المنبرالحر

لتتزامن هزيمة داعش عسكرياً مع هزيمته فكرياً / حيدر سعيد

ان احتلال ثلث الاراضية العراقية من قبل داعش وحلفائه عسكرياً ، وتهديده العاصمة بغداد ، لم تكن اشارة الى هزيمة المتنفذين عسكرياً، بل كانت هزيمة فكرية لسياستهم المعتمدة على الطائفية السياسية ونهج المحاصصة ، هذه السياسة التي اطلقت العنان للذهنية المبنية على العنف وتهميش الاخرين وتصفية المختلفين فكرياً اعتماداً على العضلات والقوة وتجميد العقل وابعاده عماهو متطور يخدم الناس ويوفر لهم متطلبات الحياة الضرورية.
ان الاجواء الفكرية التي هيأها مشروع الطائفية السياسية، هي من اعطى مقدمات لداعش وحلفائها بمختلف وجوههم ، ليحتلوا المدن العراقية ويجدوا من يحتضنهم ،ولذلك فان الاستمرار بهذا المنحى الفكري الطائفي سيؤدي الى المزيد من الازمات ، وعليه فأن القوى المدنية الوطنية الديمقراطية مدعوة اليوم الى تحشيد كل مثقفي بلادنا ومفكريه المخلصين للمشروع المدني الديمقراطي المتصدي الحقيقي لمشروع الطائفية السياسية ، لٌان يلعبوا دوراً مسؤولاً في تجسيد مبدا المواطنة وتعزيز الوحدة الوطنية ، وليجعلوا من انتصارات قوات شعبنا الوطنيةالمسلحة بمختلف صنوفها على داعش وقرب هزيمته النهائية ، مدخلاً للانتصار الفكري على فكر داعش المتخلف الظلامي الذي لم يعرف العالم مثيلاً لهمجيته ووحشيته .
ان المثقفين العراقيين الحريصين على وطنهم وشعبهم معنيين قبل غيرهم ، بمواجهة هذا الغول الفكري المتطرف لداعش وارهابه ، واقتلاع جذوره من ارض الوطن ، خاصة وانه بدأ بزرع سمومه الفكرية في مجتمعنا متخذا من الاطفال مادة سهلة لنشر افكاره الارهابية وتحويل المدارس ودور التعليم والتربية الى ساحات ، يتلقى فيها الحاضرون ثقافة الموت والدم والكراهية ،
ان الفكر الديمقراطي التقدمي المتنور هو من يقدم الدواء الشافي لمثل هذا الفكر السام ، ومن يحاول طمس الثقافة الوطنية الديمقراطية متمسكاً بثقافة الطائفية السياسية ، سيسير بالبلاد والشعب العراقي الى الدمار والتخريب والتخلف والظلام ، ويقدم خدمة مجانية لثقافة الارهابين وفكرهم الفاشي ،
ولذلك فمسؤولية المثقفين المتنورين العراقيين تسخير ادواتهم في هذه المرحلة، لتلعب دوراً متصدياً لهذا الفكر الداعشي السام ، مغلبين مبدأ المواطنة ، التي بدأت تستعيدعافيتها متزامنة مع الانتصارات التي تحققها قواتنا الوطنية المسلحة على داعش ومرتزقته في الداخل والخارج ،بعد ان غيبتها الطائفية السياسية ونهج المحاصصة ،وما صراخ وعويل البعض من وجوه داعش الفكرية ،الا دليل على ان هزيمة داعش اصبحت قريبة ومؤكدة ، ومهما حاول هذا البعض من تشويه الصورة الرائعة للقوات المسلحة العراقية ونظافتها ومهنيتها لن يستطع ذلك ،بل يكشف على ان فكر داعش لازال يعشعش في ادمغة هذا البعض ، مما يشكل خطرا على مستقبل العملية السياسية ، ويبعث القلق لعودة داعش وفكره الظلامي العنفي المتحجر .،
ان هزيمة داعش فكرياً يتطلب ايجاد البديل الفكري الوطني الديمقراطي الذي يؤسس الى ثقافة تقدمية وطنية ديمقراطية تتخذ من مبدأ المواطنة مدخلاً للتغيير الجدي على النطاق السياسي والثقافي والاجتماعي والتربوي والاخلاقي، يؤسس لبناء دولة المواطنة، الدولة الوطنية الديمقراطية الاتحادية ، التي تسود فيها العدالة الاجتماعية ، و تتعزز الوحدة الوطنية ، وتوصد الابواب امام الافكار المتطرفة المتخلفة الطائفية الظلامية التي جسدها داعش في دولة البهائم !!