المنبرالحر

الكروش علامة طبقية فارقة/ د. علي الخالدي

بعد أن حيا رئيس الوزاء البريطاني ونستون تشرشل ،الكاتب الساخر برنادشو، في حفل إستقبال جرى في لندن. سأله ما هذا يا شو ، من يراك يظن أن هناك مجاعة في بريطانيا ، فأجابه برنادشو، ومن يراك يعرف سبب هذه المجاعة.
جاءتني هذه الخاطرة وأنا أتطلع الى المحتفلين بعيد الفطر، وخاصة اﻷطفال، وهم يتجولون في اﻷسواق التجارية في أربيل وأغلبهم من الوسط والجنوب، وفي حديقة الزوراء، وأماكن لهو اﻷطفال (وأغلبهم متفرجين) في مدينة اﻷلعا ببغداد. لاحظت أن العوائل المتجولة في حدائق الزوراء يختلفون في المظهر والبنية الجسمانية، فهم نحيفون ذو ملابس إعتيادية، بينما من يتبضع في المول، ويتناول طعامة في المطاعم الراقية، إمتازوا بالبهرجة، وبالكروش التي إرتفع محيطه، لدرجة، تحدث ضيق التنفس عند الكلام، بما فيهم أطفالهم، وقبل ذلك أدهشتني مائدة اﻷفطار، في البرامج التلفزونية، وكأنها أعدت لعشرات المدعويين، عندها عرفت أن من يقف وراء كروش البعض، والكثير من القادة اﻷمنيين والمسؤولين والميسورين، هو تناول اللحوم والرز العنبر المستورد،(ﻷن العنبر الوطني قد غزته الشوائب والحصى واﻷتربة، كما ظهر في الخمسة كغم التي جلبت كهدية لنا من الوطن، مثيرة إستنكار أم نادية لانه لا يشبه العنبر العراقي الذي كانت تعرفه.
إستنتجت، أن بعض الكروش العراقية، وراء فقر ووهن أجسام وإصفرار وجوه فقراء الشعب، وخاصة أطفالهم، الذين توزعوا على قمم النفايات، يفتشون عن ما يشترون به، رغيف خبز حاف مع الشاي، أما الدسم فلن يراودهم حتى في اﻷحلام، بجانب يأسهم بتحسين ما تبقى من مفردات البطاقة التمونية . هذا الحرمان منحهم وقاية من عواقب أكل الدسم (اللحم) و شحومه، و الذي يقف وراء أمراض المفاصل. و هذا ما ولد لدي فكرة كتابة سلسة من النصائح عن مضار اﻷكل الدسم، وخاصة لزملائي الذين يزحفون نحو السبعين وما فوق أبدأها بالنصيحة اﻷولى:
إذا أردت أن تحتفظ بلياقتك البدنية فقلل من تناول النشويات (الخبزوالرز) واللحوم الحمراء، خاصة وأن حركتك تقل مع تقدم العمر، ويقل معها حرق السعرات الحرارية التي يحويها ما تتناوله من طعام، وخاصة الشحوم ومركباتها، التي تتراكم على أعضاء جسمك حول المعدة والقلب وداخل بطانة اﻷوعية الدموية مما يعرقل وظيفتها، ويعجل مسيرة شيخوتك، وأمراض مفاجئة كالذبحة الصدرية، والمفاصل التي تعيق حرية الحركة، كما شاهدته على بعض المستطلعين في مول أربيل.
فتصاعد نسبة حامض البوريك الذي تحويه اللحوم وخاصة الحمراء بالدم ، يؤدي الى ترسبه على شكل بلورات في غضاريف المفاصل وما يحيطها ، وقد تشكل عقد نسيجية صلبة تحت الجلد. تذوب هذه البلورات في درجة حرارة 30 مئوية وهي تتكون من أمونيات سلفاالناتريوم، يخرج قسم منها ذائبا في البول، وتترسب منه بسرعة، وعند أحتصار البول تشكل خطورة على المسالك البولية ومنها الكلة ، بتكوين الحصى.

يبدأ الترسب مبكرا في مرحلة الشباب ، خاصة إذا صاحب ذلك تناول الكحول ( اﻷغنياء والملوك يتناولوا اللحوم مع النبيذ) ، مسببا التهاب حاد في مفصل واحد، أو عدة مفاصل، مع آلام حادة، تظهر غالبا في الليل، ويتصاعد اﻷلم لدرجة لا تطاق. المفصل المصاب يكون منتفخا، حار الملمس مع إحمرار منطقته ، يكثر في مفاصل اليد والرجل والرقبة والكتف، يستمر لبضعة أيام وبدون علاج لعدة أسابيع ، تختفي اﻷعراض الموضوعية، وتعود وظيفة المفاصل لحالتها الطبيعية، ثم تعاود الظهور بشكل مضاعف القوة والشدة في المفاصل المذكورة أعلاه. بجانب ذلك مختبريا تكون نسبة حامض البوريك في الدم أكثر من 420 ملغرام في لتر من الدم، يعالج بدواء كولخسين، وخلال 24 ساعة يتحسن المريض بشكل درامي.

إن بعض المسؤولين،تكون كروشهم، متماهىة ومدمني شرب البيرة، الذين يفرطون وبشراهة في تناول الدهون الدسمة والفلفل الحار، ويلحسوا بعد ذلك شفاههم، مع أنهم سيدفعون بعدذلك ثمن اﻷفراط هذا.
لهم ولزملائي الزاحفين نحو السبعين، أقدم نصيحة اﻹكثار من تناول وجبات السمك، والخضار، و البقول. واللحوم مرتين في اﻷسبوع فقط، وحبذا لو يكون الفطور من مشتقات الحليب موزعة على أيام أﻷسبوع ، وأن ينقطعوا عن تناول أي شيء قبل ساعتين من الخلود للنوم، عملا بالوقاية خير من العلاج.