المنبرالحر

الاحوال الشخصية ومرض( البدوفيليا) و ازمة الاسلام السياسي / صبيح الزهيري

يعاني الاسلام السياسي، اينما وجد من أزمة موضوعية، بسبب التزامه ايديولوجيا ما قبل العصر الصناعي. وهذا الوضع انتج بناءً فوقيا ثيوقراطيا في شحذ سلاح الموروث في معالجة قضايا عصر الصناعة، ولهذا بدأ بالهجوم على كل ما هو حديث و مدني و تقدمي. و كانت المراة في مقدمة اهدافهم الهجومية تلك، معتقدا ان اسهل طريقة لمنع تيار التغيير الاجتماعي من الانتشار يبدأ من هدر حرية المرأة . و لذلك بدأ بالهجوم عليها منذ ايام مجلس الحكم ثم اتبعوه –ممثلو التيار- في مشروع ما يسمى قانون الاحوال الشخصية الجعفري ثم مشروع تعديل قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لعام 1959.
لقد تلازم الهجوم على المرأة مع سعي التيار الاسلامي المحموم الى تهميش القوى و الاحزاب و منظمات المجتمع المدني ذات التوجه المدني و الديمقراطي الحقيقي و وضع الطائفية و الاثنية و العشارية فوق الوطنية و المواطنة و فوق الكفاءة و الخبرة و الامانة . و نتيجة لذلك تفشى الفساد في جميع مفاصل الدولة الذي رفع الفقر الى حوالي 40% في بعض المناطق و البطالة الى اكثر من 30% و عدد المهجرين فيه اكثر من خمسة ملايين نسمة مع بنى تحتية منهارة بشكل كامل و تسبب في ضياع الملايين من الدولارات.
في ظل هذا الوضع بزغت في الافق بوادر نهوض شعبي وجماهيري ذو سمة طبقية و تنويرية مدنية و حداثوية. فمنذ عام 2011 وهذا النشاط الاحتجاجي السلمي مستمر بإشكال مختلفة متصاعدة. رغم أن سلطة الاسلام السياسي حاولت احتواء هذا الاحتجاج السلمي بأساليب شتى. والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا اختاروا المرأة في هذا بالذات؟
الجواب بسيط جدا، فالمرأة العراقية هي نصف المجتمع العراقي، و اذا ما استحوذوا عليها فقد كسبوا نصف اصوات الناخبين مجانا. و لعل من اسباب تركيزهم على المرأة ايضا يتمثل في منع تزايد الوعي الحضاري و الاجتماعي عند النساء العراقيات خاصة بعدما انخرط العديد منهن بالفعل الاحتجاجي و المطلبي حيث اثارت هذه الظاهرة، الرعب و الفزع في صفوفهم .
إن محاولة الغاء قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لم يكن محض صدفة او رغبة عابرة بل له هدف سياسي و اجتماعي هو( قمع تطلعاتها التحررية) بغية التخلص من عدو محتمل قد يساهم في انهاء وجودهم السياسي و الاجتماعي مستقبلا .
ان لهذا القانون المقترح اخطارا جسيمة على المرأة العراقية و العائلة العراقية و الطفولة و العراقية و النسيج الاجتماعي العراقي وعلى مجمل افاق التطور اللاحق للشعب العراقي . انه طوفان اسود يجب الوقوف بوجهه و ايقافه كونه القانون طائفي وسيمزق اللحمة الاجتماعية للأسرة العراقية المتداخلة بشكل شديد التداخل . كما انه يكرس جريمة كبرى بحق الطفولة عن طريق فسح المجال لانتشار مرض( البدوفيليا) اي الممارسة الجنسية مع الأطفال و سلب كافة الحقوق المدنية التي سنتها لها الامم المتحدة و اتفاقية سيداو و قانون رقم 188 لعام 1959 و كافة الاعراف و المعاهدات الحضارية الاخرى بما في ذلك سلب حق الارث و التملك من المرأة و سلب حق حضانة الامومة .
يجري هذا كله في القرن الحادي و العشرين ـ عصر - الطفرات الهائلة في مختلف العلوم و المعارف و حقوق الانسان و القيم الديمقراطية .
و لذك فالنضال ضد هذا القانون أو اي قانون يقضم كرامة المرأة و يذلها هو واجب اساسي لكل القوى التقدمية و المدنية و المؤمنة بحقوق الانسان و الديمقراطية وكذلك واجب الشبيبة المتطلعة لمستقبل افضل ذلك.