المنبرالحر

السيد رئيس مؤسسة السجناء السياسيين المحترم .. ملاحظات بشأن ضحايا انقلاب8 شباط 1963/ محمد علي الشبيبي

في الوقت الذي نشكر الجهود الكبيرة في منح الحقوق للسجناء والمعتقلين، نجد من الضروري تناول بعض السلبيات والعقبات التي تواجه معتقلي وسجناء انقلاب 8 شباط 1963, آملين دراستها واتخاذ الاجراءات اللازمة لتجاوزها ووضع الحلول والقرارات الواضحة. وهذه الملاحظات هي خلاصة معاناة الكثيرين ممن كانوا ضحايا للانقلاب الفاشي. ولهذا نجمل مقدما أهم المشاكل التي يعاني منها ضحايا انقلاب 8 شباط. :-
آ- ان التعديل الاول لقانون مؤسسة السجناء السياسيين الصادر سنة 2013 حدد المشمولين بالاعتقال والسجين من ضحايا الانقلاب، وجاء في نص المادة ما يلي:
المادة -5- أولا: تسري احكام المادة هذا القانون على السجين والمعتقل السياسي ومحتجزي رفحاء من العراقيين وأزواجهم وأولادهم من الأجانب ممن سجن واعتقل واحتجز في ظل نظام البعث البائد وفقا لما يأتي:
1- للمدة من (8/2/1963) ولغاية (18/11/1963) وحتى اطلاق سراحه على ان لا يكون لديه قيد جنائي.
من الفقرة اعلاه يتمسك بعض مسؤولي اللجان الخاصة بنص القانون وليس كما يقال بروح القانون والهدف من إصداره. فالقانون تم إصداره لأنصاف ضحايا انقلاب 8 شباط، فالمطلعون يعرفون أن تبعات انقلاب 8 شباط لم تتوقف بسقوط حكم انقلابيي 8 شباط بل تواصلت، وخاصة المحاكم (المجالس العرفية والعسكرية الأخرى) وتواصلت الأحكام الجائرة (بما فيها الاعدامات) بناء على تقارير وإحالات حكم البعث منذ انقلاب 8 شباط، فهم بذلك ضحايا للانقلاب الدموي. لذلك أن بعض اللجان الخاصة لا تعترف بالأحكام الصادرة بعد انقلاب 18 تشرين الثاني 1963 حتى وأن كانت إحالة القضايا من أيام حكم البعث وبموجب اتهامات تتعلق بمقاومة الانقلاب الدموي في 8 شباط! كما أن اللجان الخاصة لم تستوعب قانونيا معنى اطلاق السراح بكفالة! فكثيرون من معتقلي 8 شباط اطلق سراحهم بكفالات (ايام الحرس القومي) وقدموا الى محاكم المجالس العرفية بعد 18/11/1963 وصدرت بحقهم أحكاما قاسية، بناءً على الاحالات التي تمت أيام حكم البعث الاول وصدرت أحكاما عليهم لمقاومتهم انقلاب 8 شباط 1963. ولكن اللجان الخاصة تحددت بنص الفترة التي أشار اليها تعديل القانون بينما اطلاق السراح بكفالة لا يعني أبدا نهاية الاعتقال بل هي تحديد ومراقبة لحرية المواطن لحين تقديمه إلى القضاء، ويمكن ان تتم محاكمته بعد ايام او حتى بعد سنوات وهو مرتبط بالكفالة والكفيل مسؤول قانونيا بإحضار المتهم للجهات المسؤولة عندما تطلبه.
كما لاحظنا أن بعض الذين اعتقلوا أيام الزعيم عبد الكريم قاسم، وواصل الانقلابيون البعثيون بعد 8 شباط اعتقالهم ومن ثم تقديمهم للمحاكم وإصدار عقوبات بحقهم، لم تعترف معظم اللجان الخاصة بحقوقهم كضحايا لانقلاب 8 شباط حتى وإن تمت تصفيتهم بالتعذيب او الإعدام من قبل بعثيي 8 شباط!
