فضاءات

بعقوبة: "مدينة الكتب" تفتح أبوابها أمام عشاق المطالعة

كانت المقاهي البغدادية في السابق تمثل منتديات ثقافية وادبية. فكان "مقهى حسن عجمي" مكانا للقاء نخبة من ادباء العراق و"مقهى البرلمان" له نصيب منهم، فضلا عن "مقهى البرازيلية" الذي خرج منه عدد كبير من الشعراء والادباء، خاصة في فترة الاربعينيات والخمسينيات. ولكن للسنوات والظروف دور في اطفاء هذا الوهج الثقافي واندثاره. فقد تحول ما تبقى من تلك المقاهي الى أماكن تراثية تتغنى بالزمن الجميل وتستذكر ايامه الماضية وتلعن الحاضر على ما حل بالبلد من حروب ودماء شغلت الناس عن الثقافة والادب.
وبعد دخول الكافيهات الحديثة التي بدأ يرتادها الشباب تاركين تلك المقاهي التراثية للاجيال السابقة، تجلت ظاهرة جديدة ربما تعيد الى الاذهان عبق المقاهي الادبية السابقة. فبعض الكافيهات اصبحت ثقافية ايضا، وباتت تضم اضافة الى محتوياتها الاساسية، مكتبات متنوعة وتتحلى بالهدوء، وتقام فيها أمسيات ثقافية وجلسات حوارية. فبعد عدد من التجارب في هذا المضمار في بغداد وأربيل ومدن أخرى، بادر علي الطالب في كلية الزراعة وتيسير الطالبة في كلية الهندسة، وكلاهما من مدينة بعقوبة، إلى افتتاح اول كافيه ثقافي في المدينة، واختارا له اسم books town (مدينة الكتب)، في خطوة مهمة نحو انشاء مركز ثقافي حقيقي في المدينة.
ولا يخلو المشروع الذي أقيم في شارع الطابو في مركز المدينة، من مجازفات مالية، باعتبار ان محافظة ديالى تصنف من اقل محافظات البلاد اقبالا على القراءة، لكن المقهى شهد في أيامه الأولى إقبالا مميزا، رغم تزامن افتتاحه مع بداية الامتحانات النهائية للطلبة.
ويتيح المقهى لزبائنه متعة قراءة الكتب، ويوفر لهم اجواء هادئة للنقاشات والحوارات، اضافة إلى كونه مكانا مناسبا لكتابة البحوث وغيرها من المميزات التي تحتاج الى اجواء ثقافية حقيقية تفتقدها المحافظة.
علي وتيسير صاحبا هذه الفكرة والمشروع الشبابي الذي ابتدأ بصفحة الكترونية على "فيسبوك" لتوصيل الكتب إلى الزبائن بأسعار رمزية، ثم تطور عملهما نحو إقامة معارض للكتب في داخل جامعة ديالى قبل ان يقدما على هذه الخطوة، يطمحان اليوم الى مزيد من المشاريع التثقيفية الهادفة.
يقول علي انه "منذ الايام الاولى لدخولي عالم القراءة شغفت بالمطالعة والتشجيع عليها والترويج للكتب"، مبينا ان الكتب تباع في المقهى بأسعار شارع المتنبي، تضاف إليها نسبة بسيطة من الأرباح، الهدف منها إدامة المشروع والعمل على تطويره وإضافة أفكار جديدة إليه.
ولفت علي إلى ان الإقبال على المقهى جيد جدا، وان غالبية زواره من الشباب، موضحا ان أكثر الكتب التي تستقطب الشباب هي الكتب الأدبية، وبالأخص الروايات الحديثة.
وأبدى العديد من زوار المقهى سعادتهم وإعجابهم بأجوائه التي كانوا يفتقدونها، متمنين استمرار المشروع وتطويره.