولن يخطو حتى خطوة واحدة تؤكد للجميع بأنهم قد بدؤوا الخطوة الأولى في أعادة بناء الدولة !!.. فهي كالولد العاق لا يفقه شئ من هذه التحذيرات ، ويوميا ترتكب مختلف الفضائح والجرائم والسرقات .. وحكومتنا تقول !... لقد حققنا وسنحقق المعجزات ؟َ!! .. ولكن الشعب لن يرى شئ يذكر .
حتى نأتي ومن قصير القول !!... نقول لهم وبكل أمانة وأخلاص .. أنكم غير راغبين في أن تخطو حتى خطوة واحدة نحو أعادة بناء الدولة وعلى أساس ( الدولة المدنية الديمقراطية العلمانية ... دولة المواطنة وقبول الأخر ) .
أما سبب ذلك يعود وأقولها وبكل وضوح ( أن فلسفة ونهج وقيم الدولة الدينية !... يتعارض كليا مع حركة الحياة .. ومع الحضارة والحقوق الأنسانيتين ... ويحدث شرخا عميقا بين مكونات شعبنا وأطيافه المختلفة .. مذهبيا ..دينيا .. أثنيا .. واخلاقيا ... وهو يكرس الكراهية والعنصرية والتعصب .
كذلك يتعارض مع حقوق الفرد والجماعة ... ويؤثر تأثيرا سلبيا على خياراتهم ، كونه يفرض عليهم نموذجا محددا من القيم والتقاليد والممارسات والأعراف المختلقة ! .. وهو يتعارض مع حقوق المرأة بشكل كامل ، كونها تابعة للرجل ومحدودية الحرية والحركة والأختيار في عرف الدولة الدينية ) .. وأنا هنا لا يمكنني أن أتناول فيض من التعارضات الأخرى ...القيمية والفكرية وحتى في الأعراف والتقاليد المتوارثة .. وما ندعوا اليه للدولة المدنية !...عكس دولتكم الساعين والممهدين في كل أنشطتكم ومنذ ما يزيد على العقد من السنين أليها وتكريسها قولا وفعلا !!.. فالدولة المدنية العلمانية الديمقراطية هي الوحيدة التي تحمي حقوقكم وطقوسكم !.. كما أنها تحمي حقوق الأخرين .
وأتمنى عليكم أن تلتفتوا الى كل الأصوات المخلصة والصادقة وتعيدوا النظر !.. الأن واليوم ...! في أتخاذ الأجراءات السريعة قبل أن يفرض عليكم ما لا نستهويه لكم ولا أنتم راغبين بأن تتعرضوا أليه ؟!!.. وعليكم أن تقوموا بما يلي ... وهذا هو أهم الأمور والتي تشكل حجر الزاوية للبناء المرتقب :
أعادة بناء المؤسسة العسكرية والأمنية وفق المعايير الوطنية والمهنية والعلمية ، وتناط بأناس أكفاء ومهنيين يتمتعون بالخبرة والنزاهة والأمانة .
ويعاد العمل بالخدمة الألزامية فورا .
العمل فورا بحل كل الميليشيات ومصادرة كل ما تمتلكه من مال وسلاح وعتاد واليات وتعاد ملكيتها الى وزارة الدفاع والداخلية .. وهذا ينسحب على ما يطلق عليه اليوم ( الحشد الشعبي .. والتي تنضوي تحت خيمته كل الميليشيات العابثة بأمن البلد ) وحصر السلاح بيد الدولة فقط .
تشكيل حكومة تكنوقراط من الوطنيين والمتخصصين ويكون رئيسها من المستقلين ، وتسلم أليها مقاليد البلاد لمرحلة أنتقالية لمدة خمس سنوات ، وتعلن حالة الطوارئ في البلاد .
يعاد تشكيل الهيئات المستقلة جميعها وعلى نفس الأسس الوطنية والمهنية ، بما في ذلك الأوقاف الدينية ، ويكون هناك وزارة خاصة بالأوقاف الدينية .
تشكيل هيئة مستقلة ومن الخبراء في السياسة والقانون وعلم الأجتماع ومن الخبراء وحسب الحاجة .. وتأخذ على عاتقها أعادة النظر في مواد الدستور بما يؤمن وحدة شعبنا وبلدنا ، ومعالجة الثغرات القانونية والحقوق والواجبات بما يتلائم مع وحدة نسيجنا الأجتماعي وتماسكه .
وتشرف الحكومة ومن خلال صلاحياتها الممنوحة أليها على كل ما من شأنه التصدي للفساد والمفسدين وتعقب مساراتهم وزواياهم وتقديمهم للعدالة وأسترجاع ما نهبوه من المال العام والخاص .
وعلى الحكومة المرتقبة أن تستعين بكل ما من شأنه أعادة العافية لهذا البلد ( سياسيا .. أقتصاديا .. زراعيا .. وخدميا ، واعادة عجلة الحياة للدوران من جديد ) .. من خلال طلب المساعدة الأقليمية والعربية والدولية ، بما لا يخل بأستقلالنا وحريتنا وكرامتنا .
هذه خطوط عامة التي تشكل طوق نجاة للشعب وللوطن . وبعكسه سيستمر التدهور !.. وتزداد محنة الناس !.. وسيتعرض نسيجنا الأجتماعي للتمزق أكثر !وربما للأحتراب والأنقسام ، وبما لا يمكن تحديد مدياته ، وستتحملون تبعات هذا التدهور ، والتأريخ لن يرحمكم أبدا ، وستساهمون في شرذمة البلاد ووحدته وسلامة أراضيه ، وتساهمون في تشجيع التدخلات الأقليمية والأجنبية .
لاشك بأن الأمور تسير نحو التدهور المتسارع ، وعلى قوى شعبنا الوطنية والقوى المحب للسلام وللحرية والتقدم بمساندة شعبنا في بناء دولة عادلة ديمقراطية مستقلة وموحدة .
تفتت العراق وتمزقه وشرذمته كدولة ، ليس في مصلحة أحد ، أنه يهدد السلام والأمن في المنطقة والعالم ... فسارعوا لأنقاذ هذا البلد من الأنهيار والسقوط .