نرى على مسؤولي اللجان الخاصة أن يستوعبوا روح القانون والاسباب التي دعت الى اصداره ... وتركت هذه النقطة (تحديد الفترة) في القانون سائبة لم تتطرق ابدا الى تعريف من هم ضحايا فترة (8/2/1963) ولغاية (18/11/1963) ولماذا اعتقلوا وكيف يعالج تبعات اعتقالهم بعد هذه الفترة ...الخ بينما في تناول حالة محتجزي رفحاء يتناول القانون بتوضيح وتفصيل حالة المحتجزين بالفقرة (ر) من نفس المادة -5- اولا. واعتقد ان هذا النقص في التوضيح كان يراد منه التسويف وترك مسؤولي اللجان الخاصة بالقرار حسب أمزجتهم وميولهم الفكرية ومدى تعاطفهم مع ضحايا انقلاب 8 شباط، وللأسف لم يكن هناك من طرفنا متابعة لمقترح القانون وعرضه على مختصين لاستيعاب نواقصه وتجنبها.
ب- بالرغم من ان هناك تعليمات في الاسراع بمعاملات كبار السن أولا فأن التعثر والإبطاء في معاملات ضحايا شباط مستمر. والضحايا يلاقون صعوبة في ايجاد الشهود خاصة الجنود لأنهم اعتقلوا في وحداتهم ويصعب عليهم ايجاد شهود، وكذلك الاشخاص الذين انتقلوا من أماكن سكناهم عام 1963 الى مدن أخرى هم ايضا من الصعب عليهم ايجاد شهود، وهناك مرضى وكبار سن مقيمون في الخارج لا تتاح لهم المراجعات المستمرة والعشوائية (اي بدون تحديد مواعيد دقيقة لهم) من قبل اللجان الخاصة وحتى إذا تم تحديد موعد لهم فكيف يمكن لشيخ اقعده المرض وكبر السن ان يراجع وهو عاجز حتى عن تناول كأس ماء!؟
ج- لأن القانون حدد فقط الفترة ولم يتناول اسباب تخصيص هذه الفترة ولم يعرفها جيدا فأن قرارات مسؤولي التحقيق في اللجان الخاصة كانت مختلفة ومتناقضة وأحيانا لنفس اللجنة حيث يوجد فيها تناقض وعدم توافق وانسجام مع روح القانون.
د- عندما يتقدم الضحية بطلب تظلم واعتراض على قرار اللجنة فأن الموظف المسؤول يملأ استمارة فقط فيها جملة واحدة ما معناها (اني اعترض على القرار!؟) وكأنما "جفيان شر" فقط، وهذا يعتمد على وعي المعترض القانوني فلا يكتب سبب الاعتراض ولا يرفق الاوليات ... وهكذا فالقاضي عندما تصله مثل هذه المعاملة الناقصة بالتأكيد يكون موقفه سلبا. مع العلم ان الاعتراض يبقى بين درج الموظف وهيئة الطعن لأشهر بسبب كثرة الطعون.
هـ- البعض مازال يحتفظ بقرار السجن أو بكتب رسمية (من دائرته ...) تثبت اعتقاله، وهذه الكتب مصدقة من دار الوثائق والكتب ومع هذا يطلب منه احظار شهود، بينما الكتب وهي مصدقة رسميا هي أكثر دقة ومصداقية حتى من الشهود ... ولكن مطالبة ضحايا الانقلاب بالشهود وهم قلة جدا بعد هذه العقود الستة تقريبا على تلك الاحداث يراد منها التهرب من اي قرار ايجابي لصالح الضحية. وأحيانا يرفض المسؤول في التحقيق بعض الشهود لأنهم شهدوا أكثر من مرة (4- فأكثر) ويسألهم هل استلموا مبلغا من أجل شهادتهم؟ وينسى المحقق أن المعتقلين في سجن واحد او من مدينة واحدة كانوا اصحابا او رفاقا واحدهم يعرف الاخر ولا يوجد غيرهم اليوم بسبب وفاة البعض او حصول متغيرات أخرى ... أنها مجرد حجج للتسويف والعرقلة.
