مجتمع مدني

احد عشر الف دونم من غابات ديالى في طريقها الى الزوال / جنان علي

تعد الغابات من الموارد الطبيعية الزاخرة بالعطاء حيث تعدمحمية للكثير من الحيوانات الفريدة من نوعها بالإضافة الى كونها تمثل اهمية كبيرة في التوازن البيئي وتلطيف الطقس وهي ايضا مرافق سياحية مهمة تستقطب الكثير من المواطنين لقضاء اوقات الراحة والاستمتاع بالمناظر الطبيعية الساحرة والبيئة الصحية النقية لذا يتحتم على الدولة الحفاظ على هذه الثروة واستثمارها بالشكل الامثل والعناية بها وتوفير كافة سبل ادامتها وتطويرها وتوسيعها.
وتمثل الغابات ايضا مراعي طبيعية للنحل حيث يعمد النحالون الى نقل خلايا النحل خلال فترة الارتحال الصيفي الى تلك الغابات التي تكون في هذه الفترة مزهرة خاصة اشجار اليوكالبتوز بكافة انواعها والتي تمثل مصدرا مهما لإنتاج نوعيات مميزة من العسل. ومن الجدير بالذكر ان محافظة ديالى زاخرة بالكثير من الغابات التي تصل مساحتها الى اكثر من (11000) كم2. الا ان تلك الغابات باتت تعاني الاهمال الطويل ويرجح معنيون انها قد تكون في طريقها الى الزوال بسبب تظافر عدة عوامل من بينها شح المياه والقطع الجائر الذي تعرضت له خلال العقود الماضية ولا سيما خلال فترة الحصار الدولي الذي تعرض له العراق قبل احتلاله من قبل القوات الامريكية .
شح المياه والاهمال يهددان غابات كنعان بالزوال
يقول موفق حميد كاظم وهو احد نحالي محافظة ديالى ان ناحية كنعان غنية بالكثير من الغابات حيث تمتد على مساحة تفوق 7200 كم مربع من اشجار الكالبتوز والاثل لكنها اصبحت اليوم تفتقر الى ابسط مظاهر الحياة حيث انها تعاني من الجفاف بنسبة 100% مضيفا ان النحالين يفتقدون هذه الثروة الغنية التي كانت تعد من المصادر الرئيسة لغذاء النحل مؤكدا ان الغابات ومنذ اكثر من سنة لم يتم شمولها بنظام السقي مضافا الى ذلك ان نسبة الامطار في هذا العام كانت متدنية جدا لا تفي بالغرض مما حرم مربي النحل من تلك المراعي وبالتالي انخفاض انتاج العسل بنسب كبيرة لينعكس كل ذلك على اقتصاديات المنطقة والبلد ولا سيما ان مادة العسل لها اهمية كبيرة في حياة الانسان من الناحيتين الصحية والغذائية.
تحذيرات من خلل بيئي في حال فقدان الحزام الاخضر
- واضاف شاكر محمود داود وهو عضو جمعية النحالين في ديالى، ان الاشجار بصورة عامة تعد رئة الارض حيث انها تقوم بعملية التبادل الغازي والتي بدورها تعمل على تنقية الجو من التلوث بالإضافة الى تنوع ثمارها كما انها مناطق سياحية تستقطب السياح من كافة انحاء العراق لذا يمكن استثمارها بطرق كثيرة لدعم الاقتصاد الوطني حيث يمكن استغلالها على شكل متنزهات او انشاء الفنادق السياحية فيها او تحويلها الى محميات طبيعية وما يميز غابات محافظة ديالى عن غيرها انها تقع في وسط مدينة بعقوبة وحولها بمسافة لا تزيد عن (20) كم لذا شدد داوود على ضرورة اعادة الحياة الى هذه الغابات وذلك باستخدام الطرق الحديثة في الري وهي طريقة الري بالتنقيط مؤكدا ان الغابات الواقعة شرق كنعان تعد مشروعا استراتيجيا مهما باعتباره الوحيد المتبقي في المحافظة من بين مساحات واسعة منها تمت ازالتها او هلكت بفعل عوامل المناخ او بسبب جفافها ومن الجدير بالذكر ان عددا كبيرا من الاشجار التي يزيد عمرها عن الثلاثين او الاربعين عاما يتم قطعها من قبل بعض المنتفعين وتحويلها الى وقود (فحم) لذا يقع على عاتق الجهات المسؤولة عن هذه الغابات بوضع قيود صارمة وفرض عقوبات على مرتكبي هذه التجاوزات.
