المنبرالحر

في ذكرى رحيل الجواهري الكبير... / د. فلاح اسماعيل حاچم

قدر لي أن أكون ضمن ثلاثة رفاق كلفتهم المنظمة الحزبية في دمشق بنقل مذكرات الجواهري من الاوديو والفيديو كاسيت إلى الورق. عملنا كخلية نحل وباندفاع كبير، وفق جدول اسهم الجواهري نفسه في ترتيبه، حيث اجتمع بِنَا في الْيَوْمَ الأول في بيته بدمشق، مؤكدا على أهمية أن ترى مذكراته النور في أسرع وقت ممكن، الأمر الذي حرص على توفير كل ما من شأنه تأمين استمراريته، حتى أني اتذكر أنه كلّف ولده كفاح، عندما انقطع التيار الكهربائي وفق خطة الحكومة السورية لترشيد الطاقة آنذاك، كلفه على وجه السرعة بشراء بطاريات لمسجلات الصوت واجهزة الفيديو. كان العمل ينطوي على متعة كبيرة لنا، ذلك ان اغلب ما ضمته محتويات التسجيل لم يجد طريقه الى النور بعد انذاك. لقد أتاح لنا ذلك إمكانية الاحتكاك المباشر مع الجواهري والتعايش معه والاستفسار منه عن بعض محطات سفره الطويل. كان شاعرنا لطيف المعشر، محب للنكتة، لكنه كان يستغرق في تفكير عميق حاولنا عدم اقتحامه وتعكيره قدر المستطاع. لكننا كنا نستثمر فترة الغداء، التي تجمعنا مع الجواهري الى طاولة واحدة لمناقشة القضايا السياسية، التي كان الجواهري يحرص على متابعتها والاستماع الى اراءنا بانتباه شديد، وفِي احيان كثيرة كان الجواهري يلتفت اثناء الحديث الى كريمته، الرفيقة خيال مستفسرًا:(ها، شنو رأي الرفاق بهذا الموضوع؟)..
من المسائل التي لابد من الإشارة اليها هي أن السيدة نجاح العطار ، وزيرة الثقافة السورية آنذاك، حرصت على متابعة العمل شخصيا، حتى أنها أكدت خلال زيارتها لنا "ان كافة إمكانيات وزارة الثقافة السورية تحت تصرفكم لإنجاز مذكرات الجواهري"..
ولابد من الإشارة هنا ايضا الى الحرص الكبير الذي ابداه الكثير من الأدباء والكتاب العراقيين لإنضاج العمل واخراجه بالشكل اللائق، ومنهم الصديق رواء الجصاني، الذي كان يحرص على زيارة الجواهري قادما من محل إقامته في براغ، والأستاذ الكاتب زهير الجزائري، والرفيق حميد برتو، الذي تم الاعتماد عليه، كما يبدو، لاختيار فريق العمل الأولي، وآخرون ..
للجواهري الكبير الذكرى العطرة في ذكرى رحيله العشرين..