وبناءً على الملاحظات أعلاه أتوجه بصيغة النداء التالي آملا دراسته بجدية لمعالجة المشاكل المطروحة ولكم جزيل الشكر مقدما
نداء الى رئيس مؤسسة السجناء السياسيين
في الوقت الذي نشيد بجهودكم الوطنية المخلصة من أجل منح الحقوق لكل السجناء الذين عانوا من اضطهاد وسجون وتعذيب الحكم البعثي الأول والثاني ... لكننا نجد ان هذه الجهود تبقى ناقصة لأن هناك أعدادا كبيرة من ضحايا انقلاب 8 شباط 1963 ممن تجاوزت اعمارهم السبعين والثمانين والتسعين عاما وهم في وضع صحي مترد جدا، وبعضهم يعيش في المنافي ولا تساعده صحته حتى على العودة الى الوطن ... فهؤلاء من كبار السن؛ البعض منهم لا يغادر حتى بيته وإن غادره فيغادره إلى المشفى للعلاج .... ان هذه الظروف الصعبة التي يعاني منها كبار السن من ضحايا الانقلاب الدموي جعلتهم أكثر حاجة للالتفات إليهم وتسهيل معاملاتهم لنيل حقوقهم التي نص عليها قانون السجناء السياسيين المعدل. لذلك نقدم لمؤسستنا الموقرة المقترحات التالية:
1- يسمح لكبار السن والمرضى منهم أن يقدموا طلباتهم في مدن إقامتهم الحالية، أو ان يختاروا المدينة الأسهل لهم، وخاصة أن بعضهم اضطرته الظروف الى الانتقال من المدن التي اعتقلوا فيها في ذلك الزمن.
2- أن يسمح لكبار السن والمرضى من ضحايا الانقلاب الفاشي المقيمين خارج الوطن بتقديم طلباتهم وأخذ إفاداتهم وشهودهم إن توفروا في القنصليات وتصديقها لتأخذ مجراها القانوني في حسم قضاياهم دون سفرهم لمراجعة اللجان الخاصة بالمؤسسة.
3- لا يخفى عليكم ان القانون عندما شمل ضحايا انقلاب 8 شباط 1963 كان يراد منه رفع الحيف عن ضحايا الانقلاب وتعويضهم عن الضرر الذي أصابهم بسبب الاعتقال والتعذيب والسجون والفصل وغيرها من انتهاكات ... ولكن وللأسف الشديد أن بعض مسؤولي اللجان الخاصة عن التحقيق في الافادات ولأسباب نجهلها يتخذون قرارات غير عادلة ومتناقضة. فمثلا في مقتبس حكم واحد في قضية واحدة وبمادة واحدة صدر فيها حكم بعدة سنوات على مجموعة، ولكن اللجنة الخاصة اصدرت قرارها على بعضهم باعتبارهم سجناء وعلى البعض الاخر اعتبرتهم معتقلين مع العلم ان الجميع قضوا فترات متفاوتة في السجن بين سنتين الى اربع سنوات! أليس هذا غبنا وتناقضا في القرارات.
4- يرجى توجيه دوائركم بالتسريع في انجاز معاملات التظلم ونأمل من القاضي الذي يدرس هذه التظلمات ان لا يتخذ قراره قبل ان يستمع لوجهات نظر صاحب التظلم.
5- كما تعلمون ان احداث انقلاب 8 شباط 1963 قد مر عليها اكثر من نصف قرن، والكثير من هؤلاء الضحايا فارقوا الحياة والاخرون تشتتوا في المدن والمنافي في انحاء العالم ... ومن الصعب على البعض البحث عن أحياء من زملائه في السجن، لذا نرجو الاكتفاء بمقتبس الحكم الموثق من دار الوثائق والكتب، أو اية وثيقة أخرى مثل دفتر الخدمة العسكرية، أو كتب سحب اليد والفصل السياسي وغيرها من كتب رسمية.