مديرية زراعة ديالى تعزو سبب هلاك الغابات في ديالى الى اسباب عدة
- ويؤكد رئيس مهندسين اقدم حافظ عبد العزيز مدير قسم الانتاج النباتي في مديرية زراعة محافظة ديالى ان محافظة ديالى كانت من المحافظات الزراعية المتميزة بالحزام الاخضر حيث تحتوي على ثلاث غابات متميزة من ضمنها غابة الكاطون التي تصل مساحتها الى (1453) دونما تم تخصيص (400) دونم منها لإنشاء جامعة ديالى وتعرض ما تبقى الى القطع من قبل المواطنين خلال تسعينيات القرن الماضي والغابة الثانية هي غابة كنعان والتي تصل مساحتها الى (7200) دونم وتدار حاليا من قبل دائرة الغابات فرع ديالى التابع الى دائرة التصحر والغابات والثالثة هي غابة جلولاء وتصل مساحتها الى (1753) دونما تم تخصيص (400) دونم منها لإنشاء محطة بستنة نموذجية والتي تم بيعها في فترة الثمانينات الى جهات مختلفة وتضم محافظة ديالى غابات اخرى منها غابة بلدروز (1400) دونم وغابة إنجانة (400) دونم التي تمثل حزاما اخضر من جهة ناحية العظيم ومن الجدير بالذكر انها كانت مزروعة بأنواع كثيرة ومميزة من الاشجار وخاصة اشجار اليوكالبتوز والتي تمت زراعتها على شكل خطوط من بعقوبة الى بغداد والعظيم والمقدادية وخانقين وبلدروز والكثير من تلك المساحات الخضراء الواسعة تمت ازالتها وضعف الاهتمام بالمتبقي منها وذلك بسبب الظروف التي مرت بها المحافظة وتأثرها باستيلاء التنظيمات الارهابية على مصادر المياه في منطقة الصدور وحمرين مما ادى الى تدهور الغطاء الاخضر في عموم المحافظة مضافا الى ذلك ان التخطيط العمراني الجديد للمحافظة خصص مساحات واسعة من تلك الغابات لإنشاء مجمعات سكنية ومشاريع خدمية كما ان هناك مساحات واسعة منها تم استغلالها من قبل الجيش كمواقع عسكرية فيما اكد عبد العزيز ان المديرية تسعى الى اعادة الغابات الى ما كانت عليه وذلك بتخصيص مساحات جديدة من الاراضي بمساحات اصغر تتراوح بين (50-100 ) دونم لإنشاء غابات في مناطق مختلفة تابعة للمحافظة وذلك لمعالجة مشكلة التصحر والقضاء على ظاهرة العواصف الترابية ومشاكل التلوث ومشكلة الانجراف والتوازن البيئي .
مطالبات بتدخل عاجل لانقاذ ديالى من التصحر
-وشدد مواطنون في محافظة ديالى على ضرورة تقديم الدعم من قبل الحكومة المحلية لإنقاذ ما تبقى من الغابات وذلك بشمولها بمشاريع تنمية الاقاليم او دعم الشركة العامة للبستنة والغابات التابعة للحكومة المركزية مبدين استعدادهم لإدامة تلك الغابات وذلك من خلال حفر الابار واعادة الحياة الى هذه المساحات الخضراء الواسعة وذكر رئيس الجمعية المركزية للنحالين العراقيين علوان عبد الرزاق ان شكاوى عديدة وردت الى الجمعية من قبل النحالين تنذر عن خطرجفاف هذه الغابات التي تعد ومنذ زمن بعيد موطنا لخلايا النحل ومصدرا لغذائه في فترة الترحال الصيفي مؤكدين ان الماء تم قطعه عن الغابات منذ عامين اي بعد استيلاء داعش على مصادر المياه الامر الذي دفع اعضاء الجمعية الى التحري عن حقيقة الامر حيث وصف عبد الرزاق لمجلة ديالى بعد اطلاعه على الموقع ان العطش الذي اصاب الغابات بالدرجة الاولى اصاب النحل بالدرجة الثانية والذي سيؤدي الى هلاك النحل وهذا يعد خسارة كبيرة في الاقتصاد الوطني فقد تأثرت كل من الثروة النباتية والحيوانية من جراء شحة المياه وضعف الاهتمام الحكومي وانعدام الدعم المحلي والمركزي للحفاظ على هذه الثروات وقد شدد عبد الرزاق على ضرورة الاخذ بمطالبات المواطنين من قبل الجهات المعنية في اعادة الحياة الى الغابات والاستفادة من مبادراتهم واستعدادهم للشد على يد الحكومة في حفر الابار وادامة المساحات الخضر .