ادب وفن

ذاكوراء .. / كاظم الحجاج

-
يعتقد أن حياة الانسان تعاد عليه كلّها سريعاً في آخر لحظاته قبل الموت–
لا تكتئبي ! ..
لن نبقى أطول ممّا مسموحٌ ، بعد كهولتنا – أنتِ وأنا - ..
فأنا خجلانٌ من أنْ أهرمَ ، حتى ( أخرَفَّ) ، كما يخرفُّ العالم
من حولي الآنَ ..
أنا يُبكيني فلمٌ – بالأبيض والأسود من أيام العشرينات؛ -
أفكّر في أطفال الفلم ، وقد ماتوا الآنَ !..
أنا أتمنّى أن أُحرقَ ، لا أدفنَ ، كي لا أتبقّى في الدودِ ..
أتدرينَ ؟.. تركت التدخينَ ، لأنّ هوائي قد صار دخاناً أيضاً ..
هل يمكن أن أحيا بين دخانينِ : هواءِ البصرة و .. النيكوتينَ ؟!
أنا . أيضاً قرّرتُ – ولكن ْ . في السِرّ – اذا ارتجفت كفّي يوماً
بالكأسِ .. أُطلَّقها ! أعني الخمرةَ ، لاكفّي !
وأنا حزنانٌ ؛ مذ مات صديقي في الاعدادية ، ( سنةِ الستينَ ..)
الى أن مات العالم ، كلُّ العالم ، من حولي الآنَ ..
أنا أرثي للأشياء جميعاً :
أرثي للكتب المهداةِ المنسيّةِ ، عمداً أو سهواً أو لهواً.. في الحاناتِ !
القاموس يُلفَّق أحياناً ؛ القاموس يسمّي الصحراواتِ ( بواديَ ..)
هل ( تبدو) صحراءٌ للعين ، لكي تدعى بادية ؟! ..
لا بأسَ . القاموس يسمّي سّراق الأوطان طوائفَ ، أو قومياتٍ ،
أو أحزاباً حتى ..! ويسمّي ( الاخوان) . أحقاً هم إخوان ؟!
السّراقُ الورعونَ ، اسمُ الله على الجبهات المدبوغة ( بالايمانِ) !
وإسم الله على المحبس في الخنصرِ ، والمحبس في السَبّابةِ
- من كثر السَبَّ ! - .. وإسم الله على السبحةِ ، إنْ كانت سوداءَ ،
سواد القلب . وإن كانت صفراء ، بلون الصحف الكذّابة ..
( عذراً ! جاءت قافيةٌ ، لم أقصدها ، بين السبّابة والكذّابةِ !) ..
في أيامي كان الدِيِنُ كذلكَ :
( اللهُ) بداخلنا ، لا فوق سماواتٍ سبعٍ ،
( الله ) ضميري وضميرك .
أن تؤمن يعني ألاّ تكذبَ ، يعني الاّ تنهبَ ؛
الاّ تنهبَ حتى بنتاً ، ممن يهواها !
في أيامي ما كنّا ننظر في أعين بنت يهواها صاحبنا !
في أيامي ما كنّا نتشهّى قمصاناً ، أو أربطةً .. بل كتباً !
والى أن مات صديقي في الاعدادية ،
لم أعرف ان كان مسيحياً ، او شيعيّاً ،
حتى أخذوه الى .. مقبرة الفقراءِ ..
أنا تمتمت رثاءً ، في الاعدادية ، من أجل صديقي :
(( نحن الفقراءْ . أجَّلْنا أكل التفاح الى الجنّة !))
لا تكتئبي !
إني أتعمّد أن أنسى شّعري الابيض في المرآة ،
لكي أبقى طفلاً يرضعُ ،
لكنْ .. في السبعين !
25/2/2015