6- كما نرجو عدم الاعتراض على الشهود إذا تكررت شهاداتهم عن زملائهم في السجن لأنه من الصعب بعد أكثر من خمسة عقود العثور على شهود كانوا من الزملاء في السجن. فقد لاحظنا أن بعض المسؤولين في التحقيق يتهم بعض الشهود بأخذ اجور على شهادتهم المتكررة لأكثر من سجين او انه يرفض شهادتهم وينسى هذا الحقوقي ان الشاهد تحت القسم.
7- لا يخفى عليكم ان تبعات انقلاب 8 شباط 1963 استمرت حتى بعد انقلاب عبد السلام عارف في 18 تشرين الثاني 1963. وقد تمت اعتقالات للكثيرين في فترة حكم الاخوين عارف بناء على اعترافات وأوامر القاء قبض صدرت في فترة حكم البعث ايام انقلاب 8 شباط 1963 وهذا يعني أن هؤلاء هم أيضا من ضحايا الانقلاب الدموي، لذا نأمل ان يتم توضيح ذلك ليشمل هؤلاء الضحايا باعتبارهم من ضحايا 8 شباط 1963.
8- للأسف لم تعترف بعض اللجان الخاصة بقرارات الحكم الصادرة بعد انقلاب 18 تشرين الثاني 1963 بالرغم من أن قرارات الحكم قد ثبت فيها أن اسباب الحكم هي المشاركة في التظاهرات المعارضة لانقلاب 8 شباط 1963 أو في مقاومة الانقلاب. لذا نرجو أن يتم توضيح وإقرار أن كل من تم سجنه بسبب التظاهر ومعارضة انقلاب 8 شباط أو قاوم الانقلاب، أو سجن بسبب اعترافات أو القاء قبض صدر ضده في زمن حكم البعث الأول (أي الفترة التي حددها التعديل) يعتبر من الضحايا وبغض النظر عن زمن صدور الحكم عليه.
9- بعض السجناء او المعتقلين كانوا قد اعتقلوا قبل انقلاب 8 شباط 1963 اي في ظل حكم عبد الكريم قاسم، ولكنهم بقوا في الاعتقال خلال فترة انقلاب شباط وتعرضوا للتعذيب والتحقيق وصدرت بحقهم أحكاما بعد انقلاب 8 شباط، لم تعترف بهم اللجان الخاصة كونهم من ضحايا 8 شباط. كل سياسي واعي يعرف أن إبقاء هؤلاء في المعتقلات والسجون بعد الانقلاب بينما أطلق الانقلابيون سراح المعتقلين (من رفاقهم ومن قوميين) الذين كانوا قبل 8 شباط في المعتقلات وتمسكوا بالآخرين وهذا وحده يؤكد أن الذين تم احتجازهم هم ايضا من ضحايا 8 شباط وإن اعتقلوا في فترة سابقة. لذا نأمل ان يتم توضيح ذلك للجان الخاصة بحيث يشمل القانون هذه الفئة من المعتقلين.
10- منذ عدة أشهر اصبحت المواقع الالكترونية للمؤسسة أو لفروعها (مواقع اللجان الخاصة في المحافظات) غير ممكن الدخول إليها أو حتى فتحها! بينما كانت هذه المواقع وسيلة تسهل للمواطن (المعتقل أو السجين) متابعة القرارات الصادرة من اللجان الخاصة المتعلقة بقضيته، أو أنه بإمكانه الكتابة والاستفسار والتوضيح. حتى أن موقع المؤسسة الرئيس على الفيسبوك لا يمكن الاتصال عبره فالشباك المخصص للاتصال (اتصل بنا) هو مجرد تمويه لا يمكن فتحه مطلقا لغرض الاتصال!؟. نأمل أن تعيدوا تفعيل هذه المواقع كي يتسنى للمواطن متابعة ما يخصه من قرارات اللجان الخاصة.
لذا نرجو منكم آملين كما عودتمونا في منح الحقوق للمعتقلين والسجناء من ضحايا انقلاب 8 شباط 196، وذلك من خلال معالجة النواقص والسلبيات التي أشرنا إليها أعلاه.
هذا ولكم جزيل الشكر